سورة السجدة ( فصلت )

بسم الله الرحمن الرحيم

قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد :"أَتَيْنَا طَائِعِين١".
قال أبو الفتح : ينبغي أن يكون "آتينا" هنا فاعلنا، كقولك : سارعنا وسابقنا، ولا يكون أفعلنا؛ لأن ذلك متعد إلى مفعولين، وفاعلنا متعد إلى مفعول [١٤٣و] واحد. وحذف الواحد أسهل من حذف الاثنين؛ لأنه كلما قل الحذف كان أمثل من كثرته. نعم، ولما في سارعنا من معنى أسرعنا. ومثل "آتينا" في أنه فاعلنا لا أفعلنا القراءة الأخرى :"وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا٢"، أي : سارعنا بها، وقد تقدم ذكره.
ومن ذلك قراءة الحسن وعمرو بن عبيد وموسى الأسواري :"وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا"، بضم الياء - "فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ٣"، بكسر التاء.
قال أبو الفتح : أي لو استعتبوا لما أعتبوا، كقولك : لو استعطفوا لما عطفوا؛ لأنه لا غناء عندهم، ولا خير فيهم، فيجيبوا إلى جميل، أو يدعوا إلى حسن. وإذا جاز للشاعر أن يقول :
لها حافر مثل قعب الوليد تتخذ الفار فيه مغارا٤
ومعناه : لو اتخذت فيه مغارا لوسعها - جاز أيضا أن يقال :"وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا"؛ لأن الشرط ليس بصريح إيجاب، ولا بد فيه من معنى الشك. وتتخذ الغار فيه لفظ التصريح به٥، وهو
١ سورة السجدة : ١١.
٢ سورة الأنبياء : ٤٧.
٣ سورة السجدة : ٢٤.
٤ سبق في الصفحة ٩٣ من الجزء الأول غير معزو إلى قائله، ونذكر هنا أنه لابن الخرع. وانظر كامل المبرد : ٢ : ٩٨.
٥ به، أي : الإيجاب.


الصفحة التالية
Icon