ص : ٧٥٦
من سورة الممتحنة
قال اللّه تعالى : لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩)
واختلف العلماء في المراد من الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فذهب بعضهم إلى أنّهم مؤمنون، قعدوا عن الهجرة ضعفا منهم عن القيام بها. وقيل : بل هم مؤمنون من مكة، أقاموا بين الكفرة، وتركوا الهجرة مع القدرة، وزاد مجاهد على أن المهاجرين والأنصار كانوا يريدون برّ هؤلاء القاعدين عن الهجرة، ولكنهم تحرّجوا من برهم، لتركهم فرض الهجرة.
وعلى هذين القولين تكون الآية باقية الحكم، وأنّه ليس ما يمنع المسلمين في دار الإسلام من بر إخوانهم المسلمين الذين بقوا في دار الحرب.
وقال بعضهم : إنّ المراد النساء والصبيان من الكفرة، الذين لا يقاتلون، وهو مروي عن عبد اللّه بن الزبير.
وقال الحسن : هم قوم من خزاعة وبني الحرث بن كعب، وكنانة، ومزينة :
كانوا صالحوا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم على ألا يقاتلوه، ولا يعينوا عليه، وعليه فالآية خاصة بعدم النهي عن برّ من بينه وبين المسلمين عهد، وهي باقية الحكم.
وقد أخرج البخاريّ وأحمد «١»
، وجماعة أنها في أم أسماء بنت أبي بكر، وكانت قد قدمت على بنتها أسماء بهدية، وهي مشركة، وقيل : بل جاءت تطلب صلتها، فأبت أسماء أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها، حتّى أرسلت إلى عائشة رضي اللّه عنها لتسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن هذا، فسألته، فأنزل اللّه قوله تعالى : لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ الآية.
قال الآلوسي : والأكثر على أنها في كفرة اتصفوا بما في حيز الصلة، سواء في