أحكام القرآن (الجصاص)، ج ٥، ص : ٣٧٧
سورة إذا جاء نصر اللّه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ روى أنه فتح مكة وهذا يدل على أنها فتحت عنوة لأن إطلاق اللفظ يقتضيه ولا ينصرف إلى الصلح إلا بتقييد وقوله تعالى فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ
روى أبو الضحى عن مسروق عن عائشة قالت كان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي
يتأول القرآن وروى الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكثر أن يقول قبل أن يموت سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك وأتوب إليك قالت قلت يا رسول اللّه ما هذه الكلمات التي أراك قد أحدثتها قال جعلت لي علامة في أمتى إذا رأيتها قلتها إذا جاء نصر اللّه والفتح إلى آخرها
آخر السورة.
سورة تبت

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ روى عن ابن عباس وما كسب يعنى ولده وسماهم ابن عباس الكسب الخبيث وروى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إن أفضل ما أكل الرجل من كسبه وأن ولده من كسبه
قال أبو بكر هو
كقوله أنت ومالك لأبيك
وهو يدل على صحة استيلاد الأب لجارية ابنه وأنه مصدق عليه وتصير أم ولده ويدل على أن الوالد لا يقتل بولده لأنه سماه كسبا له كما لا يقاد لعبده الذي هو كسبه وقوله تعالى سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ إحدى الدلالات على صحة نبوة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لأنه أخبر بأنه وامرأته سيموتان على الكفر ولا يسلمان فوجد مخبره على ما أخبر به وقد كان هو وامرأته سمعا بهذه السورة ولذلك قالت امرأته إن محمدا هجانا فلو أنهما قالا قد أسلمنا وأظهرا ذلك وإن لم يعتقداه لكانا قد ردا هذا القول ولكان المشركون يجدون متعلقا ولكن اللّه علم أنهما لا يسلمان إلا بإظهاره ولا باعتقاده فأخبر بذلك وكان مخبره على ما أخبر به وهذا نظير قوله لو قال إنكما لا تتكلمان اليوم فلم يتكلما مع ارتفاع الموانع وصحة الآلة فيكون ذلك من أظهر الدلالات على صحة نبوته وإنما ذكر اللّه أبا لهب


الصفحة التالية
Icon