وجمع ابن جبير كتابا يذكر فيه الخمسة، وأسقط حمزة والكسائي وهو قبل ابن مجاهد. وجمع قوم الثمانية بزيادة يعقوب الحضرمي.
وقيل: جعلها ابن مجاهد سبعة على عدة المصاحف التي كتبها عثمان والأول أصح.
والصحيح أن المصاحف العثمانية خمسة. ذكره مكي في الإبانة والنووي في التبيان.
ولم يكتبها عثمان بيده؛ وإنما كتبت بأمره. ذكره غير واحد والمشهور أن عثمان - رضوان الله عليه - كتب مصحفا واحدا، والأرجح أنه في المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
مسألة
ذهب قوم من الفقهاء، والمتكلمين والقراء إلى اشتمال المصحف العثماني على الأحرف السبعة وهو قول القاضي أبي بكر بناء على امتناع إهمال شيء من الأحرف على الأمة، وقد اتفقت على نقل المصحف العثماني وترك غيره.
قال هؤلاء: ولا يجوز أن ينهى عن بعض الأحرف السبعة التي أذن فيها الشارع صلى الله عليه وسلم.
والأول أظهر إذ لو جعله مشتملا على الأحرف السبعة لم يزل الخلف؛ ومقصوده بجمعه إزالته.
وجرده عن النقط والضبط لئلا يتحجر على حرف بعينه.
وأجاب ابن جرير الطبري عن قول القاضي وموافقيه أن الأمة لم تكلف القراءة بالسبعة وإنما رخص لهم في ذلك؛ وكذلك قال رسول الله - ﷺ - في بعض ألفاظ خبر السبعة: )هون على أمتي(. ولا يجب الإتيان بالرخص.
مسألة
ترتيب السور فعل الصحابة على الأصح والآيات بالوحي عن الجمهور، وحكي عليه الإجماع وحكى القرطبي قولين. وكذلك اختلفت المصاحف في ترتيب السور دون الآي.
فصل: ما لا يثبت كونه من الأحرف السبعة لا يجب القطع بنفيه خلافا لبعض المتكلمين.
وقد قطع الإمام أبوبكر بخطأ الشافعي، وموافقيه في إثبات البسملة )أنها من القرآن غير التي في النمل(. قال بعض المتأخرين: والصواب القطع بخطأ القاضي، وموافقيه، وأنها آية من القرآن حيث أثبتها الصحابة - رضي الله عنهم - مع تجريد المصاحف عن التفسير، ونحوه مما ليس قرآنا.
فصل
الاختلاف بين القراء
فيما يحتمله الرسم على ضربين مختلف في السمع مؤتلف في المعنى كتثليث جيم )جُذوة( ومختلف فيهما )كيَنشُرُكٌم( و )يسَيِّرُكُم(. قال مكي: )وسبب الخلاف أن عرف الصحابة عدم إنكار كل منهم على الآخر بعد قوله: - ﷺ )أنزل القرآن على سبعة أحرف(.
وبعث صلى الله لعيه وسلم بعضهم إلى الامصار، فأقرأ كل منهم أهل مصره بقراءته التي كان يقرأ بها في عهد رسول الله - ﷺ - فاختلف قراء الامصار لاختلاف من أقرأهم من الصحابة ثم بعث عثمان المصاحف فحفظوا ما وافق رسمه، ورفضوا ما خالفه، وأخذ بذلك الآخر عن الغابر. والله أعلم.
قال نافع: قرأت على سبعين من التابعين فما اجتمع عليه اثنان أخذته، وما شك به واحد تركته حتى ألفت هذه القراءة. وقرأ الكسائي على حمزة وغيره، فاختار من قراءة غيره نحوا من ثلاثمائة حرف، وكذا أبو عمرو على ابن كثير، وخالفه في نحو ثلاثة آلاف حرف اختارها من قراءة غيره.
فصل
اختلف فيمن جمع القرآن
في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقيل: أربعة، وقيل: ستة وقيل: خمسة؛ فعد المربعون أبيا، ومعاذا، وزيد بن ثابت، وأبا زيد وهو قول أنس. فقيل: من أبو زيد قال بعض عمومتي. وعد بعضهم مجمع بن جارية وسالما مولى أبي حذيفة وترك زيدا، وأبا زيد وعثمان، وتميما الداري. وعد بعضهم أبا الدرداء مكان تميم. وحكى ابن عيينة عن الشعبي أنه قال: لم يقرأ القرآن على عهد رسول الله - ﷺ - إلا ستة كلهم من الأنصار: أُبي، ومعاذ، وأبو الدرداء، وسعد بن عبيد القاري وأبوزيد، وزيد. فقيل هو ابن ثابت، وقيل: لا. والأول أظهر.
وقال الشعبي: غلب زيد بن ثابت الناس بالقرآن، والفرائض.
وقيل: أول من حفظ القرآن على عهد رسول الله - ﷺ - من الأنصار سعد بن عبيد، ومن الخزرج أبي ومعاذ، والخلاف في غيرهما والجمهور على عثمان وزيد وتميم.