لمعرفة أسباب النزول فوائد واخطأ من قال لا فائدة له لجريانه مجرى التاريخ ومن فوائد الوقوف على المعنى أو إزالة الأشكال قال الواحدي : لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان سبب نزولها وقال أبن دقيق العيد : بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن وقال ابن تيميه : معرفة أسباب النزول يعيب على فهم الآية فإن العلم في السبب يورث العلم في المسبب وقد أشكل على جماعة من السلف معاني آية حتى وقف على أسباب نزولها فزل عنهم الإشكال وقد بسطت أمثلة ذلك في النوع التاسع من كتاب الإتقان في علوم القرآن وذكرت لها فوائد أخرى من مباحث وتحقيقات لا يحتملها هذا الكتاب قال الواحدي : ولا يحل القول في أسباب النزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وقد قال محمد بن سيرين : سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال : أتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن وقال غيره : معرفة أسباب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا وربما لم يجزم بعضهم فقال : أحسب هذه الآية نزلت كما قال الزبير في قوله تعالى ﴿ فلا وربك لا يؤمنون ﴾ وقال الحاكم في علوم الحديث إذا أخبر الصحابي الذي شهد التنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند ومشى على هذا أبن الصلاح وغيره ومثلوه بما أخرجه مسلم عن جابر قال كانت اليهود تقول من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله :﴿ نساؤكم حرث لكم ﴾ الآية وقال ابن تيميه قولهم نزلت الآية في كذا يراد به تارة أنها سبب النزول ويراد بها تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب كما نقول : عني بهذا الآية كذا وقد تنازع العلماء في قول الصحابي : نزلت هذه الآية في كذا هل يجري مجرى التفسير منه الذي ليس مسند ؟ فالبخاري يدخله في المسند وغيره لا يدخله فيه واكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند احمد وغيره بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند انتهى وقال الزركشي في البرهان : قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال : نزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد في ذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع قلت : والذي يتحرر في سبب النزول أنه مت نزلت الآية أيام وقوعه ليجرح ما ذكره الواحدي في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شئ بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية كذكر قصة نوح وعاد وثمود ناء البيت ونحو ذلك وكذلك ذكره في قوله ﴿ واتخذ الله إبراهيم خليلا ﴾ ن وسبب اتخاذه خليلا فليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى


الصفحة التالية
Icon