سورة عبس :

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأ :"آنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى١"، بالمد - الحسن.
قال أبو الفتح :"أن معلقة بفعل محذوف دل عليه قوله "تعالى" :﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾، تقديره : أأن جاءه الأعمى أعرض عنه، وتولى بوجهه؟ فالوقف إذا على قوله :"وتولى"، ثم استأنف لفظ الاستفهام منكرا للحال، فكأنه قال : ألأن جاءه الأعمى كان ذلك منه؟
وأما "أن" على القراءة العامة فمنصوبة بـ"تولى" : لأنه الفعل الأقرب منه، فكأنه قال : تولى لمجيء الأعمى ومن أعمل الأول٢ نصب "أن" بـ"عبس"، فكأنه قال : عبس أن جاءه الأعمى، وتولى لذلك، فحذف مفعول "تولى" كما تقول : ضربت فأوجعته زيدا، إذا أعملت الأول، وإن شئت لم تأت بمفعول أوجعت [١٦٥و] فقلت : ضربت فأوجعت زيدا، أي وأنت تريد أوجعته، إلا أنك حذفته تخفيفا، وللعلم به، والوجه إعمال الثاني؛ لقربه. فأما أن تنصبه بمجموع الفعلين فلا، وهذا واضح.
ومن ذلك قراءة أبي جعفر :"فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى٣"، بضم التاء، وتخفيف الصاد.
قال أبو الفتح : معنى "تصدى"، أي : يدعوك داع من زينة الدنيا وشارتها إلى التصدي له، والإقبال عليه.
وعلى ذلك قراءته أيضا :"فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى٤"، أي : تصرف عنه، ويزوى وجهك
١ سورة عبس : ٢.
٢ أي من الفعلين المتنازعين :"عبس، وتولى".
٣ سورة عبس : ٦.
٤ سورة عبس : ١٠.


الصفحة التالية
Icon