فهو منبثق من الجانب العقدي، إذ ما قطع عليه من القراءات بكونه قرآنا جازت القراءة به في الصلاة وخارجها، وما لم يقطع بصحته فقد اختُلف فيه( [٢٧]).
والقراءة الصحيحة المقروء بها لا خلاف في الاحتجاج بها، والأظهر أن الشاذ من القراءات إذا صح نقله فإنه يحتج به في الأحكام وإذا لم يصح نقله فلا يجوز الاستدلال به في الأحكام( [٢٨]).
وينبغي أن يحمل ذلك على ما جاء في التفسير واللغة أيضا، فلا يُستند فيها إلا على قراءة صحيحة ولو كانت منقولة نقلا آحادا، كما أن القراءة إذا ثبتت وجب قبولها وعدم ردها ولو أباها بعض النحويين( [٢٩]).
حقا فدراسة القراءات والحكم عليها ذات أهمية فائقة، وتبرز هذه الأهمية في سائر فروع القراءات ومجالاتها النقلية والعقلية، ولا سيما في معايير قبول القراءات واختيارها، وفي مقدمتها أركان قبول القراءة السالفة الذكر.
ولا تزال القيمة العلمية في ذلك ذات أهمية فائقة، وبخاصة في القراءات التي لا يقرأ بها الآن، وأكثرها يذكر في الكتب غير معزو بَلْهْ بيان نوعها ودرجتها، وربما أُخذ بها في الأحكام الفقهية والمعاني التفسيرية والقواعد اللغوية وغيرها، وإذا اتضح أن ما كان كذلك من القراءات لا يحتج به إلا إذا كان بنقل صحيح فإن البحث فيها من أولى المهمات.
الفصل الثاني : أنواع القراءات ومراتبها، ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول : ما يُقرأ به وما لا يُقرأ به.
المبحث الثاني : مراتب القراءات.
أنواع القراءات ومراتبها
كان لأحوال القراءات التاريخية أثر بين في تنوعها، وتعتبر العرضة الأخيرة المرحلة التي عليها الاعتماد، ولا سيما بعد الجمع العثماني( [٣٠])، ومن ثم فإن ما خالف الرسم أقل رتبه مما وافقه أو احتمله.
كما أن لنقل القراءات والمشافهة بها أثرا في تفاوت القراءات وتفاضلها، إذ تتنوع بحسب رواتها كثرة وقلة وقوة وضعفا.