الأثر الاجتماعي لتعلم القرآن الكريم
على الفرد والمجتمع
تمهيد :
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدّر فهدى، والصلاة والسلام على نبي الهدى، وعلى آله وصحبه ومن بهديهم اقتدى.. وبعد :
فضّل اللهُ تعالى الإنسان على كثير ممن خلق، وأعطاه نعمة العقل، وميّزه بنور الفطرة، وجعل خِلقته قابلة للتكليف، إن فعل خيرا أثيب، وإن فعل شراً عوقب، وجعل الله تعالى هذه الحياة الدنيا له دارَ عبادة لربه طاعةً ومحبة وإخلاصا، ثم ابتلاه بالتكاليف ( أوامر ونواهي ) ليمحّصه رحمة منْه وفضلا.
وللمجتمع المسلم أخلاقه وضوابطه النابعة من المصدرين الأساسين : القرآن، والسنة المطهرة ؛ فمكارم الأخلاق في القرآن الكريم تجسدت في شخص الرسول - ﷺ -، وهي أساس القِيَم في المجتمع المسلم.
إن أعمال القلب والعقل والجوارح واللسان ؛ مثل : صدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار والمنافقين، والإحسان الى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل، والرفق والرأفة، وخشية الله تعالى والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لِحُكمه، والشكر لِنِعَمِه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، ورجاء رحمته، وخوف عذابه.. وأمثال ذلك ؛ كلها أخلاق فاضلة داخلة في مفهوم العبادة في قوله تعالى :﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾( (١) ). ومن هنا فإن فضائل الأخلاق ومكارمها داخلة في إطار الدين، وركن أساس من أركانه.

(١) الذاريات : ٥٦


الصفحة التالية
Icon