مناهج المستشرقين الألمان في ترجمات القرآن الكريم في ضوء نظريات
الترجمة الحديثة
دراسة لنماذج مختارة
محمود محمد حجاج رشيدي

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة
ما من شك في أن الترجمة بين اللغات المختلفة، ومن بينها العربية والألمانية، تعد إحدى أهم وسائل تحقيق التواصل الحضاري وتبادل الخبرات الإنسانية والحياتية بين الشعوب المختلفة، وتزداد تلك الأهمية، إذا كان الأمر يتعلق بترجمة معاني القرآن الكريم، فهو كتاب العربية الأكبر، وهو ذلك النص الذي قامت عليه العلوم والحضارة الإسلامية.
وتمثل ترجمات القرآن باللغات الأجنبية وسيلة هامة وحيوية لأصحاب تلك اللغات للتعرف على الحضارة الإسلامية ومن ثم تكوين صورة عن الدين الإسلامي، وقد ظهر هذا جلياً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١، فقد نفدت تقريباً ترجمات القرآن الكريم من منافذ البيع، وهذا إن دل فإنما يدل على أثر تلك الترجمات في المتلقين لها، ولا سيما نحن نتحدث عن الحوار مع الآخر وصورة الإسلام في المجتمعات الغربية، والبحث الذي بين أيدينا يدور حول ترجمات القرآن الكريم باللغة الألمانية ويبحث تحديداً في موضوع مناهج المستشرقين في ترجمات القرآن الكريم باللغة الألمانية ونظريات الترجمة الحديثة؛ إذ إن عملية ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية ومن بينها الألمانية قد نشأت في سياق جدلي معارض للدين الإسلامي، وكانت الترجمة تتم تحت إشراف الكنيسة ورجالها، ثم انتقلت عملية ترجمة القرآن الكريم إلى الأوساط الأكاديمية على أيدي المستشرقين الألمان لتأخذ الطابع العلمي ويتغير المنهج وإن لم يتغير الهدف كثيراً، واستمرت عملية الجدل والمعارضة للقرآن الكريم في ترجمات المستشرقين ومن قبلهم رجال الكنيسة، ومع بداية القرن العشرين بدأ تغير جذري في عملية ترجمة معاني القرآن الكريم من قبل المستشرقين الألمان، وإن ظلت عملية الترجمة بعيدة إلى حد ما عن قواعد الترجمة الحديثة ونظرياتها.


الصفحة التالية
Icon