سورة التكاثر :

بسم الله الرحمن الرحيم

روى عن الحسن وأبي عمرو - واختلف عنهما - أنهما همز "لَتَرَؤنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَؤنَّهَا".
قال أبو الفتح : هذا على إجراء غير اللازم مجرى اللازم، وله باب في كتابنا الخصائص١، غير أنه ضعيف مرذول. وذلك أن الحركة فيه لالتقاء الساكنين، وقد كررنا في كلامنا أن أعراض التقاء الساكنين غي محفول بها، هذا إذا كانا في كلمتين، إلا أن الساكنين هنا مما هو جار مجرى الكلمة الواحدة.
ألا ترى أن النون تبنى مع الفعل كخمسة عشر، وذلك في قولك : لأفعلن كذا؟ فمن ههنا ضارعت حركة نون أين، وفاء كيف، وسين أمس، وهمزة هؤلاء، وذال منذ. وكل واحدة من هذه الحركات معتدة، وإن كانت لالتقاء الساكنين.
ألا ترى أنهم احتسبوها، وأثبتوها، وجعلوا ما هي فيه مبنيا عليها؟ وهذه الحركات - لما ذكرنا من كونها في كلمة واحدة - أقوى من حركات التقائهما في المنفصلين.
ألا ترى إلى إجتماعهم على أنه لم يبن فعل على الكسر، هذا مع كثرة ما جاء عنهم من نحو "قُمِ اللَّيْل١" و"قُلِ اللَّهُم"، وقول الشاعر :
زيادتنا نعمان لا تحرمننا تق الله فينا والكتاب الذي تتلو٣
وسبب ترك اعتدادهم بها كون الساكنين من كلمتين، وكذلك أيضا قولهم : لا ضم في الفعل، وقد قرئ :"قُمِ اللَّيْل٤"، وهذا واضح. فإذا ثبت بذلك الفرق بين حركتي التقاء الساكنين وهما متصلان وبينهما وهما منفصلان سكنت إلى همز الواو من قوله :﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم﴾ و﴿لَتَرَوُنَّهَا﴾، فاعرف ذلك؛ فإن جميع أصحابنا تلقوا همزة هذه الواو بالفساد، وجمعوا بينها وبين همز الواو من قوله :"اشْتَرَءوُا الضَّلالَة٥" فيمن همز الواو، وهذه لعمري قبيحة؛ [١٦٨ظ] لأن الساكنين من كلمتين، فلذلك فرق ما بين الموضعين.
سورة والعصر :
لا شيء فيها
سورة الهمزة :
مثله
١ الخصائص : ٣ : ٨٧.
٢ سورة المزمل : ٢، والقراءة بالفتح لطلب الخفة كما في البحر : ٨ : ٣٦٠.
٣ لعبد الله بن همامخ السلولي، وبعده :
أيثبت ما زدتم وتلقى زيادتي دمي أن أسيغت هذه لكم بسل
بسل : حلال، وهي أيضا الحرام، للواحد والجمع والمذكر والمؤنث. ويروى "تنسينها" مكان "تحرمننا"، و"خف" مكان "تق"، ويروى
.. لا تنسيها اتـ ـق الله فينا..
وانظر النوادر : ٤، والخصائص ٢ : ٢٨٦، ٣ : ٨٩، واللسان "وقى"، و"بسل".
٤ هي قراءة أبي السمال، وضمت الميم اتباعا لحركة القاف. وانظر البحر ٨ : ٣٦٠.
٥ سورة البقرة : ١٦.


الصفحة التالية
Icon