سورة البلد :

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأ الحسن :"لأُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَد"، بغير ألف.
قال أبو الفتح : قد مضى مثل هذا١.
وقرأ أبو جعفر :"مَالًا لُبَدًا".
قال أبو الفتح : يكون بلفظ الواحد زمل وجباء، ويكون جمع لا بد، كقائم وقوم، وصائم وصوم، وقد تقدم ذكره٢.
ومن ذلك قراءة الأعمش :"أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَد٥"، ساكنة الهاء.
قال أبو الفتح : قد سبق القول على سكون هذه الهاء فيما مضى٣.
ومن ذلك قرأ :"فِي يَوْمٍ ذِا مَسْغَبَةٍ٤" - الحسن وأبو رجاء.
قال أبو الفتح : هو منصوب، ويحتمل نصبه أمرين :
أظهرهما أن يكون مفعول "إطعام"، أي : وأن تطعموا ذا مسغبة، "ويتيما" بدل منه، كقولك : رأيت كريما رجلا. ويجوز أن يكون يتيما وصفا لذا مسغبة، كقولك : رأيت كريما عاقلا، وجاز وصف الصفة الذي هو كريم؛ لأنه لما لم يجز على موصوف أشبه الاسم، كقولك الأعشى :
وبيداء تحسب آرامها رجال إباد بأجيادها٥
فقوله :"تحسب" صفة لبيداء، وإن كانت في الأصل صفة. وكذلك قول رؤبة :
وقاتم الأعماق خاوي المخترق٦
فقوله : خاوي المخترق صفة لقوله : قاتم الأعماق، وهو صفة لموصوف محذوف، أي : وبلد قاتم قاتم الأعماق، كما أن قوله :"وبيداء، ورب بيداء، ورب بلدة بيداء. فاعرف ذلك، فهذا أحد وجهي قوله :"ذِا مَسْغَبَةٍ".
والآخر أن يكون أيضا صفة، إلا أنه صفة لموضع الجار والمجرور جميعا، وذلك أن قوله ﴿فِي يَوْمٍ﴾ ظرف، وهو منصوب الموضع، فيكون وصفا له على معناه دون لفظه، كما جاز أن يعطف عليه في معناه دون لفظه في قوله :
ألا حي ندماني عمير بن عامر إذا ما تلاقينا من اليوم أوغدا ٧و]
١ نظر الصفحة ٣٤١ من هذا الجزء.
٢ انظر الصفحة ٣٣٤ من هذا الجزء.
٣ انظر الصفحة ٢٤٤، والصفحة ٣٢٣ من الجزء الأول.
٤ سورة البلد : ١٤.
٥ من قصيدة في مدح سلامة ذي فائش بن يزيد الحميري. ويروى "بأجلادها" مكان "بأجيادها". والآرام : حجارة تنصب في الصحراء ليهتدي بها المسافر. وأجلاد الإنسان : جسمه وبدنه، وخص أيادا بالذكر لأنها توصف بضخامة الأجسام. وانظر ديوان الشاعر : ٧١.
٦ انظر الصفحة ٨٦ من الجزء الأول.
٧ البيت لكعب بن جعيل، كما في الكتاب ١ : ٣٤.


الصفحة التالية
Icon