والظاهر أن الواو في ﴿وما تعبدون﴾ للعطف، عطفت ما تعبدون على الضمير في إنكم، وأن الضمير في عليه عائد على ما.
ومن مفعولة بفاتنين، فرغ له العامل إذ لم يكن بفاتنين مفعولاً.
يجوز أن تكون الواو في ﴿وما تعبدون﴾ بمعنى مع مثلها في قولهم: كل رجل وضيعته. فكما جاز السكوت على كل رجل وضيعته، جاز أن يسكت على قوله: ﴿فإنكم وما تعبدون﴾، لأن قوله: ﴿وما تعبدون﴾ ساد مسد الخبر، لأن معناه فإنكم مع ما تعبدون.
وقال الزمخشري: وما منا أحد إلا له مقام معلوم، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه، كقوله:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
بكفي كان من أرمي البشر
انتهى. وليس هذا من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، لأن أحداً المحذوف مبتدأ. وإلا له مقام معلوم خبره، ولأنه لا ينعقد كلام من قوله: وما منا أحد، فقوله: ﴿إلا له مقام معلوم﴾ هو محط الفائدة. وإن تخيل أن ﴿إلا له مقام معلوم﴾ في موضع الصفة، فقد نصوا على أن إلا لا تكون صفة إذا حذف موصوفها، وأنها فارقت غير إذا؛ كانت صفة في ذلك، ليتمكن غيره في الوصف وقلة تمكن إلا فيه، وجعل ذلك كقوله: أنا ابن جلا، أي اين رجل جلا؛ وبكفي كان، أي رجل كان، وهذا عند النحويين من أقبح الضرورات.
سورة ص
ثمان وثمانون آية وهي مكية
لات: هي لا، ألحقت بها التاء كما ألحقت في ثم ورب، فقالوا: ثمت وربت، وهي تعمل عمل ليس في مذهب سيبويه، وعمل إن في مذهب الأخفش. فإن ارتفع ما بعدها، فعلى الابتداء عنده؛ ولها أحكام ذكرت في علم النحو.
وقيل: انتصب على أنه مقسم به، حذف منه حرف القسم نحو قوله: ألله لأفعلن، وهو اسم للسورة، وامتنع من الصرف للعلمية والتأنيث، وقد صرفها من قرأ صاد بالجر والتنوين على تأويل الكتاب والتنزيل، وهو ابن أبي إسحاق في رواية. وقرأ الحسن أيضاً: صاد، بضم الدال، فإن كان اسماً للسورة، فخبر مبتدأ محذوف، أي هذه ص.