بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:فإن أولى ما اشتغل به المشتغلون، وسعى في تحصيله المسلمون هو العلم بكتاب الله عز وجلّ، لأنّ شرف العلم من شرف المعلوم، وعلم التفسير من أهم العلوم المتعلّقة بكتاب الله تعالى إذ به يعقل المسلم عن الله تعالى خطابه.
إنّ العلومَ وإن جلّت محاسنُها فتاجُها ما به الإيمان قد وجَبا
هو الكتابُ العزيز الله يحفظه وبعد ذلك علْمٌ فرّج الكُرَبا
فذاك فاعلم حديث المصطفى فبهِ نور النبوّة سن الشرع والأَدَبا (١)
ولقد تنوعت مناهج العلماء في تفسير كتاب الله الكريم ما بين مطوَّلٍ ومختصر، ومفسِّرٍ بالرأي وآخر بالأثر، ومن هذه المناهج تفسير آيات الأحكام، وهو منهج يجمع بين علمي التفسير والفقه، حيث يذكر المفسّر الآية ثم يذكر الأحكام الفقهيّة المشتملة عليها، وأقوال أئمة المذاهب فيها.
وممن اشتُهر بهذا المنهج من التفاسير تفسير العالم النحرير، والعلَم الشهير أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي رحمه الله المسمّى بـ ( الجامع لأحكام القرآن والمبيِّن لما تضمَّنه من السنة وآي الفرقان ) (٢)، فهو فريد في بابه لا يستغني عنه العالم فضلا عن طالب العلم.
وقد توجّه إليّ طلب كريم من شيخنا الأستاذ الدكتور حسن أبو غدة بدراسة منهج هذا الإمام في تفسير آيات الأحكام، فاستعنت بالله على الكتابة في هذا الموضوع، وقد قسّمتُ هذا البحث إلى مبحثين على النحو التالي:
- المبحث الأول: نبذة عن المؤلِّف والمؤلَّف، وفيه مطلبان:
- المطلب الأول: نبذة عن حياة المؤلِّف.
- المطلب الثاني: نبذة عن الكتاب.
- المبحث الثاني: منهج المؤلّف في تفسير آيات الأحكام مع أمثلةٍ تطبيقيّة على ذلك.
(١) الجامع لأحكام القرآن ١/٣١.
(٢) هكذا سمّاه مؤلِّفه وانظر: مقدِّمة القرطبي في تفسيره ١/٧.
(٢) هكذا سمّاه مؤلِّفه وانظر: مقدِّمة القرطبي في تفسيره ١/٧.