سورة الجاثية :

بسم الله الرحمن الرحيم

قراءة ابن عباس وعبد الله بن عمرو الجحدري وعبد الله بن عبيد بن عمير :"جَمِيعًا مِنَّةً١"، منصوبة، منونة.
وقرأ :"جَمِيعًا مِنُّةً" - سلمة - فيما حكاه ورويته عنه - أبو حاتم.
قال أبو الفتح : أما "منة" فمنصوب على المصدر بما دل عليه قوله "تعالى" :﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾؛ لأن ذلك منه "عز اسمه" منة منها عليهم، فكأنه قال : من عليهم منة. ومن نصب وميض البرق من قولهم : تبسمت وميض البرق بنفس تبسمت، لكونه في معنى أومضت - نصب أيضا "منة" بنفس سخر لكم، على ما مضى.
وأما "منة" بالرفع فحمله أبو حاتم على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي : ذلك، أو هو "منة"، كذا قال. ويجوز أيضا عندي أن يكون مرفوعا بفعله هذا الظاهر، أي : سخر لكم ذلك "منة" كقولك : أحياني إقبالك علي، وسدد أمري حسن رأيك في؛ فتعمل فيه هذا اللفظ الظاهر، ولا تحتاج إلى إبعاد التناول واعتقاده ما ليس بظاهر.
ومن ذلك قراءة يعقوب :"كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى٢"، بفتح اللام.
قال أبو الفتح :"كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى" بدل من قوله :﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾. وجاز إبدال الثانية من الأولى لما في الثانية من الإيضاح الذي ليس في الأولى؛ لأن جثوها ليس فيه شيء من شرح حال الجثو. والثانية فيها ذكر السبب الداعي إلى جثوها، وهو استدعاؤها إلى ما في
١ سورة الجاثية : ١٣، والآية بتمامها :﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
٢ سورة الجاثية : ٢٨.


الصفحة التالية
Icon