…………
الاختلاف في التفسير
حقيقته وأسبابه
د. وسيم فتح الله
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
فمما لا شك فيه أن علوم القرآن والتفسير من أشرف العلوم إن لم تكن أشرفها، ذلك أن مرادها التوصل إلى فهم أشرف كلام وأحسنه على الإطلاق، كلام الخالق سبحانه وتعالى إلى عباده وعبيده، ولقد أمرنا عز وجل بتدبر كتابه فقال :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"(١)، فكان الاشتغال بذلك من أفضل ما قُضيت فيه الأوقات وفنيت فيه الأعمار، وعليه فقد اخترت أن أتناول في هذا البحث مسألة الاختلاف في التفسير فأسأل الله تعالى التوفيق والسداد إنه أكرم مسؤول وخير مأمول.
تمهيد:
إن الناظر في علم التفسير وكتب التفسير ليقف على ما لا مفرَّ من الإقرار به ألا وهو وقوع الاختلاف في هذا التفسير، إذ أن وقوع الاختلاف في تفسير كتاب الله عز وجل حقيقة لا ينكرها إلا مكابر أو عديم الاطلاع على كتب التفسير والمفسرين، ولكن ما يهمنا في هذا المقام هو تحرير مسألة الاختلاف في التفسير هذه من جهتين، أولاهما هي كون هذا الاختلاف الواقع في التفسير حقيقياً أم متوهماٌ، وثانيهما هي كون هذا الاختلاف مطعناً في القرآن الكريم أم لا، ونحن نعلم جواب الجهة الثانية وهو السلب حتماً حيث قال تعالى :" أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً"(٢) ولما كان هذا الاختلاف الواقع في التفسير يمثل مورداً من موارد الشبهات التي يُلبِّس بها المغرضون على المسلمين ويثيرون الفتن من خلالها ويشككونهم في كتاب ربهم كان واجباً علينا تحرير هذه المسألة من أجل الرد على هؤلاء المغرضين حتى لا يفتتن بهم عامة المسلمين أو طلاب العلم ونحوه.

(١) سورة محمد - ٢٤
(٢) سورة النساء - ٨٢


الصفحة التالية
Icon