سورة لقمان
[ ١ ] « طاعة الوالدين » أو « بر الوالدين »
التحليل اللفظي
﴿ الحكمة ﴾ : الإصابة في القول والعمل. وأصل الحكمة : وضع الشيء في موضعه قال تعالى :﴿ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾ [ البقرة : ٢٦٩ ].
قال الرازي : الحكمة عبارة عن التوفيق بين العلم والعمل، فكلّ من أوتي توفيق العلم بالعمل فقد أوتي الحكمة.
وفي « اللسان » : أحكم الأمر : أتقنه، ويقال للرجل إذا كان حكيماً : قد أحكمته التجارب، والحكيم : المتقن للأمور. وقد كان لقمان حكيماً على الرأي الراجح ولم يكن نبياً.
﴿ غَنِيٌّ ﴾ : مستغنٍ عن الخلق ليس بحاجة إلى أحد، والعبادُ محتاجون إليه جلّ وعلا ﴿ ياأيها الناس أَنتُمُ الفقرآء إِلَى الله والله هُوَ الغني الحميد ﴾ [ فاطر : ١٥ ].
﴿ حَمِيدٌ ﴾ : فعيل بمعنى ( مفعول ) أي محمود يحمده أهل السماء وأهل الأرض.
قال أبو السعود :( حميد ) أي حقيق بالحمد وإن لم يحمده أحد، والمعنى أنه تعالى مستحق للحمد سواء شكره الناس أو لم يشكروه.
﴿ يَعِظُهُ ﴾ : العظة والموعظة بمعنى ( النصيحة ) و ( الإرشاد ) بالأسلوب الحكيم ﴿ ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة ﴾ [ النحل : ١٢٥ ]. وفي حديث العرباض بن ساريه ( خطبنا رسول الله ﷺ بموعظةٍ ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب.... ).
﴿ وَهْناً ﴾ : مصدر وَهَن بمعنى ضعف، والوهن الضعف، وفي التنزيل ﴿ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ العظم مِنِّي ﴾ [ مريم : ٤ ].
قال الزجّاج :( وهناً على وهنٍ ) أي ضعفاً على ضعف، والمعنى : لزمها بحملها إيّاه أن تضعف مرة بعد مرة، فلا يزل ضعفها يتزايد من حين الحمل إلى الولادة، لأن الحمل كلما عظم ازدادت به ثقلاً وضعفاً. ثم هي في أصل خلقتها ضعيفة البنية والحمل يزيدها ضعفاً.
﴿ وفصاله ﴾ : فطامه، والفِصال : يراد منه ترك الإرضاع، وهو لفظ يستعمل في الرضاع خاصة، وأما الفصل فهو أعمّ منه، لأنه يستعمل في الرضاع وغيره، وقيل : هما بمعنى واحد.
قال في « اللسان » : والفصال : الفطام، قال تعالى :﴿ وَحَمْلُهُ وفصاله ثلاثون شَهْراً ﴾ [ الأحقاف : ١٥ ].
وفصلت المرأة ولدها أي فطمته، وفي الحديث ( لا رضاع بعد فصال ) قال ابن الأثير : أي بعد أن يفصل الولد عن أمه، وبه سُمّي الفصيل من أولاد الإبل، فعيل بمعنى مفعول.
ومعنى الآية : أي فطامه يتم في انقضاء عامين.
﴿ المصير ﴾ : المرجع والمآب قال تعالى :﴿ وَإِلَيْهِ المصير ﴾ [ المائدة : ١٨ ] أي الرجوع والمآب، وصِرْت إلى فلان مصيراً، قال الجوهري : وهو شاذ والقياس مَصَار مثل معاش، وفي كلام الفَزَاري لعمه ( ابن عنقاء ) : ما الذي أصارك إلى ما أرى يا عم؟ قال : بخلك بمالك، وبخل غيرك من أمثالك، وصوني أنا وجهي عن مثلهم وتسآلك!
﴿ جاهداك ﴾ : أي بذلا أقصى ما في وسعهما من أجل حملك على الإشراك بالله، يقال : جاهد أي بذل جهده قال تعالى :


الصفحة التالية
Icon