والذي أختاره في هذه الجمل أنه أولاً: نفى عبادته في المستقبل، لأن لا الغالب أنها تنفي المستقبل، قيل: ثم عطف عليه ﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾ نفياً للمستقبل على سبيل المقابلة؛ ثم قال: ﴿ولا أنا عابد ما عبدتم﴾ نفياً للحال، لأن اسم الفاعل العامل الحقيقة فيه دلالته على الحال؛ ثم عطف عليه ﴿ولا أنتم عابدون ما أعبد﴾ نفياً للحال على سبيل المقابلة، فانتظم المعنى أنه صلى الله عليه وسلّملا يعبد ما يعبدون، لا حالاً ولا مستقبلاً، وهم كذلك، إذ قد حتم الله موافاتهم على الكفر. ولما قال: ﴿لا أعبد ما تعبدون﴾، فأطلق ما على الأصنام، قابل الكلام بما في قوله: ﴿ما أعبد﴾، وإن كانت يراد بها الله تعالى، لأن المقابلة يسوغ فيها ما لا يسوغ مع الانفراد، وهذا على مذهب من يقول: إن ما لا تقع على آحاد من يعلم. أما من جوّز ذلك، وهو منسوب إلى سيبويه، فلا يحتاج إلى استعذار بالتقابل. وقيل: ما مصدرية في قوله: ﴿ما أعبد﴾. وقيل: فيها جميعها.
سورة النصر
ثلاث آيات مدنية
قال الزمخشري: إذا منصوب بسبح، وهو لما يستقبل، والإعلام بذلك قبل كونه من أعلام النبوة، انتهى. وكذا قال الحوفي، ولا يصح إعمال ﴿فسيح﴾ في ﴿إذا﴾ لأجل الفاء، لأن الفاء في جواب الشرط لا يتسلط الفعل الذي بعدها على اسم الشرط، فلا تعمل فيه، بل العامل في إذا الفعل الذي بعدها على الصحيح المنصور في علم العربية، وقد استدللنا على ذلك في شرح التسهيل وغيره، وإن كان المشهور غيره.