والذي يظهر أنه مستثنى من مضاف لإبراهيم تقديره: أسوة حسنة في مقالات إبراهيم ومحاوراته لقومه إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك﴿لَكُمْ أُسْوَةٌ﴾، فليس فيه أسوة حسنة، فيكون على هذا استثناء متصلاً.
وقيل: هو استثناء منقطع المعنى، لكن قول إبراهيم لأبيه ﴿لأستغفرن لك﴾، فلا تأسوا به فيه.
و﴿أن تبروهم﴾، و﴿أن تولولهم﴾ بدلان مما قبلهما، بدل اشتمال.
قرئ مهاجرات بالرفع على البدل من المؤمنات.
﴿قد ينسوا من الآخرة﴾: وقيل: من لبيان الجنس، أي الكفار الذين هم أصحاب القبور، والمأيوس منه محذوف، أي كما يئس الكفار المقبورون من رحمة الله.
وقد ذكرنا أن الظاهر كون من لابتداء الغاية، إذ لا يحتاج الكلام إلى تقدير محذوف.
سورة الصف
أربع عشرة آية مدنية
والظاهر انتصاب مقتاً﴿الْقُبُورِ * سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الأٌّرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ على التمييز، وفاعل ﴿كبر﴾: أن ﴿تقولوا﴾، وهو من التمييز المنقول من الفاعل، والتقدير: كبر مقت قولكم ما لا تفعلون. ويجوز أن يكون من باب نعم وبئس، فيكون في كبر ضمير مبهم مفسر بالتمييز، وأن تقولوا هو المخصوص بالذم، أي بئس مقتاً قولكم كذا، والخلاف الجاري في المرفوع في: بئس رجلاً زيد، جار في ﴿أن تقولوا﴾ هنا، ويجوز أن يكون في كبر ضمير يعود على المصدر المفهوم من قوله: ﴿لم تقولون﴾، أي كبر هو، أي القول مقتاً، ومثله كبرت كلمة، أي ما أكبرها كلمة، وأن تقولوا بدل من المضمر، أو خبر ابتداء مضمر. وقىل: هو من أبنية التعجب، أي ما أكبره مقتاً. وقال الزمخشري: قصد في كبر التعجب من غير لفظه كقوله:
غلت ناب كليب بواؤها
ومعنى التعجب: تعظيم الأمر في قلوب السامعين، لأن التعجب لا يكون إلا من شيء خارج عن نظرائه وأشكاله، وأسند إلى ﴿أن تقولوا﴾ ونصب ﴿مقتاً﴾ على تفسيره.
وانتصب صفاً على الحال، أي صافين أنفسهم أو مصفوفين.