ص : ٦٩٥
من سورة الحجرات
قال اللّه تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨)
اشتملت سورة الحجرات على إرشاد المؤمنين إلى مكارم الأخلاق، وبيّنت لهم أقوم الطرق التي يسلكونها في حياتهم الدنيا، وخير المناهج التي ينتهجونها في معاملتهم، فبيّنت لهم أنواعا من الأدب، تختلف باختلاف من تكون المعاملة معه.
وذلك أنه إمّا أن تكون المعاملة : مع اللّه تعالى، أو مع الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، أو مع غيرهم من بني آدم وهؤلاء على قسمين، لأنهم إما مؤمنين ملتزمين الطاعة، أو خارجين عن حدودها وهؤلاء هم الفاسقون. والمؤمن الذي التزم حدود الطاعة إما أن يكون حاضرا أو غائبا، فهذه خمسة أصناف.
وقد جاء خطاب المؤمنين ب (يا أيها الذين آمنوا) في هذه السورة خمس مرات، بيّن تعالى في كلّ مرّة مكرمة تتناسب مع من تكون المعاملة معه.
- فقال في جانب اللّه تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وذكر الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم إنما جيء به هنا لأنه الذي يوضّح طريق طاعة اللّه تعالى.
- وقال في جانب المعاملة مع الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ.
- وقال في جانب المؤمن الخارج عن حدود الطاعة (الفاسق) : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا.
- وقال في جانب المعاملة مع المؤمنين الحاضرين : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ.
- وقال في جانب الغائب : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ.