سورة الجمعة :

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأ ابن يعمر وابن إسحاق :"فَتَمَنَّوُا الْمَوْت١"، بالكسر.
قال أبو الفتح : قد سبق القول على هذا فيما مضى٢، فأغنى عنه هنا.
ومن ذلك قراءة علي "عليه السلام" وعمر "صلوات الله عليه" وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وابن عمر وابن الزبير "رضي الله عنهم" وأبي العالية والسلمي ومسروق طاوس٣ وسالم بن عبد الله٤ وطلحة، بخلاف :" فامضوا ذِكْرِ اللَّه٥".
قال أبو الفتح : في هذه القراءة تفسير للقراءة العامة :﴿فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾، أي : فاقصدوا، وتوجهوا. وليس فيه دليل على الإسراع، وإنما الغرض المضي إليها، كقراءة من ذكرنا.
قراءة الحسن :"اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً".
قال أبو الفتح : هذا على حذف المضاف، أي : اتخذوا إظهار إيمانهم جنة، وقد مضى ذكر ذلك٦.
ومن ذلك قراءة أبي جعفر :"آسْتَغْفَرْت"، بالمد.
وروى عنه :"اسْتَغْفَرْت"، بالوصل.
قال أبو الفتح : هاتان القراءتان كلتاهما مضعوفتان.
أما "آسْتَغْفَرْت"، بالمد فأنه أثبت همزة الوصل، وقد استغنى عنها بهمزة الاستفهام من قبلها، وليس كذلك طريق العربية. ألا ترى إلى قول ذي الرمة :
أستحدث الركب عن أشياعهم خبرا أم عاود القلب من أطرابه طرب٧
وأما "استغفرت"، بالوصل ففي الطرف الآخر من الضعف، وذلك أنه حذف همزة الاستفهام، وهو يريدها. وهذا مما يختص بالتجوز فيه الشعر، لا القرآن، نحو قوله :[١٥٩و]
لعمرك ما أدري وإن كنت داريا شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر٨
١ سورة الجمعة : ٦.
٢ انظر الصفحة ٥٤ من الجزء الأول.
٣ هو طاوس بن كيسان أبو عبد الرحمن اليماني التابعي الكبير المشهور. وردت عنه الرواية في حروف القرآن. أخذ القرآن عن ابن عباس، ومات بمكة قبل التروية بيوم سنة ١٠٦ طبقات ابن الجزري : ١ : ٣٤١.
٤ هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، أبو عمر، ويقال : أبو عبد الله، أحد الفقهاء السبعة. وردت عنه الرواية في حروف القرآن، ومات سنة ١٠٦ على الصحيح. طبقات ابن الجزري : ١ : ٣٠١.
٥ سورة الجمعة : ٩.
٦ انظر الصفحة : ٣١٥ من هذا الجزء.
٧ انظر الديوان : ١، وفيه "راجع" مكان "عاود".
٨ انظر الصفحة ٥٠ من الجزء الأول.


الصفحة التالية
Icon