وقيل: ﴿والذين جاءوا من بعدهم﴾ مقطوع مما قبله، معطوف عطف الجمل، لا عطف المفردات؛ فإعرابه: ﴿والذين﴾ مبتدأ، ندبوا بالدعاء للأولين، والثناء عليهم، وهم من يجيء بعد الصحابة إلى يوم القيامة، والخبر ﴿يقولون﴾، أخبر تعالى عنهم بأنهم لإيمانهم ومحبة أسلافهم ﴿يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا﴾، وعلى القول الأول يكون ﴿يقولون﴾ استئناف إخبار، قيل: أو حال.
و﴿لننصرنكم﴾: جواب قسم محذوف قبل أن الشرطية، وجواب أن محذوف، والكثير في كلام العرب إثبات اللام المؤذنة بالقسم قبل أداة الشرط، ومن حذفها قوله: ﴿وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين﴾، التقدير: ولئن لم ينتهوا لكاذبون.
قال ابن عطية: وجاءت الأفعال غير مجزومة في قوله: ﴿لا يخرجون﴾ و﴿لا ينصرون﴾ لأنها راجعة على حكم القسم، لا على حكم الشرط، وفي هذا نظر. انتهى. وأي نظر في هذا؟ وهذا جاء على القاعدة المتفق عليها من أنه إذا تقدم القسم على الشرط كان الجواب للقسم وحذف جواب الشرط، وكان فعله بصيغة المضي، أو مجزوماً بلم، وله شرط، وهو أن لا يتقدمه طالب خبر. واللام في ﴿لئن﴾ مؤذنة بقسم محذوف قبله، فالجواب له. وقد أجاز الفراء أن يجاب الشرط، وأن تقدم القسم، ورده عليه البصريون.
﴿كمثل﴾: خبر مبتدأ محذوف، أي مثلهم.
والجمهور: ﴿خالدين﴾ بالياء حالاً، و﴿في النار﴾ خبر أن؛ وعبد الله وزيد بن علي والأعمش وابن عبلة: بالألف، فجاز أن يكون خبر أن، والظرف ملغى وإن كان قد أكد بقوله: ﴿فيها﴾، وذلك جائز على مذهب سيبويه، ومنع ذلك أهل الكوفة، لأنه إذا أكد عندهم لا يلغى. ويجوز أن يكون في النار خبراً، لأن ﴿خالدين﴾ خبر ثان، فلا يكون فيه حجة على مذهب سيبويه.
سورة الممتحنة
ثلاث عشرة آية مدنية


الصفحة التالية
Icon