العلاقات النهائية بين المجتمع المسلم وسائر المجتمعات الأخرى
لقد جاء في الجزء العاشر عن سورة التوبة هذه الفقرات التي تكشف عن طبيعتها وعن الملابسات والظروف التي أحاطت بنزولها وعن أهميتها في بيان العلاقات النهائية بين المجتمع المسلم وسائر المجتمعات الأخرى وفي بيان طبيعة المنهج الحركي للإسلام أيضا :
«هذه السورة مدنية، من أواخر ما نزل من القرآن - إن لم تكن هي آخر ما نزل من القرآن - ومن ثم قد تضمنت أحكاما نهائية في العلاقات بين الأمة المسلمة وسائر الأمم في الأرض كما تضمنت تصنيف المجتمع المسلم ذاته، وتحديد قيمه ومقاماته، وأوضاع كل طائفة فيه، وكل طبقة من طبقاته ووصف واقع هذا المجتمع بجملته، وواقع كل طائفة منه وكل طبقة وصفا دقيقا مصورا مبينا.
«والسورة - بهذا الاعتبار - ذات أهمية خاصة في بيان طبيعة المنهج الحركي للإسلام ومراحله وخطواته - حين تراجع الأحكام النهائية التي تضمنتها مع الأحكام المرحلية التي جاءت في السور قبلها - وهذه المراجعة تكشف عن مدى مرونة ذلك المنهج، وعن مدى حسمه كذلك. وبدون هذه المراجعة تختلط هذه الصور والأحكام والقواعد كما يقع كلما انتزعت الآيات التي تتضمن أحكاما مرحلية فجعلت نهائية ثم أريد للآيات التي تتضمن الأحكام النهائية أن تفسر وتؤوّل لتطابق تلك الأحكام المرحلية وبخاصة في موضوع الجهاد الإسلامي، وعلاقات المجتمع المسلم بالمجتمعات الأخرى...»
..
كذلك ذكرنا في تقديم السورة أنها ذات مقاطع - مع وحدة موضوعها وجوها وملابساتها - يتولى كل مقطع بيان الأحكام النهائية في موضوعه.. وقد تناول المقطع الأول منها بيان أحكام العلاقات النهائية بين المسلمين والمشركين في الجزيرة العربية. كما تناول المقطع الثاني بيان أحكام العلاقات النهائية بين المسلمين وأهل الكتاب عامة. ثم تولى المقطع الثالث النعي على المتثاقلين الذين دعوا إلى التجهز لغزوة تبوك - أي غزو أهل الكتاب المتجمعين على أطراف الجزيرة للانقضاض على الإسلام والمجتمع الإسلامي - كما تولى المقطع الرابع فضح المنافقين وأفاعيلهم في المجتمع المسلم، ووصف أحوالهم


الصفحة التالية
Icon