أخرج الفرياني وابن جرير عن مجاهد قال أربع آيات من أول البقرة نزلت في المؤمنين وآيتان في الكافرين وثلاث عشرة آية في المنافقين ( ك ) وأخرج ابن جرير من طريق ابن اسحق عن محمد بن عكرمة عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس في قوله :﴿ إن الذين كفروا ﴾ الآيتين أنهما نزلتا في يهود المدينة ( ك ) وأخرج عن الربيع بن أنس قال : آيتان نزلتا في قتال الأحزاب ﴿ إن الذين كفروا سواء عليهم ﴾ إلى قوله ﴿ ولهم عذاب عظيم ﴾
قوله تعالي :﴿ وإذا لقوا الذين آمنوا ﴾ أخرج الواحدي والثعلبي من طريق محمد بن مروان و السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في عبدالله بن آبى وأصحابه وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال عبدالله ا بن آبي : انظروا كيف أرد عنكم هؤلاء السفهاء فذهب فأخذ بيد أبي بكر فقال : مرحبا بالصديق سيد بني تيم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد عمر : فقال مرحبا بسيد بني كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد علي فقال مرحبا بابن عم الرسول وختنه سيد بني هاشم ما خر رسول الله ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثنوا عليه خيرا فرجع المسلمون إلى النبي صلى الله عليه و سلم وأخبروه بذلك فنزلت هذه الآية هذا الإسناد واه جدا فإن السدي الصغير كذاب وكذا الكلبي وأبو صالح ضعيف
قوله تعالى ﴿ أو كصيب ﴾ الآية ( ك ) أخراج ابن جرير من طريق السدي الكبير عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله إلى المشركين فأصابهم هذا المطر الذي ذكر الله فيه رعد شديد وصواعق وبرق جعلا كلما أصابهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذنهما من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما وإذا لمع البرق مشيا إلى ضوئه وإذا لم يلمع لم يبصرا فآتيا مكانهما يمشيان فجعلا يقولان : ليتنا قد أصبحنا فنأتي محمدا فنضع أيدينا في يده فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده وحسن إسلامهما فضرب الله شأن هدين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة وكان المنافقين إذا حضروا مجلس رسول ا النبي صلى الله عليه و سلم جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقا من كلام رسول الله أن ينزل فيه شيء أو يذكروا في شيء فيقتلوا كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في أذنهما - وإذا أضاء لهم مشوا فيه - فإذا كثرت أموالهم وولدهم وأصابوا غنيمة أو فتحا مشوا فيه وقالوا : إن دين محمد حينئذ صدق واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهما البرق - وإذا اظلم عليهم قاموا - وكانوا إذا هلكت أموالهم وولدهم أصابهم البلاء قالوا هذا من أجل دين محمد وارتدوا كفارا كما قال ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما
قوله تعالى ﴿ إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ﴾ الآية ( ك ) أخرج ابن جرير عن السدي بأسانيده : لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين قوله :﴿ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ﴾ وقوله ﴿ أو كصيب من السماء ﴾ قال المنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال فأنزل الله ﴿ إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ﴾ إلى قوله تعالى ﴿ هم الخاسرون ﴾ وأخرج الواحدي من طريق عبد الغني بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن عباس قال : أن الله ذكر آلهة المشركين فقال ﴿ وإن يسلبهم الذباب شيئا ﴾ وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت فقالوا أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد ؟ أي شيء كان يصنع في هذا ؟ فأنزل الله هذا الآية عبد الغني واه جدا وقال عبد الرزاق في تفسيره : أخبرنا معمر عن قتاده لما ذكر الله العنكبوت والذباب قال المشركين : ما بال العنكبوت والذباب يذكران فأنزل الله هذه الآية وأخرج ابن حاتم عن الحسن قال لما نزلت ﴿ يا أيها الناس ضرب مثل ﴾ قال المشركون ما هذا من الأمثال فيضرب أو ما يشبه هذه الأمثال فأنزل الله ﴿ إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ﴾ الآية قلت : القول الأول أصح إسنادا وأنسب بما تقدم أول السورة وذكر المشركين لا يلائم كون الآية مدنية وما أوردناه عن قتادة و الحسن حكاه عنهما الواحدي بلا إسناد بلفظ قالت اليهود : وهو أنسب
قوله تعالى ﴿ أتأمرون الناس بالبر ﴾ أخرج الواحدي و الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في يهود أهل المدينة كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينه وبينهم رضاع من المسلمين : أثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به هذا الرجل فإن أمره حق وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه
قوله تعالى ﴿ إن الذين آمنوا والذين هادوا ﴾ ( ك ) أخرج ابن أبي حاتم و العدني في مسنده من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : قال سلمان سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أهل دين كنت معهم فذكرت من صلاتهم وعبادتهم فنزلت ﴿ إن الذين آمنوا والذين هادوا ﴾ الآية وأخرج الواحدي من طريق عبد الله بن كثير عن مجاهد قال : لما قصي سلمان على رسول الله قصة أصحابه قال هم في النار قال سلمان فأظلمت على الأرض فنزلت ﴿ إن الذين آمنوا والذين هادوا ﴾ إلى قوله ﴿ يحزنون ﴾ قال فكأنما كشف عني جبل وأخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن السدي قال نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي
قوله تعالى ﴿ وإذا لقوا ﴾ الآية أخرج ابن جرير عن مجاهد [ قال : قام النبي عليه السلام يوم قريظة تحت حصونهم فقال : يا إخوان القردة ويا إخوان الخنازير ويا عبدة الطاغوت فقالوا : من أخبر محمدا في بهذا وما خرج هذا إلى منكم أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليكون حجة عليكم ] فنزلت الآية وأخرج من الطريق عكرمة عن ابن عباس قال : كانوا إذا لقوا الذين آمنوا أن صاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا : أيحدث العرب بهذا ؟ فإنكم كنتم تستفتحون به عليهم فكان منهم فأنزل الله ﴿ وإذا لقوا ﴾ الآية وأخرج عن السدي قال : نزلت في ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا وكانوا يأتون المؤمنين من العرب بما تحدثوا به فقال بعضهم ليعض : أتحدثهم بما فتح الله عليكم من العذاب ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم وأكرم على الله منكم
قوله تعالى :﴿ فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ﴾ ( ك ) أخرج النسائي عن ابن العباس قال : نزلت هذه الآية في أهل الكتاب ( ك ) وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : نزلت في أحبار اليهود وجدوا صفة النبي صلى الله عليه و سلم مكتوبة في التوراة : أكحل العين ربعة جعد الشعر حسن الوجه فمحوه حسدا وبغيا وقالوا نجده طويلا أزرق سبط الشعر
قوله تعالى :﴿ وقالوا لن تمسنا النار ﴾ الآية أخرج الطبراني في الكبير و ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق ابن اسحق عن مجمد بن أبي و أحمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قدم رسول الله المدينة ويهود تقول : إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما يعذب الناس بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة فإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب فأنزل الله في ذلك ﴿ وقالوا لن تمسنا النار ﴾ - إلى قوله - ﴿ فيها خالدون ﴾
وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس أن اليهود قالوا : لن ندخل النار إلا تحلة بقسم الأيام التي عبدنا فيها العجل أربعين ليلة فإذا انقضت انقطع العذاب فنزلت الآية وأخرج عن عكرمة وغبره
قوله تعالى :﴿ وكانوا من قبل يستفتحون ﴾ الآية أخرج الحاكم في المستدرك و البيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن ابن عباس قال : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود فعادت في هذا الدعاء : اللهم آنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا فيهزمون عطنان فلما بعث النبي عليه السلام كفروا به فأنزل الله :﴿ وكانوا من قبل يستفتحون ﴾ بك يا محمد ﴿ على الكافرين ﴾
( ك ) وأخرج ابن آبى حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه و سلم قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء وداود بن سلمة : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبرنا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم فأنزل الله ﴿ ولما جاءهم كتاب من عند الله ﴾ الآية
قوله تعالى :﴿ قل إن كانت لكم الدار الآخرة ﴾ الآية أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : قالت اليهود : لن يدخل الجنة إلى من كانوا هودا فأنزل الله ﴿ قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة ﴾ الآية
قوله تعالي :﴿ قل من كان عدوا لجبريل ﴾ الآية ( ك ) روى البخاري عن أنس قال : سمع عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في أرض يخترف فأتي النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلى نبي : ما أول أشراط الساعة وما طعام أهل الجنة وما ينزع الولد من أبيه أو إلى أمه ؟ قال : أخبرني بهن جبريل آنفا قال : جبريل قال : نعم قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية ﴿ قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك ﴾ قال شيخ الإسلام ابن حجر في فتح الباري : ظاهر السياق أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ الآية ردا على اليهود ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ قال : وهذا هو المعتمد فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة عبد الله بن سلام فأخرج أحمد و الترمذي و النسائي من طريق بكر بن شهاب عن سعيد أبن جبير عن ابن عباس قال : أقبلت اليهود إلى رسول الله فقالوا : يا أبا القاسم آنا نسألك عن خمسة أشياء أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي فذكر الحديث وفيه أنهم سألوه عم حرم إسرائيل على نفسه وعن علامة النبي وعن الرعد وصوته وكيف تذكر المرأة وتؤنث وعمن يأتيه بخير السماء إلى آن قالوا : فأخبرنا من صاحبك ؟ قال : جبريل قالوا : جبريل ذاك ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان خيرا فنزلت
وأخرج أسحق بن راهويه في مسند و أبن جرير من طريق شعبي أن عمر كان يأتي اليهود فيسمع من التوراة فيتعجب كيف تصدق ما في القرآن قال : فمر بهم النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : نشدتكم بالله أتعلمون أنه رسول الله فقال عالمهم : نعم نعلم أنه رسول الله قلت فلما لا تتبعونه قالوا : سألناه من يأتيه بنبوته فقال عدونا جبريل لأنه ينزل بالغلطة والشدة والحرب والهلاك قلت فمن رسلكم من الملائكة ؟ قالوا ميكائيل بنزل بالقطر والرحمة قلت وكيف منزلتهما من ربهما ؟ قالوا : أحدهما عن يمينه والآخر عن الجانب الآخر قلت : فأنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل و إنني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا ثم أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وأنا أريد أن أخبره فلما لقيته قال :[ ألا أخبرك بآيات أنزلت علي ؟ فقلت : بلى يا رسول الله فقرأ ﴿ من كان عدوا لجبريل ﴾ قلت يا رسول الله والله ما قمت من عند اليهود إلا إليك لأخبرك بما قالوا لي وقلت لهم فوجدت الله قد سبقني ]


الصفحة التالية
Icon