المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
كلية أصول الدين
قسم القرآن وعلومه
-جمعاً ودراسة -
رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في القرآن وعلومه
إعداد:
محمد بن عبد الله بن صالح الضالع
إشراف فضيلة الأستاذ الدكتور :
سليمان بن إبراهيم اللاحم
أستاذ القرآن وعلومه في جامعة القصيم
(المجلد الأول)
العام الجامعي : ١٤٢٦ هـ
المقدمة
إن الحمد لله ؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا (#qà)¨؟$# اللَّهَ ¨،xm تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ tbqكJد=َ،-B ﴾ (١).
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ (#qà)¨؟$# رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ ;oy‰دn¨ur وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا #[ژچدWx. [ن!$|، دSur وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ (٢).
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا (#qà)¨؟$# اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) ôxد=َءمƒ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ (٣).
أما بعد :
فإن القرآن الكريم هو مصدر التشريع للأمة الإسلامية؛ ولذا كانت عناية الأمة الإسلامية وعلمائها به عظيمة، تجد ذلك واضحاً في كثرة الكتب المؤلفة في تفسير القرآن الكريم.
وهذه التفاسير منها ما هو مجموع في مصنف خاص بالتفسير، ومنها ما هو أقوال منثورة في كتب متعددة.
وهذه الأقوال التفسيرية المنثورة لا تقل قيمتها عن تلك المجموعة في مصنف خاص، بل ربما كانت أعظم قدراً، وأكثر علماً، وأدق فهماً، من بعض الكتب المصنّفة في التفسير، ولا يكمل أمرها إلا بجمعها في مصنف خاص، يسهل الرجوع إليه، ويعم الانتفاع به.
(٢) سورة النساء : ١.
(٣) سورة الأحزاب : ٧٠، ٧١.
التمهيد
سمات التفسير في عصر أبي إسحاق الشاطبييعتبر القرن الثامن الهجري الذي عاش فيه الشاطبي امتداداً للقرون السابقة ؛ من حيث الطابع العام في العلوم الإسلامية في مذاهبها العقدية والفقهية، وفي مناهجها وطرقها واهتماماتها وعناياتها، وإن تفاوتت بين الحين والآخر، وبين شخص وآخر.
ويعتبر التفسير من تلك العلوم التي أخذت طابعها العام في الفترة الإسلامية في بلاد الأندلس، مع تفاوت تلك الفترات في اهتمامات علمائها وقدراتهم في بعض الجوانب.
وللتفسير الأندلسي في عصر الشاطبي سماته التي يشاركه فيها غيره، سواء في الأندلس قبل عصر الشاطبي، أو في غيرها من البلاد الإسلامية.
ومن التفاسير التي يمكن أن تعطي صورة عن سمات التفسير في عصر الشاطبي ما يلي:
١ - التسهيل في علوم التنْزيل لأبي القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي المالكي الغرناطي، المتوفى سنة ٧٤١هـ.
٢ - البحر المحيط لأبي حيان محمد بن يوسف الأندلسي، المتوفى سنة ٧٤٥هـ.
٣ - تفسير الشاطبي، وهو أقواله المجموعة في هذا البحث.
فهؤلاء الأئمة المفسرون عاشوا في القرن الثامن.
وهذه التفاسير المذكورة وإن كانت تتفاوت في بعض اهتماماتها في التفسير قلة وكثرة، إلا أنها تعطي تصوراً عاماً للتفسير في عصر الشاطبي، الذي يعتبر امتداداً لما قبله.
وسيكون حديثي عن هذه السمات على وجه الإجمال، وأما التمثيل لها فيكتفى بالأمثلة التي أوردتها في منهج الشاطبي في تفسيره.
وسمات التفسير الأندلسي في عصر الشاطبي تتبين بما يلي:
السمة الأولى: الاهتمام بالتفسير بالمأثور.
ويتمثل هذا بتفسير القرآن بالقرآن والسنة وأقوال الصحابة والتابعين.
ويمتاز الشاطبي في هذه السمة بأنه اعتنى بنقل الأحاديث والآثار والأخبار في تفسير الآيات، مع نسبة تلك الأقوال إلى قائليها وذكر مصادرها، وأحياناً يذكرها بأسانيدها.
القسم الأول
أبو إسحاق الشاطبي
ومنهجه في التفسير
ويشتمل على أربعة فصول :
الفصل الأول : حياة أبي إسحاق الشاطبي.
الفصل الثاني : مصادر أبي إسحاق الشاطبي في التفسير.
الفصل الثالث : منهج أبي إسحاق الشاطبي في التفسير.
الفصل الرابع : القواعد التفسيرية عند أبي إسحاق الشاطبي بين النظرية والتطبيق.
الفصل الأول
حياة أبي إسحاق الشاطبي
ويشتمل على مبحثين :
المبحث الأول : عصر أبي إسحاق الشاطبي.
المبحث الثاني : ترجمة أبي إسحاق الشاطبي.
المبحث الأول
عصر أبي إسحاق الشاطبي
ويشتمل على ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : الحالة السياسية.
المطلب الثاني : الحالة الاجتماعية.
المطلب الثالث : الحالة العلمية.
المطلب الأول : الحالة السياسية
عاش الإمام أبو إسحاق الشاطبي في القرن الثامن الهجري في ظل مملكة غَرْنَاطَة(١) الأندلسية، والتي كان يحكمها بنو نصر المعروفون ببني الأحمر.
وعرفت دولتهم بالدولة النصريّة، وملوكهم بملوك بني نصر أو بني الأحمر.
وقد مرت مملكة غرناطة بفترات تاريخية منذ الفتح الإسلامي، وانتهاء بدولة المرابطين ثم الموحدين، كغيرها من مدن الأندلس.
وفي آخر عهد دولة الموحدين، لما ضعفت دولتهم، وعمّت الفوضى بلاد الأندلس؛ ظهر أثناء تلك الأحداث محمد بن يوسف النصري، الذي كافح حتى أنشأ دولة النصرية في مملكة غرناطة سنة ٦٣٥هـ.
وقد تعاقب على ولايتها بنو نصر حتى سقوطها سنة ٨٩٧هـ.
الفصل الثاني
مصادر أبي إسحاق الشاطبي في التفسير
يعتبر الإمام الشاطبي من الأئمة المحققين الذين اتسعت معرفتهم، وتوسعوا في الاطلاع على كتب أهل العلم وقراءتها وتحريرها، ومؤلفاته التي ألّفها مليئة بأقوال أهل العلم؛ لكثرة نقله عنهم، وربما صرح بأسمائهم وأسماء كتبهم، وربما أغفلها.
ومصادره في التفسير كثيرة، ولكن سيكون الحديث هنا عن مصادره في التفسير من خلال أقواله التي جمعتها، وسأشير إلى بعض التفاسير التي نقل عنها في التفسير من خلال ما ذكره في مواضع من كتبه، وهذا بيانها:
أولاً: كتب التفسير :
وذكر منها :
١ - أحكام القرآن لإسماعيل بن إسحاق القاضي.
ويعتبر هذا الكتاب من المصادر المعتمدة عنده في التفسير ونقل الأحاديث والآثار وأسباب النّزول والأحكام الفقهية.
وقد أكثر الشاطبي النقل منه في مواضع كثيرة، وصرح باسم القاضي إسماعيل، ولم يصرح بالكتاب إلا نادراً، ومنها:
- عند قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا (#qمBحhچutéB طَيِّبَاتِ مَا ¨@xmr& اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ﴾ (١).
قال الشاطبي: "فخرج إسماعيل القاضي من حديث أبي قلابة قال: "أراد ناس من أصحاب رسول الله - ﷺ - أن يرفضوا الدنيا ويتركوا النساء ويترهبوا، فقام رسول الله - ﷺ - فغلظ فيهم المقالة، فقال: إنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وحجوا واعتمروا، واستقيموا يُستقم بكم قال: ونزلت فيهم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا (#qمBحhچutéB طَيِّبَاتِ مَا ¨@xmr& اللَّهُ لَكُمْ ﴾ ""(٢).
- قال الشاطبي: "وفي أحكام إسماعيل بن إسحاق عن ابن سيرين قال: كان أبو بكر يخافت، وكان عمر يجهر -يعني: في الصلاة-..."(٣).
(٢) الاعتصام ٢/١٩٥، ١٩٦.
(٣) الموافقات ٥/٣٣.
الفصل الثالث
منهج أبي إسحاق الشاطبي في التفسير
ويشتمل على خمسة عشر مبحثاً :
المبحث الأول : تفسير القرآن بالقرآن
المبحث الثاني : تفسير القرآن بالسنة
المبحث الثالث : تفسير القرآن بأقوال الصحابة
المبحث الرابع : تفسير القرآن بأقوال التابعين
المبحث الخامس : منهجه في القراءات
المبحث السادس : منهجه في أسباب النزول
المبحث السابع : منهجه في الجانب اللغوي
المبحث الثامن : منهجه في دلالة السياق
المبحث التاسع : منهجه في الاستنباط واستخراج الفوائد
المبحث العاشر : منهجه في آيات الاعتقاد
المبحث الحادي عشر : منهجه في آيات الأحكام
المبحث الثاني عشر : منهجه في الآيات المشكلة
المبحث الثالث عشر : منهجه في الجمع بين الآيات والأحاديث والرد على الأقوال الضعيفة
المبحث الرابع عشر : منهجه في الناسخ والمنسوخ
المبحث الخامس عشر : منهجه في الاختيار والترجيح
المبحث الأول
تفسير القرآن بالقرآن
يعتبر تفسير القرآن بالقرآن مصدراً من مصادر التفسير، بل هو المصدر الأول من مصادر التفسير؛ إذ لا أحد أعلم بمراد الله بكلامه منه جلَّ وعلا.
قال ابن تيمية -عن طرق التفسير-: "أصح الطرق في ذلك أن يفسَّر القرآن بالقرآن، فما أُجمل في مكان فإنه قد فسِّر في موضع آخر، وما اختصر من مكان فقد بُسط في موضع آخر"(١).
وقد فسر الشاطبي القرآن بالقرآن في مواضع معدودة، ومنها :
١- قال الشاطبي :"... وقوله :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ ِNن٣د=ِ٦s% ِNن٣¯=yès٩ تَتَّقُونَ ﴾ (٢).
(٢) سورة البقرة : ٢١.
الفصل الرابع
القواعد التفسيرية عند أبي إسحاق الشاطبي
بين النظرية والتطبيق
القواعد التفسيرية : هي الأحكام الكلية التي يتوصل بها المفسِّر إلى تفسير القرآن تفسيراً صحيحاً(١).
وقد تحدث الشاطبي عن طائفة من القواعد التفسيرية، وكان من خلالها رابطاً بين النظرية والتطبيق.
فما قرره من القواعد التفسيرية ربطه بالأمثلة، وكان منهجاً له سار عليه من خلال تفسيره.
وسأعرض طائفة من تلك القواعد التفسيرية التي ذكرها، مقرونة بالأمثلة التي أوردها تطبيقاً لتلك القاعدة.
القاعدة الأولى : أن المدني من السور ينبغي أن يكون منَزلاً في الفهم على المكي، وكذلك بعضه مع بعض، والمدني بعضه مع بعض على حسب ترتيبه في التنْزيل وإلا لم يصح.
قال الشاطبي: "المدني من السور ينبغي أن يكون منَزلاً في الفهم على المكي، وكذلك المكي بعضه مع بعض، والمدني بعضه مع بعض، على حسب ترتيبه في التنْزيل، وإلا لم يصح، والدليل على ذلك أن معنى الخطاب المدني في الغالب مبني على المكي، كما أن المتأخر من كل واحد منهما مبني على متقدمه، دل على ذلك الاستقراء، وذلك إنما يكون ببيان مجمل، أو تخصيص عموم، أو تقييد مطلق، أو تفصيل ما لم يفصل، أو تكميل ما لم يظهر تكميله.
وأوَّل شاهد على هذا أصْل الشريعة؛ فإنها جاءت متمِّمَة لمكارم الأخلاق، ومُصلحة لما أفسد قبل من ملة إبراهيم -عليه السلام- ويليه تنْزيل سورة الأنعام؛ فإنها نزلت مبينة لقواعد العقائد وأصول الدين، وقد خرَّج العلماء منها قواعد التوحيد التي صنف فيها المتكلمون من أول إثبات واجب الوجود إلى إثبات الإمامة، هذا ما قالوا.
وإذا نظرت بالنظر المسوق في هذا الكتاب؛ تبين به من قربٍ بيانُ القواعد الشرعية الكلية، التي إذا انخرم منها كلي واحد انخرم منها نظام الشريعة، أو نقص منها أصل كلي.
القسم الثاني
أقوال أبي إسحاق الشاطبي
في التفسير
سورة الفاتحة
قال تعالى :﴿ اهْدِنَا xق¨uژإ_ا٩$# zO‹ة)tGَ، كJّ٩$# (٦) xق¨uژإہ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ (١).
١/١ قال الشاطبي :"... الضلال في غالب الأمر إنما يستعمل في موضع يَزلُّ صاحبه لشبهةٍ تعرض له، أو تقليد من عرضت له الشبهة، فيتخذ ذلك الزلل شرعاً وديناً يدين به، مع وجود واضحة الطريق الحق ومحض الصواب.
ولما لم يكن الكفر في الواقع مقتصراً على هذا الطريق، بل ثم طريق آخر ؛ وهو الكفر بعد العرفان عناداً أو ظلماً ؛ ذكر الله تعالى الصِّنفين في السورة الجامعة (٢)، وهي أم القرآن (٣) :
فقال :﴿ اهْدِنَا xق¨uژإ_ا٩$# zO‹ة)tGَ، كJّ٩$# (٦) xق¨uژإہ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾.
فهذه هي المحبة العظمى التي دعا الأنبياء - عليهم السلام - إليها.
ثم قال :﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾.
فالمغضوب عليهم هم اليهود ؛ لأنهم كفروا بعد معرفتهم نبوة محمد - ﷺ -، ألا ترى إلى قول الله فيهم :﴿ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ¼çmtRqèùحچ÷ètƒ كَمَا tbqèùحچ÷ètƒ ِNèduن!$sYِ/r& ﴾ (٤)
يعني اليهود.
(٢) أي التي جمعت معاني القرآن كله، وهي سورة الفاتحة [ انظر: التسهيل ١/٤٧، الجامع لأحكام القرآن ١/١/٧٨، ٧٩، دقائق التفسير ١/١٧٢ ].
(٣) أم القرآن : اسم من أسماء الفاتحة ؛ لقوله - ﷺ - :" من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج -ثلاثاً- غير تمام " [الحديث أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة، ١/٢٩٦ برقم (٣٩٥) من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - ].
(٤) سورة البقرة : ١٤٦.
سورة البقرة
نزول سورة البقرة
٢/١ قال الشاطبي: "ثم لما هاجر رسول الله - ﷺ - إلى المدينة كان من أول ما نزل عليه سورة البقرة، وهي التي قررت قواعد التقوى المبنية على قواعد سورة الأنعام ؛ فإنها بيَّنت من أقسام أفعال المكلفين جملتها، وإن تبيَّن في غيرها تفاصيل لها ؛ كالعبادات التي هي قواعد الإسلام، والعادات من أصل المأكول والمشروب وغيرهما، والمعاملات من البيوع والأنكحة وما دار بِها، والجنايات من أحكام الدماء وما يليها.
وأيضا - فإن حفظ الدين فيها، وحفظ النفس والعقل والنسل والمال مضمن فيها(١)، وما خرج عن المقرر فيها؛ فبحكم التكميل، فغيرها من السور المدنية المتأخرة عنها مبني عليها، كما كان غير الأنعام من المكي المتأخر عنها مبنياً عليها، وإذا تَنَزَّلت إلى سائر السور بعضها مع بعض في الترتيب؛ وجدتها كذلك حذو القُذَّة بالقُذَّة(٢)، فلا يغيبن عن الناظر في الكتاب هذا المعنى؛ فإنه من أسرار علوم التفسير(٣)، وعلى حسب المعرفة به تحصل له المعرفة بكلام ربه سبحانه " (٤).
الدِّراسة :
ذكر الشاطبي أن سورة البقرة من أول ما نزل بالمدينة.
(٢) القُذَّة - بالضم - : ريش السهم، ومعناه : مِثْلا بمثل ؛ وهو مثل يُضرب في التسوية بين الشيئين. [انظر : القاموس المحيط، مادة "قذذ" ص ٢٤٩، مجمع الأمثال ١/١٩٥].
(٣) هذا التقرير من المؤلف يعتبر من قواعد التفسير [انظر : قواعد التفسير ١/٨٠-٨٢، المكي والمدني في القرآن الكريم ١/١٣٤-١٤١].
(٤) الموافقات ٤/٢٥٧، ٢٥٨.
قال تعالى :﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ة=ّ‹tَّ٩$$خ/ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ (١).
٣/٢ قال الشاطبي :"وقوله :﴿... وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ... ﴾.
وإقام الصلاة بمعنى الدوام عليها ؛ بهذا فسرت الإقامة ؛ حيث ذكرت مضافة إلى الصلاة، وجاء هذا كله في معرض المدح، وهو دليل على قصد الشارع إليه(٢)، وجاء الأمر به صريحاً في مواضع كثيرة ؛ كقوله :﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ﴾ (٣) " (٤).
الدِّراسة :
فسَّر الشاطبي إقام الصلاة بمعنى الدوام عليها.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه بعض المفسرين؛ كالسمرقندي(٥)، وابن عطية(٦)، والبقاعي(٧)، وهذا أحد الوجهين في معنى الآية.
والوجه الثاني: أن المراد بإقام الصلاة إتمام فعلها على الوجه المأمور به.
وذهب إليه بعض المفسرين؛ كالبيضاوي(٨)، وأبي السعود(٩)، والألوسي(١٠).
وعبارات المفسرين ترجع إلى هذين الوجهين(١١).
(٢) أي : أن قصد الشارع في الأعمال دوام المكلّف عليها. [انظر : الموافقات ٢/٤٠٤].
(٣) سورة البقرة : ٨٣.
(٤) الموافقات ٢/٤٠٤.
(٥) انظر: بحر العلوم ١/٩٠.
(٦) انظر: المحرر الوجيز ١/٨٥.
(٧) انظر: نظم الدرر ١/٨٤، وانظر: زاد المسير ١/٢١.
(٨) انظر: أنوار التنْزيل ١/١٨.
(٩) انظر: إرشاد العقل السليم ١/٤٥.
(١٠) انظر: روح المعاني ١/١١٨، وانظر: جامع البيان ١/١٣٦، زاد المسير ١/٢١.
(١١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي ١/١٧.
قال تعالى :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ حچ½zFy$# وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٩) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مNèdyٹ#u"sù اللَّهُ $ZتuچtB وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ (#ûqن٩$s% إِنَّمَا نَحْنُ ڑcqكsد=َءمB (١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (١٢) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ (#ûqن٩$s% أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا tbqكJn=÷ètƒ (١٣) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا (#ûqن٩$s% آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ (#ûqن٩$s% إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ tbrâنح"÷kyJَ، مB ﴾ (١).
٤/٣ قال الشاطبي (٢) :"... فمن الكتاب : ما وصف الله به المنافقين في قوله تعالى :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ حچ½zFy$#... ﴾ إلى آخر الآيات (٣)، فذمَّهم وتوعدهم وشنَّع عليهم، وحقيقة أمرهم أنهم أظهروا كلمة الإسلام إحرازاً لدمائهم وأموالهم، لا لما قصد له في الشرع من الدخول تحت طاعة الله على اختيار
(٢) في سياق حديثه عن تحريم الحيل في الدين، وبيان أدلة ذلك. [انظر : الموافقات ٣/١٠٦-١٠٩].
(٣) أي إلى قوله تعالى :﴿... إِن اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: ٢٠] كما أخرج ابن جرير في تفسيره عن مجاهد أنه قال :" أربع آيات من سورة البقرة في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة في المنافقين ". [جامع البيان ١/١٣٥، ١٣٦].
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ ِNن٣د=ِ٦s% ِNن٣¯=yès٩ تَتَّقُونَ ﴾ (١).
٥/٤ قال الشاطبي (٢) :"... وقوله :﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ ِNن٣د=ِ٦s% ِNن٣¯=yès٩ تَتَّقُونَ ﴾.
ثم شرح هذه العبادة في تفاصيل السورة؛ كقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ ة>حچَّyJّ٩$#ur وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ... ﴾ إلى قوله: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ (٣).
وهكذا إلى تمام ما ذكر في السورة من الأحكام... " (٤).
الدِّراسة :
ذكر الشاطبي أن العبادة المذكورة في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾ مشروحة في تفاصيل سورة البقرة.
وما ذكره الشاطبي ؛ ظاهر وبيِّن من خلال سورة البقرة، فقد ذكرت الأحكام العقدية والأحكام الشرعية(٥).
قال رشيد رضا: "... وختم السياق العام ببيان أصول البر ومجامعه في الآية المعجزة الجامعة لكليات العقائد والآداب والأعمال: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ ة>حچَّyJّ٩$#ur... ﴾ (٦) إلخ. وقضى عليه بسياق طويل في الأحكام الشرعية والفرعية"(٧).
(٢) في سياق حديثه على أن المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه ؛ حتى يكون عبداً لله اختياراً ؛ كما هو عبد لله اضطراراً. [انظر : الموافقات ٢/٢٨٩، ٢٩٠].
(٣) سورة البقرة : ١٧٧.
(٤) الموافقات ٢/٢٩٠.
(٥) انظر : بصائر ذوي التمييز ١/١٣٤، ١٣٥، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ١٤/٤١-٤٧، الجامع لأحكام القرآن ١/١/١٠٧، تفسير القرآن الحكيم ١/١٠٧-١١٠، في ظلال القرآن ١/٣٤، التحرير والتنوير ١/٢٠٠، ٢٠٣.
(٦) سورة البقرة : ١٧٧.
(٧) تفسير القرآن الحكيم ١/١٠٨.
قال تعالى :﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (١).
٦/٥ قال الشاطبي: " وقد وقعت في القرآن تفاسير مشكلة يمكن أن تكون من هذا القبيل (٢)، أو من قبيل الباطن الصحيح (٣)، وهي منسوبة لأناس من أهل العلم، وربما نسب منها إلى السلف الصالح... " (٤).
(٢) أي : من قبيل تفسير الباطنية مما ليس من علم الظاهر، ولا من علم الباطن الصحيح.
ولم يرتض الشاطبي القول بأن للقرآن ظاهراً وباطناً، حيث قال: "ومن الناس من زعم أن للقرآن ظاهراً وباطناً وربما نقلوا في ذلك بعض الأحاديث والآثار" [الموافقات ٤/٢٠٨]، وإنما وجَّه هذا القول إلى التفسير الذي ارتضاه، وهو أن المراد بالظاهر هو ظاهر القرآن، وهو المفهوم العربي، فالمعاني العربية التي لا ينبني فهم القرآن إلا عليها هي من علم الظاهر.
وأن المراد بالباطن، هو باطن القرآن، وهو مراد الله من كلامه وخطابه، فالمعاني التي تقتضي تحقيق المخاطب بوصف العبودية والإقرار لله بالربوبية هي من علم الباطن. [انظر : الموافقات ٤/٢١٠، ١١٨، ٢٣٢].
(٣) وعلم الباطن - عند الشاطبي - يكون صحيحاً بشرطين نص عليهما، وهما :
الأول : أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب، ويجري على المقاصد العربية.
الثاني : أن يكون له شاهد نصاً أو ظاهراً في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض.
[انظر : الموافقات ٤/٢٣١، ٢٣٢].
وهناك شرط ثالث وهو : ألا يدعي بأن التفسير الباطن هو التفسير الظاهر للآية، بل لا بد من الاعتراف بالمعنى الظاهر أولاً، وهذا الشرط نص عليه أهل العلم، وهو ظاهر كلام الشاطبي هنا. [انظر : التفسير والمفسرون ٢/٤١٠].
(٤) الموافقات ٤/٢٣٥.
قال تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ #[ژچدVں٢ وَيَهْدِي بِهِ #[ژچدWx. وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴾ (١).
٧/٦ قال الشاطبي: " وقال تعالى :﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ $[F÷ t/ ﴾ الآية (٢)، قال الكفار : ما بال العنكبوت والذباب يذكر في القرآن ؟ ما هذا الإله ؟ فنَزَل :﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا... ﴾ (٣) (٤) ؛ فأخذوا بمجرد الظاهر، ولم ينظروا في المراد ؛ فقال تعالى :﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ الآية (٥)" (٦).
(٢) سورة العنكبوت : ٤١.
(٣) سورة البقرة : ٢٦.
(٤) أخرج هذا الأثر : عبد الرزاق في تفسيره ١/٢٦٢ عن قتادة، ولكن بلفظ :"قال المشركون"، وانظر : جامع البيان ١/٢١٤.
وحسَّن إسناده إلى قتادة حكمت بشير ياسين في التفسير الصحيح ١/١٢٨، وانظر: أسباب النّزول، تحقيق الحميدان ص ٢٣.
كما أخرجه الواحدي في أسباب النّزول ص٢٣ عن ابن عباس - رضي الله عنه - بنحوه.
وحكم ابن حجر على رواية ابن عباس بأنها واهية. [انظر : العجاب ١/٢٤٦].
(٥) سورة البقرة : ٢٦.
(٦) الموافقات ٤/٢١٢.
قال تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ y٧ڑ/u' لِلْمَلَائِكَةِ 'دoTخ) جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ Zpxے‹د=yz (#ûqن٩$s% أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ x٨د‰ôJut؟٢ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ 'دoTخ) أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ (١).
٨/٧ قال الشاطبي: "وروي في الأخبار أن الملائكة لما قالوا: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ الآية؛ فرد الله عليهم بقوله: ﴿ 'دoTخ) أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ ؛ أرسل الله عليهم ناراً فأحرقتهم(٢)" (٣).
الدِّراسة :
ذكر الشاطبي هذا الخبر عن الملائكة بصيغة التمريض (رُوي) (٤) ؛ وهو كذلك ؛ لأن هذا الخبر لا يصح.
قال ابن كثير-بعد أن أورد هذا الخبر مع وصفه بالغرابة-:"وهذا أيضاً إسرائيلي منكر..."(٥).
وقال الألوسي -بعد أن أورد هذا الخبر- :" وعندي أن ذلك غير صحيح" (٦).
(٢) هذا الخبر : أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/١١٢، من طريق عبد الله بن يحيى ابن أبي كثير قال :"سمعت أبي يقول: إن الملائكة الذين قالوا :﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ x٨د‰ôJut؟٢ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ كانوا عشرة آلاف، فخرجت نار من عند الله فأحرقتهم ".
وهذا الخبر حكم عليه ابن كثير بأنه غريب، وأنه إسرائيلي منكر، وحكم عليه الألوسي بأنه غير صحيح كما سيأتي في دراسة الخبر.
وقال عنه الزهراني في تحقيقه لتفسير ابن أبي حاتم ١/١١٢ :"حديث منكر غريب، وإن صح سنده إلى يحيى بن أبي كثير؛ فهو كثير الإرسال، ومراسيله كما يقول يحيى القطان : شبه الريح، وهذا الخبر واحد منها...".
[وانظر : تهذيب التهذيب ١١/٢٣٥، ٢٣٦].
(٣) الموافقات ٥/٣٩٣، ٣٩٤.
(٤) انظر : تدريب الراوي ١/٩٣، ٢٥١.
(٥) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٧٤، ٧٥.
(٦) روح المعاني ١/٢٢٣.
قال تعالى :﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ sp¨Ypgù:$# وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا ك]ّ‹xm شِئْتُمَا وَلَا $t/uچّ)s؟ دnة‹"yd nouچyf¤±٩$# فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ (١).
٩/٨ قال الشاطبي :" وقد وقعت في القرآن تفاسير مشكلة يمكن أن تكون من هذا القبيل (٢)، أو من قبيل الباطن الصحيح (٣)، وهي منسوبة لأناس من أهل العلم، وربما نسب منها إلى السلف الصالح " (٤).
" ومن ذلك : أنه نقل عن سهل بن عبد الله في فهم القرآن أشياء مما يعد من باطنه..."(٥).
"ومن المنقول عن سهل - أيضاً - في قوله تعالى :﴿ وَلَا $t/uچّ)s؟ دnة‹"yd nouچyf¤±٩$# ﴾ قال: لم يرد الله معنى الأكل في الحقيقة، وإنما أراد معنى مساكنة الهمة لشيء هو غيره؛ أي: لا تهتم بشيء هو غيري. قال : فآدم لم يعصم من الهمة والتدبير فلحقه ما لحقه. قال: وكذلك كل من ادَّعى ما ليس له وساكن قلبه ناظراً إلى هوى نفسه، لحقه الترك من الله مع ما جبلت عليه نفسه فيه ؛ إلا أن يرحمه الله فيعصمه من تدبيره، وينصره على عدوه وعليها.
قال : وآدم لم يعصم عن مساكنة قلبه إلى تدبير نفسه للخلود لما أدخل الجنة ؛ لأن البلاء في الفرع (٦) دخل عليه من أجل سكون القلب إلى ما وسوست به نفسه ؛
فغلب الهوى والشهوة العلم والعقل بسابق القدر...(٧) إلى آخر ما تكلم به.
(٢) أي : من قبيل تفسير الباطنية، انظر : ص١٣٦.
(٣) انظر : ص١٣٦.
(٤) الموافقات ٤/٢٣٥.
(٥) الموافقات ٤/٢٤٢، وانظر : ص١٣٦.
(٦) في تفسير سهل المطبوع ص٢٩ بلفظ: "لأن البلاء دخل عليه" وليس فيه لفظ "الفرع".
(٧) تفسير التستري ص٢٩، باختلاف يسير.
قال تعالى :﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ دo٤qn=¢ء٩$#ur $pk®Xخ)ur لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى tûüدèد±"sƒù:$# (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ Nهk®Xr& (#qà)"n=-B ِNخkحh٥u' وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ tbqمèإ_¨u' ﴾ (١).
١٠/٩ قال الشاطبي (٢) :"... وحسبك من ذلك الصلاة؛ فإنها من جهة حقيقتها خفيفة ؛ فإذا انضم إليها معنى المداومة ثقلت، والشاهد لذلك قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ دo٤qn=¢ء٩$#ur $pk®Xخ)ur لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى tûüدèد±"sƒù:$# ﴾ ؛ فجعلها كبيرة حتى قرن بِها الأمر بالصبر، واستثنى الخاشعين ؛ فلم تكن عليهم كبيرة؛ لأجل ما وصفهم به من الخوف الذي هو سائق، والرجاء الذي هو حادٍ، وذلك ما تضمنه قوله: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ Nهk®Xr& (#qà)"n=-B ِNخkحh٥u' ﴾ الآية؛ فإن الخوف والرجاء يسهلان الصعب ؛ فإن الخائف من الأسد يسهل عليه تعب الفرار، والرَّاجي لنيل مرغوبه يقصر عليه الطويل من المسافة ؛ ولأجل الدخول في الفعل على قصد الاستمرار وضعت التكاليف على التوسط وأسقط الحرج، ونهي عن التشديد" (٣).
الدّراسة :
ذكر الشاطبي بأن الصلاة من جهة حقيقتها خفيفة، وإذا انضم إليها معنى المداومة ثقلت إلا على الخاشعين؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ دo٤qn=¢ء٩$#ur $pk®Xخ)ur لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى tûüدèد±"sƒù:$# ﴾.
وما ذهب إليه الشاطبي فيه تفصيل :
فما ذكره بأن الصلاة من جهة حقيقتها خفيفة؛ فإن كان ذلك بالنسبة إلى المداومة عليها فصحيح، إذ المرة الواحدة خفيفة بالنسبة إلى المداومة عليها.
(٢) في سياق حديثه عن المشقة التي تدخل على المكلّف من جهة المداومة على الأمر الواجب، وإن كان في نفسه خفيفاً. [انظر : الموافقات ٢/٤٠٥].
(٣) الموافقات ٢/٤٠٥، ٤٠٦، وانظر : الموافقات ٢/٢٣٢.
قال تعالى :﴿ $sYù=¯=sكur عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ $uZّ٩u"Rr&ur عَلَيْكُمُ الْمَنَّ ٣"uqù=، ،٩$#ur... ﴾ (١).
١١/١٠ قال الشاطبي :" فلنقل الخلاف هنا (٢) أسباب :
أحدها : أن يذكر في التفسير عن النبي - ﷺ - في ذلك شيء، أو عن أحد من أصحابه أو غيرهم، ويكون ذلك المنقول بعض ما يشمله اللفظ، ثم يذكر غير ذلك القائل أشياء أخر مما يشمله اللفظ -أيضاً-، فينصّها المفسرون على نصِّهما، فيظن أنه خلاف(٣)؛ كما نقلوا في المنِّ(٤) أنه خُبزٌ رقاق (٥)، وقيل: زنجبيل(٦)، وقيل: التَّرَنجبين(٧)،
(٢) أي : نقل الخلاف في مسألة لا خلاف فيها في الحقيقة يرجع إلى أسباب. [انظر : الموافقات ٥/٢١٠].
(٣) نبَّه على هذا الأمر شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ١٣/٣٣٣-٣٤٣، ٣٦٩، ١٩/١٣٨-١٤٠.
(٤) أي : المنّ الوارد في قوله تعالى :﴿ $uZّ٩u"Rr&ur عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ﴾ (البقرة: ٥٧).
(٥) أخرجه ابن جرير في تفسيره ١/٣٣٤ عن وهب بن منبه.
(٦) أخرجه ابن جرير في تفسيره ١/٣٣٤ عن السدي.
الزنجبيل : عروق تسري في الأرض ونباته كالقصب والبَرْديِّ، يؤكل رطباً كما يؤكل البقل [انظر : القاموس المحيط ص١٣٠٦، لسان العرب ١١/٣١٢، مادة زنجبيل].
(٧) ذكره ابن الجوزي في تفسيره ١/٧٣ عن ابن عباس ومقاتل، ونسبه البغوي في تفسيره ١/٩٧١، والقرطبي في تفسيره ١/٢٧٦ إلى الأكثرين.
الترنجبين : شيء يشبه الصمغ حلو مع شيء من الحموضة [انظر : القاموس المحيط ١٥٩٤، روح المعاني ١/٢٦٤].
قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ $sYù=à)sù لَهُمْ كُونُوا ¸oyٹuچد% خَاسِئِينَ ﴾ (١).
١٢/١١ قال الشاطبي (٢): "... ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ﴾ الآية وأشباهها(٣) ؛ لأنهم احتالوا للاصطياد في السبت بصورة الاصطياد في غيره" (٤).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن المراد بقوله :﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ﴾ هو احتيالهم للاصطياد في السبت بصورة الاصطياد في غيره.
وما ذكره الشاطبي ؛ ذهب إليه أكثر المفسرين(٥).
قال ابن القيم: "قال الحسن البصري في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ﴾ قال: رموا الحيتان في السبت، ثم أرجئوها في الماء، فاستخرجوها بعد ذلك...".
(٢) في سياق حديثه عن الحيل وتحريمها. [انظر : الموافقات ٣/١٠٩، ١١٠].
(٣) كقوله تعالى :﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ حچَst٧ّ٩$# إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ y٧د٩¨x‹ں٢ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف : ١٦٣].
(٤) الموافقات ٣/١١٠.
(٥) انظر : جامع البيان ١/٣٧٠-٣٧٣، معالم التنْزيل ١/١٠٤، ١٠٥، المحرر الوجيز ١/١٦٠، الجامع لأحكام القرآن ١/١/٢٩٨، مدارك التنْزيل ١/٥٨، بدائع التفسير ١/٣١٦، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/١٠٩، أنوار التنْزيل ١/٦٧، فتح القدير ١/٩٥، ٩٦، محاسن التأويل ١/٣٠٤، ٣٠٥.
قال تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ ôMن. قگكDù'tƒ أَنْ تَذْبَحُوا Zouچs)t/ (#ûqن٩$s% أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ڑْüد=خg"pgù:$# (٦٧) قَالُوا نيôٹ$# لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ $pk®Xخ) ×ouچs)t/ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ y٧د٩¨sŒ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (٦٨) قَالُوا نيôٹ$# $sYs٩ رَبَّكَ يُبَيِّنْ $sY©٩ مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ $pk®Xخ) ×ouچs)t/ âن!#uچّے|¹ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ ڑْïحچدà"¨Z٩$# (٦٩) قَالُوا نيôٹ$# لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ uچs)t٦ّ٩$# تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ $pk®Xخ) ×ouچs)t/ لَا ذَلُولٌ مژچدVè؟ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي y^ِچutù:$# مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ (١).
١٣/١٢ قال الشاطبي (٢): "ومثل هذا قصة أصحاب البقرة (٣)،
(٢) في سياق حديثه بأن الأحكام تحمل على أخف محتملاتها ؛ لأن هذا داخل تحت مرتبة العفو. [انظر : الموافقات ١/٢٥٣-٢٥٨].
(٣) قصة أصحاب البقرة : هي أن قتيلاً من بني إسرائيل قُتِلَ في زمن موسى - عليه السلام - لا يُعلم قاتله، فاختلفوا فيه، وسألوا موسى - عليه السلام - أن يبين لهم قاتله ؛ فأمرهم أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها فيحيى ويخبرهم بقاتله، وهي المذكورة في سورة البقرة [الآيات : ٦٧-٧٣].
انظر : جامع البيان ١/٣٧٩-٣٨١، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/١١٢-١١٤.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا $uZدم¨u' وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا ڑْïحچدے"x٦ù=د٩ur عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ (١).
١٤/١٣ قال الشاطبي :" ونَهى الله تعالى المؤمنين أن يقولوا للنبي - ﷺ - :﴿ $uZدم¨u' ﴾ مع قصدهم الحسن ؛ لاتخاذ اليهود لها ذريعة إلى شتمه -عليه الصلاة والسلام"(٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن الله تعالى نَهى المؤمنين أن يقولوا للنبي - ﷺ - ﴿ $uZدم¨u' ﴾ مع قصدهم الحسن ؛ لاتخاذ اليهود لها ذريعة إلى شتمه - عليه الصلاة والسلام - (٣).
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه جمهور المفسرين(٤).
وما ذكره ابن جرير(٥)، و أبو حيان(٦) وابن كثير(٧) بأن سبب النهي عن كلمة ﴿ $uZدم¨u' ﴾
لأن فيها شيئاً من الجفاء (٨)،
(٢) الموافقات ٣/٧٦.
(٣) اتخاذها ذريعة إلى شتمه - ﷺ - ؛ لأنها كلمة سَبٍّ عندهم ؛ فقيل : إن معناها : اسمع لا سمعت، أو لا سمعت دعاء، وقيل بأن معناها من الرعونة ؛ وهي الجهل. [انظر : معالم التنْزيل ١/١٣٢، المحرر الوجيز ١/١٨٩، التحرير والتنوير ١/٦٣٢].
(٤) انظر : جامع البيان ١/٥١٥، بحر العلوم ١/١٤٥، معالم التنْزيل ١/١٣٢، ١٣٣، الكشاف ١/٨٦، أحكام القرآن لابن العربي ١/٤٩، المحرر الوجيز ١/١٨٩، الجامع لأحكام القرآن ١/٢/٤٠، مدارك التنْزيل ١/٧٣، بدائع التفسير ١/٣٣٣، أنوار التنْزيل ١/٨٠، فتح القدير ١/١٢٤، روح المعاني ١/٣٤٨، محاسن التأويل ١/٣٤٢، تيسير الكريم الرحمن ١/١٢٠، التحرير والتنوير ١/٦٣٢.
(٥) انظر : جامع البيان ١/٥١٦-٥١٨.
(٦) انظر : البحر المحيط ١/٥٠٨.
(٧) انظر : تفسير القرآن العظيم ١/١٥٣.
(٨) لأنها تحتمل معنيين :
الأول : بمعنى : ارعنا نرعاك ؛ لأن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين.
والثاني : أرْعنا سمعك، حتى نفهمك وتفهم عنَّا، وفيها جفاء وفظاظة وغلظة، وهذا خلاف التبجيل والتعظيم للنبي - ﷺ -. [انظر : جامع البيان ١/١٥٧، الجامع لأحكام القرآن ١/٢/٤٠].
قال تعالى :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ yىsY¨B y‰إf"|،tB اللَّهِ أَنْ uچx. ُ‹مƒ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي !$ygخ/#uچyz أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا ڑْüدےح !%s{ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا س"÷"½z وَلَهُمْ فِي دouچ½zFy$# عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ (١).
١٥/١٤ قال الشاطبي :" وقد وقعت في القرآن تفاسير مشكلة يمكن أن تكون من هذا القبيل (٢)، أو من قبيل الباطن الصحيح، وهي منسوبة لأناس من أهل العلم ؛ وربما نسب منها إلى السلف الصالح... " (٣).
" وقد حمل بعضهم قوله تعالى :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ yىsY¨B y‰إf"|،tB اللَّهِ أَنْ uچx. ُ‹مƒ فِيهَا اسْمُهُ ﴾ (٤) على أن المساجد القلوب، تمنع بالمعاصي من ذكر الله (٥)... " (٦).
"وهذا كله إن صح نقله خارج عما تفهمه العرب، ودعوى ما لا دليل عليه في مراد الله بكلامه"(٧).
الدّراسة :
(٢) أي : من قبيل تفسير الباطنية، انظر : ص١٣٦.
(٣) الموافقات ٤/٢٣٥.
(٤) سورة البقرة : ١١٤.
(٥) نقل نحوه ابن العربي في قانون التأويل ص ٢٢٤، والقمّي النيسابوري في غرائب القرآن ورغائب الفرقان ١/٤٢٨، والألوسي في روح المعاني ١/٢٠٩، والبروسوي في روح البيان ١/٢٠٩.
قال القمّي النيسابوري :" التأويل : مساجد الله التي يذكر فيها، أساميها عند أهل النظر: النفس، والقلب، والروح، والسر، والخفي؛ وهو سر السر، وذكر كل مسجد منها مناسب لذلك المسجد، فذكر مسجد النفس: الطاعات والعبادات، ومنع الذكر فيه بترك الحسنات وملازمة السيئات، وذكر مسجد القلب: التوحيد والمعرفة، ومنع الذكر فيه بالتمسك بالشبهات والتعلق بالشهوات..." [غرائب القرآن ١/٤٢٨].
(٦) الموافقات ٤/٢٤٩.
(٧) الموافقات ٤/٢٥٠.
قال تعالى :﴿ بَدِيعُ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ (١).
١٦/١٥ قال الشاطبي: " قول الله تعالى :﴿ بَدِيعُ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضِ ﴾ ؛ أي: مخترعهما من غير مثال سابق متقدم " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن معنى قوله تعالى :﴿ بَدِيعُ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضِ ﴾ أي : مخترعهما من غير مثال سابق متقدم.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسرين(٣).
قال ابن جرير: " ﴿ بَدِيعُ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضِ ﴾ ؛ مُبدعها..." "ومعنى المبدع: المنشئ والمحدث ما لم يسبقه إلى إنشاء مثله وإحداثه أحد"(٤).
وقال البغوي: " قوله تعالى: ﴿ كىƒد‰t/ دN¨uq"yJ، ،٩$# اعِ'F{$#ur ﴾ ؛ أي: مبدعها ومنشئها من غير مثال سبق"(٥).
(٢) الاعتصام ١/٤١.
(٣) انظر : جامع البيان ١/٥٥٥، ٥٥٦، بحر العلوم ١/١٥٣، النكت والعيون ١/١٧٨، معالم التنْزيل ١/١٤٢، الكشاف ١/٩٠، ٩١، المحرر الوجيز ١/٢٠١، زاد المسير ١/١١٨، التفسير الكبير ٢/٤/٢٣، ٢٤، الجامع لأحكام القرآن ١/٢/٦٠، مدارك التنْزيل ١/٧٨، التسهيل ١/٨٠، البحر المحيط ١/٥٢٥، بدائع التفسير ١/٣٣٥، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/١٦٦، الدر المنثور ١/٢٠٨، فتح القدير ١/١٣٣، روح المعاني ١/٣٦٥، محاسن التأويل ١/٣٥٢، التحرير والتنوير ١/٦٦٨.
(٤) جامع البيان ١/٥٥٥.
(٥) معالم التنْزيل ١/١٤٢.
قال تعالى :﴿ وَوَصَّى بِهَا قO؟دd¨uچِ/خ) بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ¢سة_t٦"tƒ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ tbqكJد=َ،-B ﴾ (١).
١٧/١٦ قال الشاطبي: "إذا ظهر من الشارع في بادئ الرأي القصد إلى التكليف بما لا يدخل تحت قدرة العبد ؛ فذلك راجع في التحقيق إلى سوابقه، أو لواحقه، أو قرائنه ؛ فقوله تعالى :﴿ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ tbqكJد=َ،-B ﴾ ليس المطلوب منه إلا ما يدخل تحت القدرة، وهو : الإسلام" (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ tbqكJد=َ،-B ﴾ ليس المطلوب منه إلا ما يدخل تحت القدرة، وهو الإسلام (٣).
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسرين(٤).
قال البغوي -في الآية-:" والنهي في ظاهر الكلام وقع على الموت، وإنما نهوا في الحقيقة عن ترك الإسلام، معناه: داوموا على الإسلام حتى لا يصادفكم الموت إلا وأنتم مسلمون"(٥).
قال القاسمي :" وفي هذه الجملة إيجاز بليغ، والمراد : الزموا الإسلام، ولا تفارقوه حتى تموتوا، وهذا الاستثناء مفرغ من أعم الأحوال ؛ أي : لا تموتوا على حالة إلا على حال كونكم ثابتين على الإسلام.
(٢) الموافقات ٢/١٧٢، ١٧٣، وانظر: الموافقات ٢/١٧٨.
(٣) أي : لزوم الإسلام، وعدم مفارقته حتى الموت.
(٤) انظر : جامع البيان ١/٦١٢، بحر العلوم ١/١٦٠، النكت والعيون ١/١٩٣، معالم التنْزيل ١/١٥٣، الكشاف ١/٩٥، المحرر الوجيز ١/٢١٣، زاد المسير ١/١٢٩، التفسير الكبير ٢/٤/٦٧، الجامع لأحكام القرآن ١/٢/٩٣، مدارك التنْزيل ١/٨٤، البحر المحيط ١/٥٧١، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/١٩١، أنوار التنْزيل ١/٨٨، فتح القدير ١/١٤٥، روح المعاني ١/٣٨٧، محاسن التأويل ١/٣٧٠، التحرير والتنوير ١/٧٠٩.
(٥) معالم التنْزيل ١/١٥٣.
قال تعالى :﴿ y٧د٩¨x‹x.ur ِNن٣"sYù=yèy_ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا $sYù=yèy_ الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ ـ=د=s)Ztƒ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ ِNن٣sY"yJƒخ) إِن اللَّهَ بِالنَّاسِ ش$râنuچs٩ رَحِيمٌ ﴾ (١).
١٨/١٧ قال الشاطبي: "وكذلك من مات قبل أن تحوَّل القبلة نحو الكعبة لا حرج عليه في صلاته إلى بيت المقدس؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ ِNن٣sY"yJƒخ) ﴾ "(٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن من مات قبل أن تحوَّل القبلة نحو الكعبة لا حرج عليه في صلاته إلى بيت المقدس ؛ لقوله تعالى :﴿... وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ ِNن٣sY"yJƒخ)... ﴾.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسِّرين (٣).
وقد حكى ابن العربي(٤) والقرطبي(٥) اتفاق العلماء على أنها نزلت فيمن مات وهو يصلِّي إلى بيت المقدس.
(٢) الموافقات ٤/٢٦٠.
(٣) انظر : جامع البيان ٢/٢٠، ٢١، بحر العلوم ١/١٦٤، ١٦٥، النكت والعيون ١/٢٠١، معالم التنْزيل ١/١٦٠، أحكام القرآن لابن العربي ١/٦٢، المحرر الوجيز ١/٢٢٠، ٢٢١، زاد المسير ١/١٣٥، الجامع لأحكام القرآن ١/٢/١٠٦، مدارك التنْزيل ١/٨٨، بدائع التفسير ١/٣٤٢، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/١٩٧، فتح القدير ١/١٥١، روح المعاني ١/٤٠٦، محاسن التأويل ١/٣٨٩.
(٤) انظر : أحكام القرآن لابن العربي ١/٦٢.
(٥) انظر : الجامع لأحكام القرآن ١/٢/١٠٦، وانظر : جامع البيان ٢/٢٠، ٢١، فتح القدير ١/١٥١.
قال تعالى :﴿ Nن٣¯Ruqè=ِ٧sYs٩ur بِشَيْءٍ مِنَ إ$ِqsƒù:$# وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ ةA¨uqّBF{$# وَالْأَنْفُسِ دN¨uچyJ¨W٩$#ur حچدe±o٠ur الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ ×pt٧ٹإء-B (#ûqن٩$s% إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ tbqمèإ_¨u' (١٥٦) أُولَئِكَ ِNخkِژn=tو شN¨uqn=|¹ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ (١).
١٩/١٨ قال الشاطبي: " ﴿... Nن٣¯Ruqè=ِ٧sYs٩ur بِشَيْءٍ مِنَ إ$ِqsƒù:$# وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ ةA¨uqّBF{$# وَالْأَنْفُسِ دN¨uچyJ¨W٩$#ur حچدe±o٠ur الصَّابِرِينَ ﴾ إلى آخرها.
فأثنى عليهم بأنهم صبروا لها، ولم يخرجوا بِها عن أصل ما حملوه إلى غيره (٢).
وقوله :﴿ Nن٣¯Ruqè=ِ٧sYs٩ur بِشَيْءٍ ﴾ يدل على أن هذه البلوى قليلة الوقوع بالنسبة إلى جمهور الأحوال"(٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ Nن٣¯Ruqè=ِ٧sYs٩ur بِشَيْءٍ ﴾ يدل على أن هذه البلوى قليلة الوقوع بالنسبة إلى جمهور الأحوال.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه أكثر المفسرين (٤).
قال الزمخشري :" ﴿ بِشَيْءٍ ﴾ ؛ بقليل من كل واحد من هذه البلايا وطرف منه"(٥).
قال السمين الحلبي :"... ﴿ بِشَيْءٍ ﴾ ومعناها الدلالة على التقليل " (٦).
(٢) أي : لم يخرجوا بِها عن أصل العزيمة إلى الرخصة ؛ بل أخذوا بالعزيمة مع وجود الابتلاء والمشقة فصبروا لها. [انظر : الموافقات ١/٥٠٥-٥٠٧].
(٣) الموافقات ١/٥٠٧.
(٤) انظر: الكشاف ١/١٠٣، التفسير الكبير ٢/٤/١٣٦، الجامع لأحكام القرآن ١/٢/١١٧، مدارك التنْزيل ١/٩٢، البحر المحيط ١/٦٢٣، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٢٠٣، أنوار التنْزيل ١/٩٦، إرشاد العقل السليم ١/٢٢٠، ٢٢١، فتح القدير ١/١٥٩، روح المعاني ١/٤٢٠، محاسن التأويل ١/٤٠٣، التحرير والتنوير ٢/٥٤، ٥٥.
(٥) الكشاف ١/١٠٣.
(٦) الدر المصون ٢/١٨٥.
قال تعالى :﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ حچح !$yèx© اللَّهِ فَمَنْ ¢kxm الْبَيْتَ أَوِ uچyJtFôم$# فَلَا yy$sYم_ عَلَيْهِ أَنْ t$
q©ـtƒ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ #[ژِچyz فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ يOٹد=tم ﴾
(١).
٢٠/١٩ قال الشاطبي :" قول الله سبحانه: ﴿ فَمَنْ ¢kxm الْبَيْتَ أَوِ uچyJtFôم$# فَلَا yy$sYم_ عَلَيْهِ أَنْ t$q©ـtƒ بِهِمَا ﴾ فإن هذه الآية لفظها يقتضي الإباحة(٢)، وليس الطواف بهما مباحاً (٣)؛ لأنه إنما ذكر رفع الجُناح في مقابلة تَوَهُّمِه حين خافوا المنع بسبب ما تقدّم فيهما من أعلام الكفر، فرفع ذلك التوهم بقوله :﴿ فَلَا yy$sYم_ عَلَيْهِ أَنْ t$
q©ـtƒ بِهِمَا ﴾ "(٤).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ فَمَنْ ¢kxm الْبَيْتَ أَوِ uچyJtFôم$# فَلَا yy$sYم_ عَلَيْهِ أَنْ t$q©ـtƒ بِهِمَا ﴾ بأن لفظها يقتضي الإباحة، وليس الطواف بهما مباحاً ؛ لأنه إنما ذكر رفع الجُناح في مقابلة تَوَهُّمِه حين خافوا المنع بسبب ما تقدّم فيهما من أعلام الكفر، فرفع ذلك التوهم بقوله :﴿ فَلَا yy$sYم_ عَلَيْهِ أَنْ t$
q©ـtƒ بِهِمَا ﴾.
(٢) لفظها يقتضي الإباحة؛ أي من حيث الاستعمال اللغوي[انظر: الوسيط ١/٢٤٣، البحر المحيط ١/٦٣١].
(٣) وليس الطواف بهما مباحاً، أي: من حيث الحكم الشرعي؛ حيث إن الطواف بهما مشروع باتفاق المسلمين، وإنما اختلفوا في حكمه.[انظر: جامع البيان ٢/٥٢، مجموع الفتاوى ٢٤/٢٠].
(٤) المقاصد الشافية ١/٢٤٠.
قال تعالى :﴿ إِنَّمَا tP
چxm عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ حچƒح"Yد‚ّ٩$# وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ... ﴾
(١).
٢١/٢٠ قال الشاطبي: " واستدل بعضهم (٢) على تحليل شحم الخنْزير بقوله تعالى :﴿ وَلَحْمَ حچƒح"Yد‚ّ٩$# ﴾ (٣)، فاقتصر على تحريم اللحم دون غيره؛ فدل على أنه حلال، ورُبما سلَّم بعض العلماء ما قالوا (٤)، وزعم أن الشحم إنما حُرِّم بالإجماع(٥)، والأمر أيسر من ذلك ؛ فإن اللحم ينطلق على الشحم وغيره حقيقة، حتى إذا خصَّ بالذِّكر؛ قيل : شحم ؛ كما قيل : عِرْقٌ، وعَصَبٌ، وجِلد، ولو كان على ما قالوا لزم أن لا يكون العرق، ولا العصب، ولا الجلد، ولا المخّ، ولا النُّخاع، ولا غير ذلك مما خصَّ بالاسم مُحرَّماً ؛ وهو خروج عن القول بتحريم الخنْزير " (٦).
الدّراسة :
تحدَّث الشاطبي في هذا الموضع عن مسألتين :
المسألة الأولى : حكم شحم الخنْزير.
(٢) نُقل هذا عن داود بن علي الأصفهاني، رأس الظاهرية. [انظر : النكت والعيون ١/٢٢٢، البحر المحيط ١/٦٦٢].
(٣) سورة البقرة : ١٧٣.
(٤) قال أبو حيان :﴿ وَلَحْمَ حچƒح"Yد‚ّ٩$# ﴾ ظاهره أن المحرَّم منه هو لحمه فقط ؛ وقد ذهب إلى ذلك داود رأس الظاهرية فقال : المحرَّم دون الشحم... " ؛ ثم انتهى إلى أن اللحم والشحم لا يطلق أحدهما على الآخر فقال :"... فالحق أن كلاً منهما لا يندرج تحت الآخر... ". [البحر المحيط ١/٦٦٢، ٦٦٣] وانظر : التحرير والتنوير ٢/١١٨، ١١٩.
(٥) قال ابن حزم :" وقد ادَّعى بعض من لا يبالي ما أطلق به لسانه من أصحاب القياس أن شحم الخنْزير إنما حُرِّم قياساً على لحمه، وأن الإجماع على تحريمه إنما هو من قبل القياس المذكور ". [المحلى ٦/٥٨].
(٦) الاعتصام ٢/٣٩، وانظر : الاعتصام ٣/٣٧٢، الموافقات ٤/٢٢٨.
قال تعالى :﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى ِNن٣ح !$|، دS هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ zNد=tو اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ £`èdrمژإ³"t/ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ٤س®Lxm يَتَبَيَّنَ لَكُمُ نفّ‹sƒù:$# الْأَبْيَضُ مِنَ إفّ‹sƒù:$# الْأَسْوَدِ مِنَ حچôfxےّ٩$# ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ (١).
٢٢/٢١ قال الشاطبي: " ولتعين المناط (٢) مواضع :
(٢) المناط : هو السبب والعلة ؛ أي: سبب الحكم أو علة الحكم. [انظر : مذكرة في أصول الفقه، ص ٥٠، ٥١، ٩١].
قال تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ àM‹د%¨uqtB لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ $ygخ/¨uqِ/r& وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ ڑcqكsد=ّےè؟ ﴾ (١).
٢٣/٢٢ قال الشاطبي: " كل مسألة لا ينبني عليها عمل ؛ فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأعني بالعمل : عمل القلب وعمل الجوارح، من حيث هو مطلوب شرعاً.
والدليل على ذلك استقراء الشريعة ؛ فإنا رأينا الشارع يُعرض عما لا يفيد عملاً مكلفاً به ؛ ففي القرآن الكريم :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ àM‹د%¨uqtB لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ فوقع الجواب بما يتعلق به العمل ؛ إعراضاً عمَّا قصده السائل من السؤال عن الهلال :" لِمَ يبدو في أول الشهر دقيقاً كالخيط، ثم يمتلئ حتى يصير بدراً، ثم يعود إلى حالته الأولى؟"(٢).
(٢) هذا الأثر - في نزول قوله تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ﴾ أورده الواحدي في أسباب النّزول ص٥٣، ٥٤ بلا إسناد، قال: "... وقال الكلبي : نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن عَنَمَة، وهما رجلان من الأنصار، قالا : يا رسول الله، ما بال الهلال يبدو فيطلع رقيقاً مثل الخيط، ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستنير، ثم لا يزال ينقص ويرق حتى يكون كما كان، لا يكون على حال واحدة ؟ فنَزلت هذه الآية ".
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ١/٣٢ من طريق محمد بن مروان السدي الصغير، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس : أن معاذ بن جبل وثعلبة بن عَنَمَة، وهما رجلان من الأنصار، قالا : يا رسول الله..." الأثر.
وهذا الأثر ضعيف ؛ لأن فيه الكلبي، قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب ص٤٧٩ :"متهم بالكذب ورمي بالرفض"، وفيه -أيضاً- أبو صالح، قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب ص١٢٠: "ضعيف يرسل"، وحكم الزيلعي على هذا الأثر بأنه "غريب". [ انظر : تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف ١/١١٨]............................ =
= وقال عنه ابن حجر في العجاب ١/٤٥٥ :" وأما أثر الكلبي فلعله في تفسيره الذي يرويه عن أبي صالح، عن ابن عباس، وقد وجدت مثله في تفسير مقاتل بن سليمان بلفظه، فلعله تلقاه عنه.
وقد توارد من لا يد لهم في صناعة الحديث على الجزم بأن هذا كان سبب النّزول مع وهاء السند فيه، ولا شعور عندهم بذلك ؛ بل كاد يكون مقطوعاً به ؛ لكثرة من ينقله من المفسرين وغيرهم ".
وحكم السيوطي في الدر المنثور ١/٣٦٧ على إسناده بأنه ضعيف.
وأخرج ابن جرير في تفسيره ٢/١٩١ عن قتادة -مرسلاً- قال: " سألوا نبي الله - ﷺ - عن ذلك : لِمَ جعلت هذه الأهلة ؟ فأنزل الله تعالى فيها ما تسمعون :﴿ هِيَ àM‹د%¨uqtB لِلنَّاسِ ﴾ ".
وحسن إسناده إلى قتادة: حكمت بشير ياسين في التفسير الصحيح ١/٢٨٩.
قال تعالى :﴿ وَأَتِمُّوا ¢kutù:$# nouچ÷Kمèّ٩$#ur لِلَّهِ فَإِنْ ِNè؟ِژإاômé& فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ... ﴾ (١).
٢٤/٢٣ قال الشاطبي (٢) :" قول الله تعالى :﴿ وَأَتِمُّوا ¢kutù:$# nouچ÷Kمèّ٩$#ur لِلَّهِ ﴾، فإنما أمر بالإتمام دون الأمر بأصل الحج ؛ لأنهم كانوا قبل الإسلام آخذين به، لكن على تغيير بعض الشعائر، ونقص جملة منها ؛ كالوقوف بعرفة، وأشباه ذلك مما غيَّروا(٣)، فجاء الأمر بالإتمام لذلك، وإنما جاء إيجاب الحج نصاً في قوله تعالى :﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ دMّٹt٧ّ٩$# ﴾ (٤)، وإذا عرف هذا ؛ تبين هل في الآية دليل على إيجاب الحج، أو إيجاب العمرة، أم لا؟"(٥).
الدّراسة :
تحدَّث الشاطبي في هذا الموضع عن مسألتين :
المسالة الأولى : ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ وَأَتِمُّوا ¢kutù:$# nouچ÷Kمèّ٩$#ur ﴾ يفيد الأمر بإتمام الحج، دون الأمر بأصل الحج.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه أكثر المفسرين(٦).
ولهذا القول أدلة، منها :
(٢) ذكر الشاطبي هذا المثال ؛ لبيان أن معرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالة التنْزيل يعين على فهم القرآن. [انظر : الموافقات ٤/١٥٤].
(٣) انظر : جامع البيان ٢/٣٠٣-٣٠٥، أحكام القرآن لابن العربي ١/٣٧٤، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٢٥٠.
(٤) سورة آل عمران : ٩٧.
(٥) الموافقات ٤/١٥٤، وانظر : الموافقات ٢/١٦٣، ١٦٨، ١٦٩.
(٦) انظر : جامع البيان ٢/٢١٧، ٢١٩، أحكام القرآن للجصاص ١/٣٢٠، الكشاف ١/١١٩، أحكام القرآن لابن العربي ١/١٦٩، مدارك التنْزيل ١/١١٠، مجموع الفتاوى ٢٦/٧، ٢٧/٢٦٥، التسهيل ١/١٠١، البحر المحيط ٢/٨١، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٢٣٧، ٣٩٣، روح المعاني ١/٤٧٥، ٤٧٦، التحرير والتنوير٢/٢١٢-٢٢٠.
قال تعالى :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ îy$sYم_ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ... ﴾ (١).
٢٥/٢٤ قال الشاطبي: " ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ îy$sYم_ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ يعني : في مواسم الحج " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ îy$sYم_ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ أن ذلك في مواسم الحج.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسرين(٣).
ويدل عليه حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في نزول الآية، قال :" كانت عكاظٌ ومَجَنَّة وذو الْمَجاز أسواقاً في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم ؛ فنَزلت :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ îy$sYم_ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ في مواسم الحج (٤) " (٥).
(٢) الموافقات ٢/٣٦٦.
(٣) انظر : جامع البيان ٢/٢٩٤-٢٩٧، أحكام القرآن للجصاص ١/٣٧٤، ٣٧٥، بحر العلوم ١/١٩٣، ١٩٤، النكت والعيون ١/٢٦٠، معالم التنْزيل ١/٢٢٨، الكشاف ١/١٢٣، أحكام القرآن لابن العربي ١/١٩٢، المحرر الوجيز ١/٢٧٤، زاد المسير ١/١٨٢، التفسير الكبير ٣/٥/١٤٥، ١٤٦، الجامع لأحكام القرآن ١/٢/٢٧٤، البحر المحيط ٢/١٠٣، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٢٤٧، روح المعاني ١/٤٨٣، التحرير والتنوير ٢/٢٣٣.
(٤) قوله :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ îy$sYم_ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ في مواسم الحج ﴾ هذه قراءة ابن عباس ؛ وهي شاذة، ولها حكم التفسير. [انظر : جامع البيان ٢/٢٩٤-٢٩٦، فتح الباري ٣/٥٩٥].
(٥) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التفسير، باب ﴿ ﴾ّٹs٩ ِNà٦ّ‹n=tم îy$sYم_ br& (#qنَtGِ;s؟ Wxôزsù `دiB ِNà٦خn/' } ص ٧٦٨، رقم ٤٥١٩.
قال تعالى :﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً Zoy‰دn¨ur فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ ڑْïحچدe±u; مB وَمُنْذِرِينَ tAu"Rr&ur مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ àM"sYةi t٦ّ٩$# بَغْيًا َOكgsY÷ t/ ﴾ (١).
٢٦/٢٥ قال الشاطبي: " وقال تعالى :﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً Zoy‰دn¨ur فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ ڑْïحچدe±u; مB وَمُنْذِرِينَ tAu"Rr&ur مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ... ﴾ ولا يكون حاكماً بينهم إلا مع كونه قولاً واحداً فصلاً بين المختلفين"(٢).
الدّراسة :
استدل الشاطبي بهذه الآية على أن الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد (٣).
ووجه الاستدلال بالآية : أن الله أنزل الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ولا يكون حاكماً بينهم إلا مع كونه قولاً واحداً فصلاً بين المختلفين.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ هو ما تدل عليه الآيات (٤) والأحاديث.
فمن الآيات : قوله تعالى :﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا #[ژچدWں٢ ﴾ (٥)، " فنفى أن يقع فيه الاختلاف البتة، ولو كان فيه ما يقتضي قولين مختلفين لم يصدق عليه هذا الكلام على حال " (٦).
(٢) الموافقات ٥/٦١.
(٣) انظر : الموافقات ٥/٥٩-٦١.
(٤) انظر : الموافقات ٥/٥٩-٦١، وانظر : ص٣١٣، ٣٤٥، ٣٥٥، ٤٨٢.
(٥) سورة النساء : ٨٢.
(٦) الموافقات ٥/٥٩-٦٠.
قال تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ حچôJy‚ّ٩$# وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ ضژچخ٧ں٢ كىدے"sYtBur لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا مژy٩ٍ٢r& مِنْ نَفْعِهِمَا... ﴾ (١).
٢٧/٢٦ قال الشاطبي (٢) :" والثاني : كما في الأشياء التي كانت في أول الإسلام على حكم الإقرار، ثم حرِّمت بعد ذلك بتدريج ؛ كالخمر ؛ فإنها كانت معتادة الاستعمال في الجاهلية، ثم جاء الإسلام ؛ فتركت على حالها قبل الهجرة وزماناً بعد ذلك، ولم يتعرض في الشرع للنص على حكمها حتى نزل :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ حچôJy‚ّ٩$# وَالْمَيْسِرِ ﴾ فبين ما فيها من المنافع والمضار، وأن الأضرار فيها أكبر من المنافع، وترك الحكم الذي اقتضته المصلحة وهي التحريم ؛ لأن القاعدة الشرعية أن المفسدة إذا أرْبَتْ على المصلحة؛ فالحكم للمفسدة، والمفاسد ممنوعة (٣)، فبان وجه المنع فيهما، غير أنه لما لم ينص على المنع -وإن ظهر وجهه- تمسكوا بالبقاء مع الأصل الثابت لهم بمجاري العادات، ودخل لهم تحت العفو، إلى أن نزل ما في سورة المائدة من قوله تعالى :﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ (٤) ؛ فحينئذٍ استقرَّ حكم التحريم، وارتفع العفو، وقد دلَّ على ذلك قوله تعالى :﴿ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا دM"ysد="¢ء٩$# جُنَاحٌ فِيمَا (#ûqكJدèsغ ﴾ (٥) الآية ؛ فإنه لما حُرِّمت قالوا : كيف بمن مات وهو يشربها ؟
(٢) في سياق حديثه عمَّا يدخل تحت العفو، ومنه : العمل بما هو مسكوت عن حكمه رأساً، والمسكوت عن حكمه أنواع : ومنه هذا النوع الثاني : وهو السكوت عن مجاري العادات مع استصحابها في الواقع. [انظر : الموافقات ١/٢٦٣، ٢٧٤، ٢٧٥].
(٣) انظر : القواعد الحسان، ص ١١٩-١٢١.
(٤) سورة المائدة : ٩٠.
(٥) سورة المائدة : ٩٣.
قال تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ ضژِچyz وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ ِNن٣çR¨uq÷zخ*sù وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ ثxد=َءكJّ٩$# وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ ِNن٣tFuZôم{ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ زOٹإ٣xm ﴾ (١).
٢٨/٢٧ قال الشاطبي (٢): "... وأصله من قول الله تعالى في مال اليتيم :﴿ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ ِNن٣çR¨uq÷zخ*sù... ﴾ فإن العلماء فسروا المخالطة هنا بأنها ليست بشركة في أصل المال، وإنما هي كنحو ما يتعاشر الناس في السفر والحضر، فيأكلون جميعاً من طعام هذا وطعام هذا ؛ فيكون لليتيم الطعام ولكافله مثله، فيجعلونه في بيوتهم يقتاتونه"(٣).
"... ولا حرج في الدين، قال تعالى :﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ ِNن٣tFuZôم{ ﴾ معناه : فلم يعنتنا في ذلك، وله الحمد " (٤).
الدّراسة :
تحدَّث الشاطبي في هذا الموضع عن مسألتين :
المسألة الأولى : ذكر الشاطبي أن الخلطة في قوله تعالى :﴿ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ ِNن٣çR¨uq÷zخ*sù ﴾ إنما هي كنحو ما يتعاشر الناس في السفر والحضر، فيأكلونه جميعاً من طعام هذا وطعام هذا.
وما ذكره الشاطبي ؛ ذهب إليه أكثر المفسرين(٥).
(٢) في سياق حديثه عن مسألة اشتراك المعارف والأقارب في العجن والأدام ونحوهما، ثم يأكلونه جميعاً، أو يقسمونه من غير مشاحة بينهم. [انظر : فتاوى الإمام الشاطبي، ص ٢٠٨].
(٣) فتاوى الإمام الشاطبي، ص ٢٠٨.
(٤) فتاوى الإمام الشاطبي، ص ٢١٠.
(٥) انظر : جامع البيان ٢/٣٨٢-٣٨٥، أحكام القرآن للجصاص ١/٤٠١، النكت والعيون ١/٢٨٠، المحرر الوجيز ١/٢٩٦، زاد المسير ١/٢٠٦، الجامع لأحكام القرآن ٢/٣/٤٤، البحر المحيط ٢/١٧١، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٢٦٤، فتح القدير ١/٢٢٢، روح المعاني ١/٥١٠، ٥١١، محاسن التأويل ١/٥٣٨، ٥٣٩، تيسير الكريم الرحمن ١/٢٧٣.
قال تعالى :﴿ ِNن. نt!$|، دS س^ِچxm لَكُمْ فَأْتُوا ِNن٣rOِچxm أَنَّى شِئْتُمْ... ﴾ (١).
٢٩/٢٨ قال الشاطبي :" وأما الإباحة التي بمعنى التخيير ؛ ففي قوله تعالى :﴿ ِNن. نt!$|، دS س^ِچxm لَكُمْ فَأْتُوا ِNن٣rOِچxm أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ يريد : كيف شئتم: مقبلة، ومدبرة، وعلى جنب ؛ فهذا تخيير واضح " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن معنى قوله تعالى :﴿ فَأْتُوا ِNن٣rOِچxm أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ أي : كيف شئتم: مقبلة، ومدبرة، وعلى جنب.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه جمهور المفسرين (٣).
والوجه الثاني : أن معنى :﴿ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ أي : كيف شئتم بالنسبة للعزل وتركه(٤).
والوجه الثالث : أن معنى :﴿ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ أي : متى شئتم (٥).
والوجه الرابع : أن معنى :﴿ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ أي : من حيث شئتم.
وممن ذهب إليه : ابن جرير (٦).
والوجه الخامس : أن معنى :﴿ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ أي : من أي جهة شئتم.
وممن ذهب إليه : ابن عطية (٧)، والشوكاني (٨)، والقاسمي (٩).
والوجه السادس : أن معنى :﴿ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ أي : من أين شئتم.
(٢) الموافقات ١/٤٩٣.
(٣) نسبه للجمهور الرازي في تفسيره ٣/٦/٦٢، وانظر : جامع البيان ٢/٤٠٤، ٤٠٥، تأويل مشكل القرآن ص٢٢٥، بحر العلوم ١/٢٠٥، معالم التنْزيل ١/٢٦٠، نزهة الأعين النواظر ص١٠٧، الجامع لأحكام القرآن ٢/٣/٦٣، مدارك التنْزيل ١/١٢٤، التسهيل ١/١٠٩، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٢٦٧.
(٤) أخرجه ابن جرير في تفسيره ٢/٤٠٨ عن سعيد بن المسيب.
(٥) أخرجه ابن جرير في تفسيره ٢/٤٠٦ عن ابن عباس والضحاك.
(٦) انظر : جامع البيان ٢/٤٠٦، وأخرجه ابن جرير في تفسيره ٢/٤٠٩، ٤١٠ عن ابن عباس وعكرمة.
(٧) انظر : المحرر الوجيز ١/٢٩٩.
(٨) انظر : فتح القدير ١/٢٢٦.
(٩) انظر : محاسن التأويل ١/٥٤٣.
قال تعالى :﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ ڑئَء/uژyItƒ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ... ﴾ (١).
٣٠/٢٩ قال الشاطبي (٢): " وقال قتادة(٣) -أيضاً- في قوله: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ ڑئَء/uژyItƒ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ : إنه نسخ من ذلك التي لم يدخل بِها بقوله: ﴿ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ﴾ (٤)، والتي يئست من المحيض، والتي لم تحض بعد، والحامل بقوله :﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ ِ/ن٣ح !$|، دpS إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ... ﴾ إلى قوله :﴿ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ (٥) (٦)" (٧).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن طلاق النسخ عند المتقدمين أعم منه في كلام الأصوليين والمتأخرين؛ لأن المتقدمين من السلف يطلقون النسخ على تقييد المطلق، وتخصيص العام، وبيان المبهم والمجمل، وعلى رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر.
(٢) في سياق حديثه : بأن إطلاق النسخ عند المتقدمين أعم منه في كلام الأصوليين ؛ فقد يطلقون على تقييد المطلق نسخاً، وعلى تخصيص العام نسخاً، وعلى بيان المبهم والمجمل نسخاً، وعلى رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر نسخاً، ثم أورد الأمثلة على ذلك، ومنها هذا المثال. [انظر : الموافقات ٣/٣٤٤-٣٥٨].
(٣) قتادة : هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة بن قتادة الدوسي البصري الضرير، من أئمة المفسرين والمحدثين، توفي سنة ١١٧هـ، وقيل : سنة ١١٨هـ.
[انظر : سير أعلام النبلاء ٥/٢٦٩-٢٨٣، الكاشف ٢/١٣٤، تهذيب التهذيب ٨/٣١٥-٣١٩].
(٤) سورة الأحزاب : ٤٩.
(٥) سورة الطلاق : ٤.
(٦) أثر قتادة : أخرجه ابن الجوزي في ناسخ القرآن ومنسوخه ص٢٤٣، ٢٤٤، وذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ ص٦٠، والجصاص في أحكام القرآن ١/٤٥٦، وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد في الدر المنثور ١/٤٩٠.
(٧) الموافقات ١/٣٥٨.
قال تعالى :﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ $¸"ّ‹x© إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ ÷Lنêّے½z أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا yy$sYم_ $yJخkِژn=tم فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ tbqمKد="©à٩$# ﴾ (١).
٣١/٣٠ قال الشاطبي: " وقد جاء في قوله تعالى :﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ '،xmr& £`دdدjٹuچخ/ فِي y٧د٩¨sŒ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا... ﴾ (٢) إلى قوله :﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ أن الطلاق كان في أول الإسلام إلى غير عدد ؛ فكان الرجل يرتجع المرأة قبل أن تنقضي عدتها ثم يطلقها، ثم يرتجعها كذلك قصداً ؛ فنَزلت :﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ (٣)،
(٢) سورة البقرة : ٢٢٨.
(٣) جاء نحو هذا من حديث عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله عنها - قالت :" كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها، وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة أو أكثر ؛ حتى قال رجل لامرأته : والله لا أطلقك فتبيني مني، ولا آويك أبداً، قالت : وكيف ذاك ؟ قال : أطَلِّقُكِ ؛ فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها، فسكتت عائشة، حتى جاء النبي - ﷺ - فأخبرته، فسكت النبي - ﷺ -، حتى نزل القرآن: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾، قالت عائشة : فاستأنف الناس الطلاق مستقبلاً، من كان طَلَّقَ ومن لم يكن طَلَّق ".
الحديث : أخرجه الترمذي في جامعه، في كتاب الطلاق واللعان، باب في عدد الطلقات، ص ٢٨٣، ٢٨٤، رقم ١١٩٢، والحاكم في المستدرك، وصححه، في كتاب التفسير، من سورة البقرة ٢/٣٠، رقم ٣١٠٦، وصحح الحديث موقوفاً : الترمذي [انظر : سنن الترمذي، ص ٢٨٤]، والألباني في إرواء الغليل ٧/١٦٢، ١٦٣، وصححه موقوفاً ومرفوعاً أحمد شاكر [انظر : جامع البيان، تحقيق محمود وأحمد شاكر ٤/٥٤٠، ٥٤١].
وذكر حكمت ياسين في التفسير الصحيح ١/٣٤٣ بأنه "روي من طرق مرسلة تقويه" [انظر: جامع البيان ٢/٤٧٠، العجاب ١/٥٨١-٥٨٤، إرواء الغليل ٧/١٦١-١٦٣].
كما جاء نحو هذا من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال :" ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ ڑئَء/uژyItƒ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ﴾ الآية ؛ وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها، وإن طلقها ثلاثا، فنسخ ذلك فقال :﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ الآية " [أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الطلاق، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، ص ٣٣٣، رقم ٢١٩٥، وصححه الألباني في إرواء الغليل ٧/١٦١].
قال تعالى :﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ y٧د٩¨sŒ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا tAu"Rr& عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ (#ûqمKn=ôم$#ur أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ ×Lىد=tو ﴾ (١).
٣٢/٣١ قال الشاطبي: " وقال تعالى :﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا... ﴾ إلى قوله: ﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾.
وفسِّرت بأن الله حرَّم على الرجل أن يرتجع المرأة يقصد بذلك مضارتها ؛ بأن يطلقها، ثم يمهلها حتى تشارف انقضاء العدة، ثم يرتجعها، ثم يطلقها حتى تشارف انقضاء العدة، وهكذا، لا يرتجعها لغرض له فيها سوى الإضرار بِها"(٢).
وقال -في موضع آخر- :"... وقوله تعالى :﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾ نزلت بسبب مضارة الزوجات بالارتجاع أن لا ترى بعده زوجاً آخر مطلقاً، وأن لا تنقضي عدتها إلا بعد طول ؛ فكان الارتجاع بذلك القصد ؛ إذ هو مانع من حلها للأزواج"(٣).
الدّراسة :
تحدَّث الشاطبي في هذا الموضع عن مسألتين :
(٢) الموافقات ٣/١١٠، ١١١.
(٣) الموافقات ١/٤٤٦، ٤٤٧، وانظر : الموافقات ٣/٣١.
قال تعالى :﴿ كN¨t$د!¨uqّ٩$#ur يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ بû÷،s!ِqxm كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ (١).
٣٣/٣٢ قال الشاطبي :" ومثله (٢) قوله تعالى :﴿ كN¨t$د!¨uqّ٩$#ur يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ بû÷،s!ِqxm كَامِلَيْنِ ﴾ إن حمل على أنه تقرير حكم شرعي ؛ استمر وحصلت الفائدة، وإن حمل على أنه إخبار بشأن الوالدات ؛ لم تتحكم فيه فائدة زائدة، على ما عُلم قبل الآية " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ كN¨t$د!¨uqّ٩$#ur يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ بû÷،s!ِqxm كَامِلَيْنِ ﴾ تقرير عن حكم الشرع، وليس هو إخباراً بشأن الوالدات ؛ لأنه إن حمل على أنه تقرير حكم شرعي، استمر وحصلت الفائدة، وأما إذا حمل على أنه إخبار بشأن الوالدات ؛ لم تتحكم فيه فائدة زائدة، ولم يستمر مُخْبَرُهُ لوجود من لا يرضع من الوالدات ؛ فلا يمكن أن يكون المعنى إلا على ما يصدقه الواقع ويطرد عليه ؛ وهو تقرير الحكم الشرعي ؛ فعليه يجب أن يحمل(٤).
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسرين - وإن اختلفوا في تقريره - مع اتفاقهم على أن صورته صورة الخبر :
فمنهم من جعل معناه الخبر، ويكون خبراً عن حكم الشرع لا حكم الواقع ؛ كابن العربي(٥)، وابن عاشور (٦).
(٢) ذكر الشاطبي هذا المثال لبيان : أن كل أصل شرعي تخلف عن جريانه على هذه المجاري [وهي امتناع التخلف في خبر الله وخبر رسوله، وامتناع التكليف بما لا يطاق، وامتناع التكليف بما فيه حرج خارج عن المعتاد] فلم يطرد ولا استقام بحسبها في العادة ؛ فليس بأصل يعتمد عليه، ولا قاعدة يستند إليها [انظر : الموافقات ١/١٥٥-١٥٧].
(٣) الموافقات ١/١٥٧.
(٤) انظر : الموافقات ١/١٥٦، ١٥٧.
(٥) انظر : أحكام القرآن ١/٢٥٣.
(٦) انظر : التحرير والتنوير ٢/٤٠٩.
قال تعالى :﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ %[`¨urّ-r& z`َء/uژyItƒ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ #[ژô³tمur... ﴾ (١).
٣٤/٣٣ قال الشاطبي :" والثالث (٢) : حديث سُبيعة الأسلمية (٣) ؛ إذ ولدت بعد وفاة زوجها (٤) بنصف شهر، فأخبرها -عليه الصلاة والسلام- أن قد(٥) حلَّت ؛ فبيَّن الحديث أن قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ %[`¨urّ-r& z`َء/uژyItƒ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ #[ژô³tمur ﴾ مخصوص في غير الحامل، وأن قوله تعالى: ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ (٦)
(٢) أورد هذا المثال في سياق حديثه عن : وجه دلالة الكتاب على السنة حتى صار متضمناً لكليتها في الجملة، وإن كانت بياناً له في التفصيل، وأن هذه الدلالة من وجوه، ومنها : النظر إلى تفاصيل الأحاديث في تفاصيل القرآن، وإن كان في السنة بيان زائد، وهذا المثال المذكور من هذا الوجه. [انظر : الموافقات ٤/٣٣٩، ٣٤٠، ٣٩٣-٣٩٧].
(٣) سُبيعة الأسلمية : هي الصحابية سبيعة بنت الحارث الأسلمية، كانت امرأة سعد بن خولة، فتوفي عنها بمكة في حجة الوداع وهي حامل. [انظر : أسد الغابة ٧/١٣٧، تهذيب التهذيب ١٢/٤٥٣].
(٤) زوجها : هو سعد بن خولة. [انظر : تخريج الحديث].
(٥) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الطلاق، باب ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ برقم ٥٣١٨، ٥٣١٩، ٥٣٢٠، ص ٩٥١ بمعناه، وسيأتي في الدراسة، وأخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الطلاق، باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل، برقم ١٤٨٤، ١٤٨٥، ٢/١١٢٢، ١١٢٣، بمعناه، وتحديد ولادة سُبيعة الأسلمية بنصف شهر جاء عند مالك في الموطأ ص٤٨٩ عن أم سلمة :"... ولدت سُبيعة بعد وفاة زوجها بنصف شهر ".
(٦) سورة الطلاق : ٤..
قال تعالى :﴿ (#qفàدے"xm عَلَى دN¨uqn=¢ء٩$# دo٤qn=¢ء٩$#ur الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ (١).
٣٥/٣٤ قال الشاطبي :" وقد كانوا في الصلاة يكلم بعضهم بعضاً إلى أن نزل: ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ (٢)... " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن الصحابة كانوا في الصلاة يكلم بعضهم بعضاً إلى أن نزل :﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ صحيح، وذكره كثير من المفسرين (٤).
ويدل عليه حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال :"كنا نتكلم في الصلاة، يُكلِّم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت: ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ فأمرنا بالسكوت، ونُهينا عن الكلام"(٥).
(٢) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التفسير، باب ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ ص٧٧٠، برقم ٤٥٣٤، وأخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ١/٣٨٣، برقم٥٣٩ عن زيد بن أرقم، قال :" كنا نتكلم في الصلاة، يكلم أحدنا أخاه في حاجته، حتى نزلت هذه الآية: ﴿ (#qفàدے"xm عَلَى دN¨uqn=¢ء٩$# دo٤qn=¢ء٩$#ur الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ فأمرنا بالسكوت " وهذا لفظ البخاري.
(٣) الموافقات ٣/٣٤١.
(٤) انظر : جامع البيان ٢/٥٨٥-٥٨٧، أحكام القرآن للجصاص ١/٥٣٨-٥٤١، معالم التنْزيل ١/٢٨٩، أحكام القرآن لابن العربي ١/٣٠١، ٣٠٢، الجامع لأحكام القرآن ٢/٣/١٤١ التسهيل ١/١١٧، البحر المحيط ٢/٢٥١، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٣٠٢، العجاب ١/٥٩٨-٦٠٠، الدر المنثور ١/٥٤٣-٥٤٥ لباب النقول ص ٤٧، فتح القدير ١/٢٥٨، محاسن التأويل ١/٥٨٠-٥٨١.
(٥) الحديث : أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ١/٣٨٣، برقم ٥٣٩.
قال تعالى :﴿ مَنْ ذَا الَّذِي قعحچّ)مƒ اللَّهَ قَرْضًا $YZ|،xm فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ (١).
٣٦/٣٥ قال الشاطبي :" وكل ما كان من المعاني التي تقتضي تحقيق المخاطب بوصف العبودية، والإقرار لله بالربوبية ؛ فذلك هو الباطن المراد، والمقصود الذي أنزل القرآن لأجله (٢).
ويتبيَّن ذلك بالشواهد المذكورة آنفاً (٣)، ومن ذلك أنه لما نزل ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي قعحچّ)مƒ اللَّهَ قَرْضًا $YZ|،xm فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ قال أبو الدَّحداح (٤) :" إن الله كريم استقرض منَّا ما أعطانا " هذا معنى الحديث، وقالت اليهود :﴿ إِنَّ اللَّهَ ضژچة)sù وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾ (٥)، ففهم أبي الدَّحداح هو الفقه، وهو الباطن المراد.
(٢) وهذا على تقدير : أن للقرآن ظاهراً وباطناً، انظر : ص١٣٦.
(٣) انظر : الموافقات ٤/٢١٠-٢١٧.
(٤) أبو الدَّحدَاح : هو ثابت بن الدحداح بن نعيم بن غنم بن إياس، حليف الأنصار، قيل بأنه قتل في أحد، وقيل بأنه مات بعدها، وهو الظاهر ؛ لأن النبي - ﷺ - صلى عليه في المدينة. [انظر : أسد الغابة ١/٢٦٧، الإصابة في تمييز الصحابة ٢/١٩٩].
(٥) سورة آل عمران : ١٨١.
قال تعالى :﴿... وَسِعَ كُرْسِيُّهُ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ گ'ج؟yèّ٩$# الْعَظِيمُ ﴾ (١).
٣٧/٣٦ قال الشاطبي(٢) :"ومنهم (٣) مَن فسَّر الكرسي في قوله: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضَ ﴾ بالعلم (٤)، مستدلين ببيت لا يعرف، وهو :
................... ولا يُكَرْسِئ علم الله مخلوق (٥)
كأنه عندهم : ولا يعلم علمه، ويُكَرْسِئ مهموز، والكرسي غير مهموز"(٦).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن مَن فسَّر قوله تعالى: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضَ ﴾ بالعلم؛
فهو في دعواه مبطل (٧).
(٢) أورد الشاطبي هذا المثال في سياق حديثه بأن كل معنى مستنبط من القرآن غير جار على اللسان العربي ؛ فليس من علوم القرآن في شيء، لا مما يستفاد منه ولا مما يستفاد به، ومن ادعى ذلك فهو في دعواه مبطل، وهذا المثال منها. [انظر : الموافقات ٤/٢٢٤-٢٢٩].
(٣) أي : أرباب الكلام. [انظر : الموافقات ٤/٢٢٧-٢٢٩].
(٤) وممن ذهب إليه من المفسرين : الماوردي في تفسيره ١/٣٢٥، ٣٢٦.
وروي عن ابن عباس، وهو شاذ. [انظر : جامع البيان -تحقيق أحمد شاكر- ٥/٤٠١، عمدة التفسير ١/١٦٢، ١٦٣].
وصحح القول به ابن جرير الطبري في تفسيره ٣/١٢، مع أنه يرى أن الأولى تفسيره بموضع القدمين.
(٥) أورد هذا البيت : ابن قتيبة في " الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبِّهة " ص ٣٥، وحكم عليه بأنه لا يُعرَف ولا يُدرَى من قائله.
وأورده الماوردي في تفسيره ١/٣٢٥ ونسبه إلى أبي ذؤيب، بلفظ :
مالي بأمرك كرسي أكاتمه ولا بكرسيِّ علمِ الغيبِ مخلوقُ
وأورده أبو حيان في تفسيره ٢/٢٩٠ ولم ينسبه لأحد، بلفظ :
مالي بأمرك كرسي أكاتمه ولا بكرسيِّ علمِ اللهِ مخلوقُ
(٦) الموافقات ٤/٢٢٩.
(٧) انظر : الموافقات ٤/٢٢٤-٢٢٩.
قال تعالى :﴿ أَلَمْ uچs؟ إِلَى الَّذِي حَاجَّ zN؟دd¨uچِ/خ) فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ y٧ù=كJّ٩$# إِذْ قَالَ مN؟دd¨uچِ/خ) رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ مN؟دd¨uچِ/خ) فَإِن اللَّهَ 'دAù'tƒ بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ة>حچَّyJّ٩$# فَبُهِتَ الَّذِي uچxےx. وَاللَّهُ لَا "د‰÷ku‰ الْقَوْمَ tûüدJد="©à٩$# ﴾ (١).
٣٨/٣٧ قال الشاطبي (٢) :" وقال تعالى :﴿ قَالَ مN؟دd¨uچِ/خ) فَإِن اللَّهَ 'دAù'tƒ بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ة>حچَّyJّ٩$# ﴾ قال له ذلك بعدما ذكر له قوله: ﴿ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ ؛ فوجد الخصم مدفعاً، فانتقل إلى ما لا يمكنه فيه المدفع لا بالمجاز ولا بالحقيقة، وهي من أوضح الأدلة فيما نحن فيه " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن إبراهيم - عليه السلام - انتقل في محاجة النَّمرود من قوله :﴿ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ إلى قوله :﴿ فَإِن اللَّهَ 'دAù'tƒ بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ة>حچَّyJّ٩$# ﴾ ؛ لكون الخصم وجد له مدفعاً، فانتقل إلى ما لا يمكنه فيه المدفع لا بالمجاز ولا بالحقيقة.
وما ذهب إليه الشاطبي من كون إبراهيم -عليه السلام- انتقل إلى ما لا يمكن للخصم فيه دفعه لا بالمجاز ولا بالحقيقة؛ هو ظاهر الآية، وعليه المفسرون -وإن اختلفوا في تقرير هذا الانتقال:
(٢) أورد الشاطبي هذا المثال على أن مقصود المناظرة رد الخصم إلى الصواب بطريق يعرفه ؛ لان ردَّه بغير ما يعرفه من باب تكليف ما لا يطاق ؛ فلا بد من رجوعهما إلى دليل يعرفه الخصم السائل معرفة الخصم المستدل. [انظر: الموافقات ٥/٤١٥، ٤١٦].
(٣) الموافقات ٥/٤١٥، ٤١٦.
قال تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ قO؟دd¨uچِ/خ) رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي ٤'sAِqyJّ٩$# قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ £`èdِژفاsù إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ ٥@t٦y_ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ £`كgممôٹ$# y٧sY د؟ù'tƒ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ×Lىإ٣xm ﴾ (١).
٣٩/٣٨ قال الشاطبي (٢) :" فقوله :﴿ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ﴾ تقرير، فيه إشارة إلى التخوف أن لا يكون مؤمناً، فلما قال :﴿ بَلَى ﴾ حصل المقصود " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ﴾ تقرير، فيه إشارة إلى التخوف ألا يكون مؤمناً.
وما ذهب إليه الشاطبي بأن قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ﴾ تقرير ؛ ذهب إليه كثير من المفسرين ؛ كالماوردي (٤)، والبغوي (٥)، وابن عطية (٦)، والرازي (٧)، والقرطبي (٨)،
والألوسي(٩)، وابن عاشور (١٠).
(٢) أورد الشاطبي هذا الاستنباط في سياق حديثه : بأنه إذا ورد في القرآن الترغيب قارنه الترهيب في لواحقه أو سوابقه أو قرائنه وبالعكس، وكذلك التَّرجية مع التخويف، وأن هذه الآية وإن قيل بأنها في التَّرجية فإن فيها إشارة إلى التخويف. [انظر : الموافقات ٤/١٦٧-١٧٧].
(٣) الموافقات ٤/١٧٧.
(٤) انظر : النكت والعيون ١/٣٣٤.
(٥) انظر : معالم التنْزيل ١/٣٢٣.
(٦) انظر : المحرر الوجيز ١/٢٥٢.
(٧) انظر : التفسير الكبير ٤/٧/٣٥.
(٨) الجامع لأحكام القرآن ٢/٣/١٩٥.
(٩) انظر : روح المعاني ٢/٢٦، ٢٧.
(١٠) انظر : التحرير والتنوير ٣/٥١١، ٥١٢.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ حچ½zFy$# ﴾ (١).
٤٠/٣٩ قال الشاطبي (٢) :" قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ فجعل المن من جملة ما يبطل أجر الصدقة، وما ذلك إلا لما في المنّ من إيذاء الْمُتَصَدَّق عليه " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ يدل على أنَّ المنّ من جملة ما يبطل أجر الصدقة، وما ذاك إلا لما في المنِّ من إيذاء الْمُتَصَدَّق عليه.
وما ذهب إليه الشاطبي بأن المنّ من جملة ما يبطل أجر الصدقة ؛ فهو ظاهر الآية ؛ وذهب إليه عامة المفسرين(٤).
وأما ما ذهب إليه من تعليل بطلان الصدقة بالمنّ بأن في المنّ إيذاءً للمُتَصَدَّق عليه ؛ فهو وجه حسن من أوجه التعليل، وممن ذكره من المفسرين : ابن القيم (٥).
(٢) أورد هذه الآية في سياق حديثه عن المنن، وأن أصحاب العقول تأباها، وأن الشارع قد اعتبرها في مواضع. [انظر : الموافقات ٣/٩٠].
(٣) الموافقات ٣/٩٠.
(٤) انظر : جامع البيان ٣/٦٥، أحكام القرآن للجصاص ١/٥٥٣، الكشاف ١/١٦٠، المحرر الوجيز ١/٣٥٧، الجامع لأحكام القرآن ٢/٣/٢٠٢، ٢٠٣، مدارك التنْزيل ١/١٤٨، مجموع الفتاوى ٢/٤١٧، ١١/٣٤٨، ١٤/٣٣٠، البحر المحيط ٢/٣٢١، بدائع التفسير ١/٤١٨-٤٢١، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٣٢٦، فتح القدير ١/٢٨٥، محاسن التأويل ١/٦١٠.
(٥) انظر : بدائع التفسير ١/٤١٨، ٤١٩، وانظر : تيسير الكريم الرحمن ١/٣٢٧-٣٢٩.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمZtB#uن أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا $sYô_uچ÷zr& لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ (#ûqكJn=ôم$#ur أَنَّ اللَّهَ ; سة_xî î‰ٹدJxm (٢٦٧) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ uچّ)xےّ٩$# وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ Zouچدےَّ¨B مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ ىىإ™¨ur زOٹد=tو (٢٦٨) 'دA÷sمƒ الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ z'دAré& #[ژِچyz #[ژچدWں٢ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩) وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِن اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا ڑْüدJد="©à=د٩ مِنْ أَنْصَارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا uن!#uچs)àےّ٩$# فَهُوَ ضژِچyz لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ ضژچخ٦yz (٢٧١) * لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ ِNà٦ّ‹s٩خ) وَأَنْتُمْ لَا ڑcqمKn=ّàè؟ (٢٧٢) دن!#uچs)àےù=د٩ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ Nكgèùحچ÷ès؟ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِن اللَّهَ بِهِ يOٹد=tو ﴾ (١).
قال تعالى :﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ (#٤qt/حhچ٩$# لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي çmنـ ٦y‚tFtƒ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ y٧د٩¨sŒ بِأَنَّهُمْ (#ûqن٩$s% إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ (#٤qt/حhچ٩$# ¨@xmr&ur اللَّهُ الْبَيْعَ tPچxmur (#٤qt/حhچ٩$# فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا ڑcrà$ح#"yz (٢٧٥) يَمْحَقُ اللَّهُ (#٤qt/حhچ٩$# وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا دM"ysد="¢ء٩$# وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا î$ِqyz عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ ڑcqçRu"َstƒ (٢٧٧) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا (#qà)¨؟$# اللَّهَ وَذَرُوا مَا z'إ+t/ مِنَ (##qt/حhچ٩$# إِنْ كُنْتُمْ tûüدZدB÷s-B (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ ¾د&د!qك™u'ur وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ ِNà٦د٩¨uqّBr& لَا ڑcqكJد=ّàs؟ وَلَا ڑcqكJn=ّàè؟ ﴾ (١).
٤٢/٤١ قال الشاطبي :" وربا الجاهلية الذي قالوا فيه :﴿ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ (#٤qt/حhچ٩$# ﴾ هو فسخ الدَّين في الدَّين، يقول الطالب : إما أن تقضي، وإما أن تُربي، وهو الذي دلَّ عليه - أيضاً - قوله تعالى :﴿ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ ِNà٦د٩¨uqّBr& لَا ڑcqكJد=ّàs؟ وَلَا ڑcqكJn=ّàè؟ ﴾ " (٢).
وقال - في موضع آخر - (٣) :" ومثال ما يقع في المال :
(٢) الموافقات ٤/٣٧٩، ٣٨٠.
(٣) في سياق حديثه بضرب الأمثلة في البدع. [انظر : الاعتصام ٢/٣٤٢-٣٦٠].
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمZtB#uن إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى ٥@y_r& 'wK|،-B فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ ب@د=ôJمٹّ٩ur الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ $Z"ّ‹x© فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ ِ@د=ôJمٹù=sù وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا بûّïy‰‹خky مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ ×@م_uچsù وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا uچإe٢x‹çFsù إِحْدَاهُمَا ٣"uچ÷zW{$#... ﴾ (١).
قال تعالى :﴿... وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ زOٹد=tو ﴾ (١).
٤٤/٤٣ قال الشاطبي :" إن المقلد إذا عرضت له مسألة دينية، فلا يسعه في الدِّين إلا السؤال عنها على الجملة ؛ لأن الله لم يتعبَّد الخلق بالجهل، وإنما تعبَّدهم على مقتضى قوله سبحانه :﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ لا على ما يفهمه كثير من الناس(٢)، بل على ما قرره الأئمة في صناعة النحو (٣)، أي : إن الله يعلمكم على كل حال فاتقوه، فكأن الثاني سبب الأول ؛ فترتَّب الأمر بالتقوى على حصول التعليم ترتيباً معنوياً، وهو يقتضي تقدُّم العلم على العمل، والأدلة على هذا المعنى كثيرة(٤)، وهي قضية لا نزاع فيها ؛ فلا فائدة في التطويل فيها " (٥).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ معناه : أن الله يعلمكم على كل حال فاتقوه، فكأن الثاني سبب في الأول.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ يدخل تحت قول من يقول بأن الواو في قوله: ﴿ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ للاستئناف، وأن كل جملة من الجمل الثلاث في قوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ زOٹد=tو ﴾ مستقلة بذاتها.
(٢) يفهمونها على أن التقوى سبب في التعليم. [انظر : مجموع الفتاوى ١٨/١٧٧].
(٣) انظر : مغني اللبيب ٢/٣٥٩، الإتقان ١/٢٣٣، ٢٦٢، النحو الوافي ٣/٦٥٣، ٦٥٤.
(٤) انظر بعضها في : صحيح البخاري، في كتاب العلم، باب العلم قبل التقوى والعمل، ص ١٦، ١٧.
(٥) الموافقات ٥/٢٨٣، ٢٨٤.
قال تعالى :﴿ لِلَّهِ مَا فِي دN¨uq"yJ، ،٩$# وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤) آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا tAح"Ré& إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ ¾د&ح#ك™â'ur لَا ن-حhچxےçR بَيْنَ ٧‰xmr& مِنْ ¾د&ح#ك™o' وَقَالُوا سَمِعْنَا $sY÷èsغr&ur y٧tR#uچّےنî $sY/u' وَإِلَيْكَ مژچإءyJّ٩$# (٢٨٥) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ $sY/u' لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ !$uZٹإ،°S أَوْ أَخْطَأْنَا $sY/u' وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا #Xچô¹خ) كَمَا ¼çmtFù=yJxm عَلَى الَّذِينَ مِنْ $uZد=ِ٦s% رَبَّنَا وَلَا $sYù=دdJysè؟ مَا لَا طَاقَةَ $sYs٩ بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ $sYs٩ !$uZôJxmِ'$#ur أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ (١).
٤٥/٤٤ قال الشاطبي :" " ولَمَّا نزلت هذه الآية :﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾ الآية ؛ شقَّ ذلك على الصحابة، فقيل لهم : قولوا: ﴿ ($uZ÷èدJy™ $sY÷èsغr&ur ﴾، فقالوها؛ فألقى الله الإيمان في قلوبهم ؛ فنَزلت: ﴿ آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا tAح"Ré& إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ الآية " (٢) " (٣).
(٢) الحديث : أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، ١/١١٥، ١١٦، برقم ١٢٥، ١٢٦ من حديث أبي هريرة، وحديث ابن عباس بنحوه.
(٣) الموافقات ١/٥٠٣، ٥٠٤، وانظر : الموافقات ٢/٢٨٢.
سورة آل عمران
قال تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي tAu"Rr& عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ ¾د&ح#ƒحrù's؟ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ tbqم‚إ™¨چ٩$#ur فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا مچھ.¤‹tƒ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ (١).
٤٦/١ قال الشاطبي :" التشابه قد علم أنه واقع في الشرعيات، لكن النظر في مقدار الواقع منه: هل هو قليل أم كثير؟ والثابت من ذلك القلة لا الكثرة ؛ لأمور:
أحدها : النص الصريح، وذلك قوله تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي tAu"Rr& عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ فقوله في المحكمات: ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ يدل أنها المعظم والجمهور، وأمُّ الشيء معظمه وعامَّته، كما قالوا: أمُّ الطريق؛ بمعنى معظمه، وأم الدِّماغ ؛ بمعنى الْجِلدَة الحاوية له الجامعة لأجزائه ونواحيه(٢)، و الأم -أيضاً- الأصل(٣)، ولذلك قيل لمكة : أم القرى ؛ لأن الأرض دُحيت من تحتها(٤)، والمعنى يرجع إلى الأول، فإذا كان كذلك ؛ فقوله تعالى: ﴿ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ إنما يراد بِها القليل " (٥).
وقال - في موضع آخر - :" وما من مجتهد إلا وهو مقر بوضوح أدلة الشرع
(٢) انظر : لسان العرب ١٢/٣٢، مادة "أمم".
(٣) انظر : لسان العرب ١٢/٢٨، ٣١، مادة "أمم".
(٤) انظر : المفردات ص ٢٢.
(٥) الموافقات ٣/٣٠٧.
قال تعالى :﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ِNà٦د٩¨sŒ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ "حچôfs؟ مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ tûïد$ح#"yz فِيهَا سl¨urّ-r&ur ×ouچ£gsـ-B زc¨uqôتح'ur مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ (١).
٤٧/٢ قال الشاطبي :" ومما جاء غير مطابق في الظاهر (٢)، وهو في المعنى مطابق قول الله تعالى :﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ِNà٦د٩¨sŒ ﴾ فإن هذا الكلام معناه : هل أخبركم بما هو أفضل من متاع الحياة الدنيا ؟ فكأنه قيل : نعم، أخبرنا، فقال الله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ "حچôfs؟ مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ... ﴾ الآية ؛ أي:
| الذين اتقوا استقر لهم عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار | الآية، فأعطى مضمون الكلام معنى الجواب على غير لفظه، وهذا التقرير على قول جماعة من المفسرين"(٣). |
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :
| ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ِNà٦د٩¨sŒ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ "حچôfs؟ مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ | ﴾ من الأمثلة التي يستدل بِها على أن الجواب فيها جاء غير مطابق للسؤال في الظاهر، وهو في المعنى مطابق. |
(٢) أي أن الجواب غير مطابق للسؤال في الظاهر، وإن كان في المعنى مطابقاً.
وأورد الشاطبي هذا في سياق تقريره بأن النبي - ﷺ - لمّا سئل عن الفرقة الناجية قال :" ما أنا عليه وأصحابي" حيث أجابهم عن الوصف الذي كانت به ناجية ولم يكن الجواب عن تعيين الفرقة الناجية، الذي هو المقصود من السؤال فلم يطابق السؤال الجواب في اللفظ، واعتذر عن هذا أن العرب لا تلتزم ذلك النوع إذا فهم المعنى، [انظر : الاعتصام ٣/٣٤٧، ٣٤٨].
(٣) الاعتصام ٣/٣٤٨.
قال تعالى :﴿ قُلِ اللَّهُمَّ y٧د="tB الْمُلْكِ 'دA÷sè؟ y٧ù=كJّ٩$# مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ مژِچy‚ّ٩$# y٧¯Rخ) عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ (١).
٤٨/٣ قال الشاطبي (٢) :"الأدب في ترك التنصيص على نسبة الشر إلى الله تعالى، وإن كان هو الخالق لكل شيء، كما قال بعد قوله :﴿ قُلِ اللَّهُمَّ y٧د="tB الْمُلْكِ 'دA÷sè؟ y٧ù=كJّ٩$# مَنْ تَشَاءُ ﴾ إلى قوله :﴿ بِيَدِكَ مژِچy‚ّ٩$# ﴾، ولم يقل: بيدك الخير والشر، وإن كان قد ذكر القسمين معاً ؛ لأن نزع الملك والإذلال بالنسبة إلى من لحق ذلك به شرٌ ظاهر. نعم، قال في أثره :﴿ y٧¯Rخ) عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ تنبيهاً في الجملة على أن الجميع خلقه ؛ حتى جاء في الحديث عن النبي - ﷺ - :"والخير في يديك، والشر ليس إليك"(٣)"(٤).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ قُلِ اللَّهُمَّ y٧د="tB الْمُلْكِ 'دA÷sè؟ y٧ù=كJّ٩$# مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ y٧ù=كJّ٩$# مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ مژِچy‚ّ٩$# ﴾ يدل على الأدب في ترك التنصيص على نسبة الشر إلى الله تعالى ؛ لأنه سبحانه ذكر القسمين معاً (الخير والشر) ثم قال: ﴿ بِيَدِكَ مژِچy‚ّ٩$# ﴾ ولم يقل : بيدك الخير والشر، مع أن نزع الملك والإذلال بالنسبة إلى من لحق به شر ظاهر.
(٢) أورده في سياق ذكره للآداب الحسنة التي تدل عليها الآيات. [انظر : الموافقات ٢/١٥١-١٦٦].
(٣) الحديث : أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه ١/٥٣٤-٥٣٦ برقم ٧٧١ من حديث علي بن أبي طالب بلفظ "الخير كله في يديك، والشر ليس إليك".
(٤) الموافقات ٢/١٦٦.
قال تعالى :﴿ إِن مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ ٥>#uچè؟ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ (١).
٤٩/٤ قال الشاطبي :" وقال تعالى :﴿ إِن مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ ﴾ الآية ؛ فأراهم البرهان بما لم يختلفوا فيه، وهو آدم... "
" وعلى هذا النحو تجد احتجاجات القرآن ؛ فلا يؤتى فيه إلا بدليل يقر الخصم بصحته، شاء أم أبى " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن الله تعالى في قوله :﴿ إِن مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ ﴾ أرى النصارى البرهان بما لم يختلفوا فيه ؛ وهو آدم، في إبطال دعواهم بأن عيسى ابن الله ؛ لأنه خلق من غير أب.
وما ذهب إليه الشاطبي ظاهر ؛ وأشار إليه كثير من المفسرين (٣).
قال ابن جزي :" الآية حجَّة على النصارى في قولهم : كيف يكون ابن دون أب، فمثلَّه الله بآدم الذي خلقه الله دون أم ولا أب، وذلك أغرب مما استبعدوه ؛ فهو أقطع لقولهم " (٤).
وقال ابن كثير :" فالذي خلق آدم من غير أب قادر على أن يخلق عيسى بطريق الأولى والأحرى، وإن جاز ادِّعاء البنوَّة في عيسى لكونه مخلوقاً من غير أب فجوز ذلك في آدم بالطريق الأولى، ومعلوم بالاتفاق أن ذلك باطل ؛ فدعواه في عيسى أشد بطلاناً، وأظهر فساداً" (٥).
(٢) الموافقات ٥/٤١٦.
(٣) انظر : الكشاف ١/١٩٢، الجامع لأحكام القرآن ٢/٤/٦٦، مدارك التنْزيل ١/١٧٩، التسهيل ١/١٤٧، بدائع التفسير ١/٥٠٠، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٣٧٥، ٣٧٦، أنوار التنْزيل ١/١٦٢، فتح القدير ١/٣٤٦، تيسير الكريم الرحمن ١/٣٨٧، التحرير والتنوير ٣/١١٢.
(٤) التسهيل ١/١٤٧.
(٥) تفسير القرآن العظيم ١/٣٧٥، ٣٧٦.
قال تعالى :﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ ڑcqo_!$ysè؟ فِي tLىدd¨uچِ/خ) وَمَا دMs٩ح"Ré& التَّوْرَاةُ م@‹إfRM﴾$#ur إِلَّا مِنْ ے¾دnد‰÷èt/ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } (١).
٥٠/٥ قال الشاطبي :" وقال تعالى :﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ ڑcqo_!$ysè؟ فِي tLىدd¨uچِ/خ) وَمَا دMs٩ح"Ré& التَّوْرَاةُ م@‹إfRM﴾$#ur إِلَّا مِنْ ے¾دnد‰÷èt/ }، وهذا دليل قاطع في دعواهم أن إبراهيم يهودي أو نصراني.
وعلى هذا النحو تجد احتجاجات القرآن ؛ فلا يؤتى فيه إلا بدليل يقر الخصم بصحته، شاء أم أبى " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ ڑcqo_!$ysè؟ فِي tLىدd¨uچِ/خ) وَمَا دMs٩ح"Ré& التَّوْرَاةُ م@‹إfRM﴾$#ur إِلَّا مِنْ ے¾دnد‰÷èt/ } قاطع في دعوى أهل الكتاب أن إبراهيم كان يهودياً أو نصرانياً.
وما ذهب إليه ظاهر ؛ وأشار إليه كثير من المفسرين (٣).
قال ابن جزي :" قالت اليهود : كان إبراهيم يهودياً، وقالت النصارى : كان نصرانياً ؛ فنَزلت الآية رداً عليهم ؛ لأن ملَّة اليهود والنصارى إنما وقعت بعد موت إبراهيم بمدة طويلة " (٤).
وقال السعدي :" وأما دعوى اليهود والنصارى أنهم على ملة إبراهيم، فقد علم أن اليهودية والنصرانية التي هم يدَّعون أنهم عليها لم تؤسس إلا بعد الخليل. فكيف يحاجون في هذا الأمر الذي يعلم به كذبهم وافتراؤهم " (٥).
(٢) الموافقات ٥/٤١٦.
(٣) انظر : أحكام القرآن للجصاص ٢/٢٠، المحرر الوجيز ١/٤٥٠، الجامع لأحكام القرآن ٢/٤/٦٩، مدارك التنْزيل ١/١٨١، ١٨٢، التسهيل ١/١٤٨، البحر المحيط ٢/٥٠٩، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٣٨٠، تيسير الكريم الرحمن ١/٣٩٠.
(٤) التسهيل ١/١٤٨.
(٥) تيسير الكريم الرحمن ١/٣٩٠.
قال تعالى :﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا ûسة_t٦دj٩ ں@ƒدن¨uژَ خ) إِلَّا مَا tPچxm م@ƒدن¨uژَ خ) عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ (١).
٥١/٦ قال الشاطبي :" أن هذه الآية (٢) يشكل معناها مع قوله تعالى :﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا ûسة_t٦دj٩ ں@ƒدن¨uژَ خ) إِلَّا مَا tPچxm م@ƒدن¨uژَ خ) عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ﴾ الآية ؛ فإن الله أخبر عن نبي من أنبيائه - عليهم السلام - أنه حرَّم على نفسه حلالاً، ففيه دليل لجواز مثله.
والجواب : أنه لا دليل في الآية ؛ لأن ما تقدَّم يُقرِّر : أن لا تحريم في الإسلام، فيبقى ما كان شرعاً لغيرنا منفيَّاً عن شرعنا ؛ كما تقرر في الأصول " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا (#qمBحhچutéB طَيِّبَاتِ مَا ¨@xmr& اللَّهُ لَكُمْ ﴾ (٤) يشكل معناها مع قوله :﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا ûسة_t٦دj٩ ں@ƒدن¨uژَ خ) إِلَّا مَا tP
چxm م@ƒدن¨uژَ خ) عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ﴾
.ففي آية المائدة : النهي عن تحريم ما أحل الله.
وفي آية آل عمران : أخبر سبحانه عن يعقوب بأنه حرَّم على نفسه حلالاً، وأن هذا يدل على جواز تحريم مثله.
وجمع بينهما بأنه لا دليل في الآية ؛ إذ لا تحريم في الإسلام، فيبقى ما كان شرعاً لغيرنا منفيَّاً عن شرعنا.
(٢) يعني قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا (#qمBحhچutéB طَيِّبَاتِ مَا ¨@xmr& اللَّهُ لَكُمْ... ﴾ المائدة : ٨٧.
وانظر : الاعتصام ٢/١٩٥-٢١٠.
(٣) الاعتصام ٢/٢١٠.
(٤) سورة المائدة : ٨٧.
قال تعالى :﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾ (١).
٥٢/٧ قال الشاطبي :" ومن ذلك (٢) : أنه قال - في قوله تعالى :﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ﴾ باطن البيت قلب محمد - ﷺ - يؤمن به من أثبت الله في قلبه التوحيد واقتدى بهدايته (٣).
وهذا التفسير يحتاج إلى بيان ؛ فإن هذا المعنى لا تعرفه العرب، ولا فيه من جهتها وضع مجازي مناسب، ولا يلائمه مساق بحال ؛ فكيف هذا ؟ (٤).
والعذر عنه أنه لم يقع فيه ما يدل على أنه تفسير للقرآن ؛ فزال الإشكال إذاً"(٥).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قول سهل في قوله تعالى :﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ﴾ : باطن البيت قلب محمد - ﷺ - يؤمن به من أثبت الله في قلبه التوحيد واقتدى بهدايته ؛ بأنه ليس تفسيراً للآية؛ لأن هذا المعنى لا تعرفه العرب، ولا فيه من جهتها وضع مجازي مناسب ولا يلائمه مساق بحال.
(٢) أي من التفاسير المشكلة المنقولة عن سهل التستري، [انظر : الموافقات ٤/٢٣٥-٢٤٧]، وانظر : ص١٣٦، ١٤٨، ١٦٧.
(٣) لفظ سهل في تفسيره ص٥٠ " وقوله :﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا ﴾ أي أول بيت وضع للناس بيت الله - عز وجل - بمكة، هذا هو الظاهر، وباطنها الرسول يؤمن به من أثبت الله في قلبه التوحيد من الناس".
(٤) انظر : الموافقات ٤/٢٣١، ٢٣٢، وانظر : ص١٣٦.
(٥) الموافقات ٤/٢٤٧.
قال تعالى :﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ دMّٹt٧ّ٩$# مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ uچxےx. فَإِنَّ اللَّهَ ; سة_xî عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ (١).
٥٣/٨ قال الشاطبي :" وقرأ - عليه السلام - قوله تعالى :﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ دMّٹt٧ّ٩$# ﴾ الآية ؛ فقال رجل : يا رسول الله أكُلَّ عام فرض ؟ فأعرض. ثم قال: يا رسول الله أكلّ عام فرض ؟ فأعرض. ثم قال : يا رسول الله : أكلّ عام ؟ فقال رسول الله - ﷺ - :" والذي نفسي بيده ؛ لو قلتُها لوجبت، ولو وجبت ما قمتم بِها، ولو لم تقوموا بِها لكفرتم؛ فذروني ما تركتكم "...(٢) ".
" فكون الحج لله هو مقتضى الآية كما أن كونه للعام الحاضر تقتضيه أيضاً، فلما سكت عن التكرار ؛ كان الذي ينبغي الحملُ على أخفّ محتملاته، وإن فرض أن الاحتمال الآخر مراد ؛ فهو ما يُعفى عنه " (٣).
(٢) الحديث : أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، ٢/٩٧٥، برقم ١٣٣٧ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ :" أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت ؛ حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله - ﷺ - لو قلت : نعم لوجبت، ولما استطعتم، ثم قال : ذروني ما تركتكم... " الحديث.
وأخرجه النسائي في سننه، في كتاب مناسك الحج، باب وجوب الحج، ص٤٠٩، برقم٢٦١٩، ٢٦٢٠، من حديث أبي هريرة، وابن عباس -رضي الله عنهم.
وابن ماجه في سننه، في كتاب المناسك، باب فرض الحج، ص٤٨٩، برقم ٢٨٨٤، ٢٨٨٥، ٢٨٨٦، من حديث علي، وأنس، وابن عباس -رضي الله عنهم.
ولفظ ما أورده المؤلف أقربه ما جاء عند عبد بن حميد عن الحسن البصري مرسلاً. [انظر : الدر المنثور ٢/٩٩].
(٣) الموافقات ١/٢٥٧، ٢٥٨.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا (#qà)¨؟$# اللَّهَ ¨،xm تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ tbqكJد=َ،-B ﴾ (١).
٥٤/٩ قال الشاطبي :" وقال قتادة في قوله :﴿ (#qà)¨؟$# اللَّهَ ¨،xm تُقَاتِهِ ﴾ : إنه منسوخ بقوله :﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ (٢)(٣)، وقاله الربيع بن أنس(٤)، والسدي(٥)، وابن زيد (٦)، وهذا من الطراز المذكور (٧) ؛ لأن الآيتين مدنيتان، ولم تنْزلا إلا بعد تقرير أن الدِّين لا حرج فيه، وأن التكليف بما لا يستطاع مرفوع، فصار معنى قوله: ﴿ (#qà)¨؟$# اللَّهَ ¨،xm تُقَاتِهِ ﴾ ؛ فيما استطعتم، وهو معنى قوله: { فَاتَّقُوا
(٢) سورة التغابن : ١٦.
(٣) أخرجه عن قتادة: ابن جرير في تفسيره ٣/٣٧٧، وحسَّن إسنادها حكمت بشير ياسين في التفسير الصحيح١/٤٤٣.
(٤) أخرجه عن الربيع بن أنس : ابن جرير في تفسيره ٣/٣٧٧.
الربيع بن أنس : هو الربيع بن أنس البكري، ويقال : الحنفي البصري ثم الخرساني، كان عالم مرو في زمانه، توفي سنة ١٣٩هـ. [انظر: سير أعلام النبلاء ٦/١٦٩، ١٧٠، تهذيب التهذيب ٣/٢٠٧].
(٥) أخرجه عن السدي : ابن جرير في تفسيره ٣/٣٧٧.
السدي : هو الإمام المفسر أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة الحجازي ثم الكوفي الأعور السدي الكبير، أحد موالي قريش، كان من علماء التفسير، توفي سنة ١٢٧هـ. [ انظر: سير أعلام النبلاء ٥/٢٦٤، ٢٦٥، تهذيب التهذيب ١/٢٧٣، ٢٧٤].
(٦) أخرجه عن ابن زيد : ابن جرير في تفسيره ٣/٣٧٧.
ابن زيد : هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم المدني، كان صاحب قرآن وتفسير، جمع تفسيراً في مجلد، وكتاباً في الناسخ والمنسوخ، توفي سنة ١٨٢هـ. [ انظر: سير أعلام النبلاء ٨/٣٤٩، تهذيب التهذيب ٦/١٦١، ١٦٢].
(٧) أي ليس من النسخ بلسان المتأخرين والأصوليين. [انظر: الموافقات ٣/٣٤٤، ٣٤٥].
قال تعالى :﴿ وَاعْتَصِمُوا ب@ِ٧ut؟٢ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ (١).
٥٥/١٠ قال الشاطبي :" قال الله تعالى :﴿ وَاعْتَصِمُوا ب@ِ٧ut؟٢ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ بعد قوله تعالى :﴿ (#qà)¨؟$# اللَّهَ ¨،xm تُقَاتِهِ ﴾ (٢) ؛ فأشعر أن الاعتصام بحبل الله هو تقوى الله حقاً، وأن ما سوى ذلك تفرقه، لقوله :﴿ وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾، والفُرقة من أخص أوصاف المبتدعة ؛ لأنه خرج عن حكم الله، وباين جماعة أهل الإسلام" (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن مجيء قوله تعالى :﴿ وَاعْتَصِمُوا ب@ِ٧ut؟٢ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ بعد قوله :﴿ (#qà)¨؟$# اللَّهَ ¨،xm تُقَاتِهِ ﴾ (٤) يُشعر بأن الاعتصام بحبل الله هو تقوى الله حقاً، وأن ما سوى ذلك تفرقة ؛ لقوله :﴿ وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾.
وما ذهب إليه الشاطبي صحيح ؛ لأن الاعتصام بحبل الله هو التقوى، وما سواه فرقة وضلال ؛ إذ أن التفاسير الواردة في تفسير حبل الله قريب بعضها من بعض، وكلها حول التمسك بدينه، وتقوى الله بالتمسك بدينه والاعتصام به (٥).
قال رشيد رضا - في ذكره للمناسبة بين الآيتين - :" ثم بيَّن لنا - عز وجل - ما به يتحقق ذلك الأمر والنهي فقال :﴿ (#qكJإءtGôم$#ur ب@ِ٧ut؟٢ "!$# $Yè‹دJy_ ںwur (#qè%
چxےs؟ ﴾
" (٦).(٢) سورة آل عمران : ١٠٢.
(٣) الاعتصام ١/١٩٨.
(٤) سورة آل عمران : ١٠٢.
(٥) انظر : جامع البيان ٣/٣٧٨، ٣٧٩، المحرر الوجيز ١/٤٨٣، ٤٨٤، زاد المسير ١/٣٥٠.
(٦) تفسير القرآن الحكيم ٤/١٩، وانظر: التفسير الكبير ٤/٨/١٤٢.
قال تعالى :﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا مMèduن!%y` àM"sYةi t٦ّ٩$# وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ (١).
٥٧/١٢ قال الشاطبي :" وانظر في قوله تعالى :﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا مMèduن!%y` àM"sYةi t٦ّ٩$# وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ ؛ فهذا وعيد، ثم قال: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ وتسويد الوجه علامة الخِزي ودخول النار، ثم قال: ﴿ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ وهو تقريع وتوبيخ، ثم قال :﴿ فَذُوقُوا الْعَذَابَ ﴾ الآية، وهو تأكيد آخر.
وكل هذا التقرير بناء على أن المراد بالآيات أهل الغفلة من أهل البدع ؛ لأن المبتدع إذا اتُّبع في بدعته لم يمكنه التلافي - غالباً - فيها، ولم يزل أثرها في الأرض مستطيراً إلى قيام الساعة، وذلك كله بسببه ؛ فهي أدهى من قتل النفس " (٢).
(٢) الاعتصام ٣/٢٦٩، ٢٧٠.
قال تعالى :﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا مMèduن!%y` àM"sYةi t٦ّ٩$# وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ (١).
٥٦/١١ قال الشاطبي :" وقال تعالى :﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا مMèduن!%y` àM"sYةi t٦ّ٩$# ﴾ الآية، والبَيِّنَات هي الشريعة، فلولا أنها لا تقتضي الاختلاف ولا تقبله ألبتة لما قيل لهم : من بعد كذا، ولكان لهم فيها أبلغ العذر، وهذا غير صحيح ؛ فالشريعة لا اختلاف فيها " (٢).
وقال -في موضع آخر-: "وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا مMèduن!%y` àM"sYةi t٦ّ٩$# ﴾ فهذا دليل على مجيء البيان الشافي، وأن التفرق إنما حصل من جهة المتفرِّقين لا من جهة الدَّليل، فهو إذن من تلقاء أنفسهم، وهو اتباع الهوى بعينه"(٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن المراد بالبَيِّنَات في قوله :﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا مMèduن!%y` àM"sYةi t٦ّ٩$# ﴾ أنها الشريعة، وأن اختلافهم من بعدها دليل على أنها لا اختلاف فيها، وأن اختلافهم من جهة أنفسهم، لا من جهة الدليل.
وما ذهب إليه بأن المراد بالبَيِّنَات أنها الشريعة ؛ ذهب إليه جمع من المفسرين، وإن اختلفت ألفاظهم في بيانها (٤).
قال ابن عطية :" ومجيء البَيِّنَات هو ببعث الرسل، وإنزال الكتب " (٥).
وقال الشوكاني :" والبَيِّنَات : الآيات الواضحات الْمُبيِّنة للحق، الْمُوجِبة لعدم الاختلاف"(٦).
(٢) الموافقات ٥/٦٠.
(٣) الاعتصام ١/٢٤٤.
(٤) انظر: بحر العلوم ١/٢٩٠، المحرر الوجيز ١/٤٨٦، البحر المحيط ٣/٢٤، أنوار التنْزيل ١/١٧٤، فتح القدير ١/٣٧٠، روح المعاني ٢/٢٤٠، محاسن التأويل ٢/١٠٩.
(٥) المحرر الوجيز ١/٤٨٦.
(٦) فتح القدير ١/٣٧٠.
قال تعالى :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ôMy_حچ÷zé& لِلنَّاسِ tbrقگكDù's؟ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ حچx٦ZكJّ٩$#... ﴾ (١).
٥٨/١٣ قال الشاطبي :" سُنَّة الصحابة - رضي الله عنهم - سُنَّة يعمل عليها ويرجع إليها، ومن الدليل على ذلك أمور :
أحدها : ثناء الله عليهم من غير مثنويَّة (٢)، ومدحهم بالعدالة وما يرجع إليها ؛ كقوله تعالى :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ôMy_حچ÷zé& لِلنَّاسِ ﴾.
وقوله :﴿ y٧د٩¨x‹x.ur ِNن٣"sYù=yèy_ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ (٣).
ففي الأولى : إثبات الأفضلية على سائر الأمم، وذلك يقضي باستقامتهم في كل حال، وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة.
وفي الثانية : إثبات العدالة مطلقاً، وذلك يدل على ما دلت عليه الأولى " (٤).
الدّراسة :
تحدَّث الشاطبي في هذا الموضع عن مسألتين :
المسألة الأولى : ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ôMy_حچ÷zé& لِلنَّاسِ ﴾ يدل على إثبات الأفضلية للصحابة على سائر الأمم، وذلك يقضي باستقامتهم في كل حال، وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة.
وما ذهب إليه ؛ ذكره كثير من المفسرين (٥).
(٢) من غير مثنويَّة : أي من غير استثناء [انظر: القاموس المحيط ص١٦٣٧].
(٣) سورة البقرة : ١٤٣.
(٤) الموافقات ٤/٤٤٦، ٤٤٧.
(٥) انظر : الجامع لأحكام القرآن ٢/٤/١١٠، إعلام الموقعين ٤/١٣١، ١٣٢، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٣٩٩، أنوار التنْزيل ١/١٧٥، حاشية الصاوي ١/٢٨٠، فتح القدير ١/٣٧١، تيسير الكريم الرحمن ١/٤٠٩.
قال تعالى :﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ (١).
٥٩/١٤ قال الشاطبي :" كل معنى مستنبط من القرآن غير جار على اللسان العربي ؛ فليس من علوم القرآن في شيء، لا مما يستفاد منه، ولا مما يستفاد به.
ومن ادعى فيه ذلك ؛ فهو في دعواه مبطل... ".
"ومن أمثلة هذا الفصل ما ادعاه من لا خلاق له من أنه مسمى في القرآن ؛ كبَيَان بن سمعان (٢)، حيث زعم أنه المراد بقوله تعالى :﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ ﴾ الآية، وهو من التُّرَّهات بمكان مكين، والسكوت على الجهل كان أولى به من هذا الافتراء البارد، ولو جرى له على اللسان العربي لعده الحمقى من جملتهم، ولكنه كشف عَوَار نفسه من كل وجه، عافانا الله وحفظ علينا العقل والدين بمنّه.
وإذا كان بيانٌ في الآية عَلَماً له ؛ فأي معنى لقوله :﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ ﴾ ؟ كما يقال : هذا زيد للناس " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن ما ادَّعاه بَيَان بن سمعان بأنه المراد بقوله: ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ ﴾ ؛ باطل.
وما ذهب إليه هو الحق ؛ لأن بيان بن سمعان ليس من أهل العلم ؛ بل حُكم عليه بأنه زنديق، فلا يُعتدُّ بقوله، ولم يتابعه أحد في قوله من المفسرين (٤)، ووجوده متأخر بسنوات عن نزول الآية، فكيف يكون مراداً بها ؟ فضلاً عن بطلان قوله من الناحية اللغوية وغيرها.
(٢) بيان بن سمعان : هو بيان بن سمعان النهدي من بني تميم، ظهر في العراق بعد المائة وقال بإلهية علي بن أبي طالب، وإليه تنسب فرقة البيانية من الشيعة، وقال عنه الذهبي بأنه زنديق، قيل : قتله خالد القسري [انظر: الملل والنحل ١٥١، ١٥٢، الفصل ٥/٤٤، ميزان الاعتدال ١/٣٥٧].
(٣) الموافقات ٤/٢٢٤، ٢٢٥، وانظر: الموافقات ٣/٣٣٣.
(٤) انظر : جامع البيان ٣/٤٤٥، النكت والعيون ١/٤٢٦، زاد المسير ١/٣٧٣، الدر المنثور ٢/١٣٩، ١٤٠.
سورة النساء
قال تعالى :﴿ وَإِنْ ÷Lنêّے½z أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ َOçFّے½z أَلَّا تَعْدِلُوا ¸oy‰دn¨uqsù أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ y٧د٩¨sŒ #'oTôٹr& أَلَّا تَعُولُوا ﴾ (١).
٦٠/١ قال الشاطبي :" ثم أتى بعض من نسب إلى الفرق (٢) ممن حرَّف التأويل في كتاب الله، فأجاز نكاح أكثر من أربع نسوة :
إما اقتداءً - في زعمه - بالنبي - ﷺ - ؛ حيث أُحِلَّ له أكثر من ذلك أن يجمع بينهنَّ، ولم يلتفت إلى إجماع المسلمين أن ذلك خاص به - عليه السلام -.
وإما تحريفاً لقوله تعالى: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾ ؛ فأجاز الجمع بين تسع نسوة في ملكٍ، ولم يفهم المراد من الواو، ولا من قوله :﴿ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾ فأتى ببدعة أجراها في هذه الأمة لا دليل عليها ولا مستند فيها " (٣).
وقال - في موضع آخر - :" ومن أرباب الكلام من ادَّعى جواز نكاح الرجل منا تسع نسوة حرائر، مستدلاً على ذلك بقوله تعالى :﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾ ولا يقول مثل هذا من فهم وضع العرب في مثنى وثلاث ورباع"(٤).
(٢) وممن نسب إليه هذا القول : الرافضة، وبعض أهل الظاهر كما حكاه القرطبي [انظر: الجامع لأحكام القرآن ٣/٥/١٣] ونُسب إلى غيرهم [انظر : محاسن التأويل ٢/٢٢٠-٢٢٣].
(٣) الاعتصام ٢/٣٥١.
(٤) الموافقات ٤/٢٢٧.
قال تعالى :﴿ وَإِذَا uژ|طxm الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ (١).
٦١/٢ قال الشاطبي :" وقال (٢) في قوله :﴿ وَإِذَا uژ|طxm الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ﴾ الآية : إنه منسوخ بآية المواريث (٣).
(٢) أي : ابن عباس - رضي الله عنهما - [انظر: الموافقات ٣/٣٤٥-٣٥١].
(٣) أخرجه عن ابن عباس : ابن جرير في تفسيره ٣/٦٠٧، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص٩١، ٩٢، ومكي في الإيضاح ص٢١٠، وابن الجوزي في ناسخ القرآن ومنسوخه ص٣١٠، ٣١١.
وما جاء عن ابن عباس بأن هذه الآية منسوخة ضعَّفه ابن حجر، ثم إنها مخالفة لما في صحيح البخاري بأنها محكمة، فقد قال ابن عباس :" هي محكمة، وليست بمنسوخة " [ أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التفسير، باب ﴿ وَإِذَا uژ|طxm الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ ﴾ ص٧٨١ برقم (٤٥٧٦) من طريق عكرمة ].
وقال - أيضاً - :" إن ناساً يزعمون أن هذه الآية نسخت، ولا والله ما نسخت، ولكنها مما تهاون الناس، هما واليان : والٍ يرث وذاك الذي يرزق، ووالٍ لا يرث فذاك الذي يقول بالمعروف، يقول : لا أملك لك أن أعطيك" [ أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الوصايا، باب قول الله - عز وجل - :﴿ وَإِذَا uژ|طxm الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ﴾ ص٤٥٦، برقم (٢٧٥٩) من طريق سعيد بن جبير ].
قال ابن حجر في فتح الباري ٨/٢٤٢ -بعد ذكره لهذين الأثرين-:"وهذان الإسنادان الصحيحان عن ابن عباس هما المعتمدان، وجاءت عنه روايات من أوجه ضعيفة عند ابن أبي حاتم وابن مردويه أنها منسوخة، نسختها آية الميراث".
قال تعالى :﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةٍ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ يOٹد=tو زOٹد=xm ﴾ (١).
٦٢/٣ قال الشاطبي :" وقال تعالى :﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ﴾ ؛ فاستثنى الإضرار، فإذا أقرَّ في مرضه بدَينٍ لوارث، أو أوصى بأكثر من الثلث قاصداً حرمان الوارث أو نقصه بعض حقه بإبداء هذا المانع من تمام حقه ؛ كان مضاراً، والإضرار ممنوع باتفاق " (٢).
وقال - في موضع آخر - :" وقال تعالى :﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ﴾ ؛ يعني بالورثة ؛ بأن يوصي بأكثر من الثلث، أو يوصي لوارث احتيالاً على حرمان بعض الورثة " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن من المضارة بالورثة : أن يوصي بأكثر من الثلث، أو يوصي لوارث، أو يُقر له بِدَين ؛ احتيالاً على حرمان بعض الورثة، وأن الإضرار ممنوع باتفاق.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه كثير من المفسرين (٤)، ويدل عليه الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب : فنص الآية :﴿ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ﴾ (٥).
(٢) الموافقات ١/٤٤٩.
(٣) الموافقات ٣/١١١.
(٤) انظر : أحكام القرآن للجصاص ٢/١٢٦، ١٢٧، أحكام القرآن للهراسي ١/٣٢٧، معالم التنْزيل ٢/١٨٠، المحرر الوجيز ٢/٢٠، التفسير الكبير ٥/٩/١٨٢، الجامع لأحكام القرآن ٣/٥/٥٣، مدارك التنْزيل ٢/٢٣٨، بدائع التفسير ٢/١٠، ١١، البحر المحيط ٣/١٩٨، ١٩٩، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٤٧٢، أنوار التنْزيل ١/٢٠٥، محاسن التأويل ٢/٢٤٣، فتح القدير ١/٤٣٥.
(٥) سورة النساء : ١٢.
قال تعالى :﴿ àM"sY|ءَsكJّ٩$#ur مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ِNà٦د٩¨sŒ أَنْ تَبْتَغُوا Nن٣د٩¨uqّBr'خ/ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ﴾ (١).
٦٣/٤ قال الشاطبي :" كتاب الله ؛ كما يطلق على القرآن يطلق على ما كتب الله تعالى عنده مما هو حُكْمه وفَرْضه على العباد، كان مسطوراً في القرآن أولاً، كما قال تعالى :﴿ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ ؛ أي حُكْمه وفرضه " (٢).
(٢) الاعتصام ٣/٣٩١.
قال تعالى :﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ دM"sY|ءَsكJّ٩$# دM"sYدB÷sكJّ٩$# فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ دM"sYدB÷sكJّ٩$# وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ £`خgد=÷dr& وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ رضي الله عنM"sY|ءّtèرحمه الله غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا إV¨x‹د‚GمB أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ £`خkِژn=yèsù نِصْفُ مَا عَلَى دM"sY|ءَsكJّ٩$# مِنَ الْعَذَابِ y٧د٩¨sŒ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ (#rمژة٩َءs؟ ضژِچyz لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ (١).
قال تعالى :﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ $Z"ّ‹x© بûّït$د!¨uqّ٩$$خ/ur إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ ح'$pgù:$#ur ذِي الْقُرْبَى ح'$pgù:$#ur الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ (١).
٦٥/٦ قال الشاطبي :" وقال (٢) في قوله تعالى :﴿ ح'$pgù:$#ur ذِي الْقُرْبَى ﴾ الآية: وأما باطنها ؛ فهو القلب، ﴿ ح'$pgù:$#ur الْجُنُبِ ﴾ : النفس الطبيعي، ﴿ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾ العقل المقتدي بعمل الشرع، ﴿ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ : الجوارح المطيعة لله عز وجل(٣).
(٢) أي سهل التستري [انظر: الموافقات ٤/٢٤٢-٢٤٨]، وانظر: ص١٣٦، ١٣٧، ١٤٨، ١٤٩.
(٣) لفظ سهل في تفسيره ص٥٣: " أما ظاهرها فالجار الجنب : البعيد الأجنبي، والصاحب بالجنب : هو الرفيق في السفر، وقيل : الزوجة، وابن السبيل : الضيف.
أما باطنها : فالجار ذو القربى : هو القلب، والجار الجنب : هو الطبيعة، والصاحب بالجنب : هو العقل المقتدي بالشريعة، وابن السبيل : هو الجوارح المطيعة لله، هذا باطن الآية".
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمYtB#uن أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ ÷Lنêôمu""uZs؟ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ حچ½zFy$# y٧د٩¨sŒ ضژِچyz وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ (١).
٦٦/٧ قال الشاطبي :" قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمYtB#uن أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ ؛ وهم الأمراء والعلماء " (٢).
وقال - في موضع آخر - :" وفي القرآن ﴿ فَإِنْ ÷Lنêôمu""uZs؟ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ الآية، وهذه الآية صريحة في رفع التنازع والاختلاف ؛ فإنه رد المتنازعين إلى الشريعة، وليس ذلك إلا ليرتفع الاختلاف، ولا يرفع الاختلاف إلا بالرجوع إلى شيء واحد ؛ إذ لو كان فيه ما يقتضي الاختلاف لم يكن في الرجوع إليه رفع تنازع، وهذا باطل"(٣).
وقال - في موضع ثالث - :" الاختلاف منفي عن الشريعة بإطلاق ؛ لأنها الحاكمة بين المختلفين ؛ لقوله تعالى :﴿ فَإِنْ ÷Lنêôمu""uZs؟ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ الآية، فرد التنازع إلى الشريعة، فلو كانت الشريعة تقتضي الخلاف لم يكن في الرد إليها فائدة.
وقوله :﴿ فِي شَيْءٍ ﴾ نكرة في سياق الشرط، فهي صيغة من صيغ العموم، فتنتظم
كل تنازع على العموم، والرَّد فيها لا يكون إلا إلى أمر واحد، فلا يسع أن يكون أهل الحق فِرَقاً " (٤).
(٢) الموافقات ٢/٤٣٢، ٤٣٣.
(٣) الموافقات ٥/٦٠.
(٤) الاعتصام ٣/٢٧٢.
قال تعالى :﴿ أَلَمْ uچs؟ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا tAح"Ré& إِلَيْكَ وَمَا tAح"Ré& مِنْ y٧د=ِ٦s% tbrك‰ƒحچمƒ أَنْ (#ûqكJx.$yغtFtƒ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ (#ےrقگةDé& أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ك‰ƒحچمƒur الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ (١).
٦٧/٨ قال الشاطبي :"وقال تعالى :﴿ أَلَمْ uچs؟ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا tAح"Ré& إِلَيْكَ وَمَا tAح"Ré& مِنْ y٧د=ِ٦s% tbrك‰ƒحچمƒ أَنْ (#ûqكJx.$yغtFtƒ إِلَى الطَّاغُوتِ ﴾.
فكأن هؤلاء قد أقروا بالتحكيم ؛ غير أنهم أرادوا أن يكون التحكيم على وفق أغراضهم ؛ زيغاً عن الحق، وظنَّاً منهم أن الجميع حَكَمٌ، وأن ما يحكم به كعب بن الأشرف (٢) أو غيره مثل ما يحكم به النبي - ﷺ -، وجهلوا أن حُكم النبي - ﷺ - هو حكم الله الذي لا يردُّ، وأن حُكم غيره معه مردود إن لم يكن جارياً على حكم الله، فلذلك قال تعالى :﴿ ك‰ƒحچمƒur الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ ؛ لأن ظاهر الآية يدل على أنها نزلت فيمن دخل في الإسلام ؛ لقوله :﴿ أَلَمْ uچs؟ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ﴾ كذا إلى آخره، وجماعة من المفسرين قالوا : إنما نزلت في رجل من المنافقين (٣)،
(٢) كعب بن الأشرف : هو كعب بن الأشرف اليهودي، كان من بني طيِّئ، ثم أحد بني نبهان، ولكن أمه من بني النضير، وقد قتله محمد بن مسلمة لأذيته في المسلمين، وهو الذي هيَّج قريشاً على حرب رسول الله - ﷺ - بعد وقعة بدر [انظر: البداية والنهاية ٥/٣٢٦-٣٣٦].
(٣) الأثر : أخرجه الواحدي في أسباب النّزول ص١٦٢، ١٦٣ عن ابن عباس من طريق الكلبي.
وهذا الأثر ضعيف ؛ لأن فيه محمد بن السائب الكلبي يرويه عن أبي صالح عن ابن عباس.
والكلبي متهم بالكذب، وأبو صالح لم يلق ابن عباس، كما لم يلق الكلبي أبا صالح. [انظر: ميزان الاعتدال ٣/٥٥٩، تقريب التهذيب ص٤٧٩].
وقد ضعف هذا الإسناد : ابن حجر في فتح الباري ٥/٣٨.
كما أخرجه ابن جرير في تفسيره ٤/١٥٥، ١٥٦، عن : الشعبي - مرسلاً - وصحح إسناده إلى الشعبي : ابن حجر في فتح الباري ٥/٣٧.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ﴾ (١).
٦٨/٩ قال الشاطبي :" قوله تعالى: ﴿ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ ﴾ ؛ أي: جماعات في تَفْرِقَةٍ"(٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ ﴾ ؛ معناه: جماعات في تفرقة.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسرين(٣).
قال أبو عبيدة :" ﴿ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ ﴾ واحده ثُبة. ومعناها: جماعات في تفرقة"(٤).
وقال البغوي: " ﴿ ثُبَاتٍ ﴾ ؛ أي: سرايا متفرقين، سرية بعد سرية، والثبات جماعات في تفرقة، واحدتها ثبة"(٥).
وقال الرازي:"قال جميع أهل اللغة: الثبات: جماعات متفرقة، واحدها ثُبة"(٦).
(٢) المقاصد الشافية ٢/١٣.
(٣) نسبه ابن جرير في تفسيره ٤/١٦٨ لأهل التأويل، والرازي في تفسيره ٥/١٠/١٤٢ إلى جميع أهل اللغة، وانظر: مجاز القرآن ١/١٣٢، معاني القرآن للزجاج ٢/٧٥، الكشف والبيان ٣/٣٤٣، النكت والعيون ١/٥٠٦، الوسيط ٢/٧٩، معالم التنْزيل ٢/٢٤٨، الكشاف ١/٢٨٠، المحرر الوجيز ٢/٧٧، التفسير الكبير ٥/١٠/١٤٢، الجامع لأحكام القرآن ٣/٥/١٤٢، مدارك التنْزيل ١/٢٦٤، التسهيل ١/١٩٨، البحر المحيط ٣/٣٠٢، الدر المصون ٤/٢٧، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٥٣٧، الجواهر الحسان ١/٣٦٥، نظم الدرر ٥/٣٢٣، تفسير الجلالين ١/٣٦٩، فتح القدير ١/٤٨٦، روح البيان ٣/٧٨، فتح البيان ٢/١١١، محاسن التأويل ٢/٣٩٠، تفسير القرآن الحكيم ٥/٢٥٣، تيسير الكريم الرحمن ٢/٩٧، التحرير والتنوير ٤/١٨٣، ١٨٤.
(٤) مجاز القرآن ١/١٣٢.
(٥) معالم التنْزيل ٢/٢٤٨.
(٦) التفسير الكبير ٥/١٠/١٤٢.
قال تعالى :﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا y٧"sYù=y™ِ'r& عَلَيْهِمْ $Zàٹدےxm ﴾ (١).
٦٩/١٠ قال الشاطبي :" وقال تعالى :﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ ومفهومه : من لم يطع الرسول لم يطع الله " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ مفهومه : من لم يطع الرسول لم يطع الله.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ صحيح، قد دلّ عليه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - ﷺ - :" من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله "(٣).
قال ابن كثير :"يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد - ﷺ - بأن من أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله، وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى" (٤).
(٢) الموافقات ٢/٤٣٠.
(٣) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجهاد والسير، باب يُقاتل من وراء الإمام ويُتقى به، ص٤٨٩، برقم (٢٩٥٧)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، ٣/١٤٦٦، برقم (١٨٣٤).
(٤) تفسير القرآن العظيم ١/٥٤١.
قال تعالى :﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا #[ژچدWں٢ ﴾ (١).
٧٠/١١ قال الشاطبي :" الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد في فروعها وإن كثر الخلاف، كما أنها في أصولها كذلك، ولا يصلح فيها غير ذلك، والدليل عليه أمور :
أحدها : أدلة القرآن، من ذلك قوله تعالى :﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا #[ژچدWں٢ ﴾ ؛ فنفى أن يقع فيه الاختلاف ألبتَّة، ولو كان فيه ما يقتضي قولين مختلفين لم يصدق عليه هذا الكلام على حال " (٢).
وقال - في موضع آخر - :" الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن مبرءاً عن الاختلاف والتضاد ؛ ليحصل فيه كمال التدبر والاعتبار، فقال سبحانه وتعالى :﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا #[ژچدWں٢ ﴾ ؛ فدل معنى الآية على أنه بريء عن الاختلاف ؛ فهو يُصدِّق بعضه بعضاً، من جهة اللفظ ومن جهة المعنى.
فأما من جهة اللفظ ؛ فإن الفصاحة فيه مُتوازرة مطردة، بخلاف كلام المخلوق ؛ فإنك تراه إلى الاختلاف ما هو، فيأتي بالفصل من الكلام الجزل الفصيح، فلا يكاد يختمه إلا وقد عرض له في أثنائه ما يغض عليه من منصب فصاحته، وهكذا تجد القصيدة الواحدة، منها ما يكون على نسق الفصاحة اللائقة، ومنها ما لا يكون كذلك.
(٢) الموافقات ٥/٥٩، ٦٠.
قال تعالى :﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مژِچxî أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ َOخgد٩¨uqّBr'خ/ ِNخkإ¦àےRr&ur فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ َOخgد٩¨uqّBr'خ/ ِNخkإ¦àےRr&ur عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ ٤سo_َ،çtù:$# وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ (١).
٧١/١٢ قال الشاطبي :" فقول الله تعالى :﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ الآية، لما نزلت أولاً كانت مقررة لحكم أصلي منزل على مناط أصلي(٢) من القدرة وإمكان الامتثال وهو السابق ؛ فلم يتنَزل حكم أولي الضرر، ولما اشتبه ذو الضرر ظن أن عموم نفي الاستواء، يستوي فيه ذو الضرر وغيره، فخاف من ذلك وسأل الرخصة ؛ فنَزل :﴿ مژِچxî أُولِي الضَّرَرِ ﴾ (٣) " (٤).
(٢) مناط أصلي: المناط هو التعليق، أي: مكان تعليقه [انظر: القاموس المحيط ص٨٩٢، مذكرة في أصول الفقه ص٢٩١].
(٣) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التفسير، باب :﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ الآية ص٧٨٤، ٧٨٥، برقم (٤٥٩٢)، (٤٥٩٣)، (٤٥٩٤).
ومسلم في صحيحه، في كتاب الإمارة، باب سقوط فرض الجهاد عن المعذورين ٣/١٥٠٨، ١٥٠٩، برقم (١٨٩٨)، من حديثي زيد بن ثابت، والبراء، وسيأتي لفظ الحديث في الدراسة.
(٤) الموافقات ٣/٢٩٣.
قال تعالى :﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ zOٹدd¨uچِ/خ) $Zے‹دZxm وَاتَّخَذَ اللَّهُ zOٹدd¨uچِ/خ) Wxٹد=yz ﴾ (١).
٧٢/١٣ قال الشاطبي :" ومثاله (٢) : تأويل من تأول لفظ الخليل في قوله تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ zOٹدd¨uچِ/خ) Wxٹد=yz ﴾ بالفقير (٣) ؛ فإن ذلك يصير المعنى القرآني غير صحيح، وكذلك تأويل من تأول غوى من قوله :﴿ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ﴾ (٤) أنه من غوي الفصيل ؛ لعدم صحة غوى بمعنى غوي ؛ فهذا لا يصح فيه التأويل من جهة اللفظ، والأول لا يصح فيه من جهة المعنى " (٥).
وقال - في موضع آخر - (٦) :" وفي قوله :﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ zOٹدd¨uچِ/خ) Wxٹد=yz ﴾ ؛ أي : فقيراً إلى رحمته، من الْخَلَّة - بفتح الخاء - (٧)، محتجين على ذلك بقول زهير (٨) :
(٢) أورده في سياق ذكره للأمثلة من التأويل الفاسد، وفسادها إما من جهة المعنى أو اللفظ أو منهما معاً [انظر: الموافقات ٣/٣٣٠-٣٣٣].
(٣) ممن نسب إليه هذا القول : أبو القاسم البلخي [انظر: المفردات ص١٥٣].
(٤) سورة طه : ١٢١.
(٥) الموافقات ٣/٣٣٢، ٣٣٣.
(٦) أورده في سياق ذكره بأن كل معنى مستنبط من القرآن غير جارٍ على اللسان العربي، فليس من علوم القرآن في شيء، لا مما يستفاد منه، ولا مما يستفاد به، ومن ادعى فيه ذلك؛ فهو في دعواه مبطل، وهذا المثال منها. [انظر: الموافقات ٤/٢٢٤-٢٣١].
(٧) الْخَلَّة : بفتح الخاء، وتشديد اللام مع فتحها، ومعناها الحاجة والفقر [انظر: الصحاح ٤/١٦٨٧، القاموس المحيط ص١٢٨٥ مادة "خلل"].
(٨) زهير : هو زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، من مضر، حكيم الشعراء في الجاهلية، وأهل بيته شعراء كأبيه وخاله، وابنيه كعب وبجير وأختيه سلمى والخنساء، توفي سنة ١٣ قبل الهجرة [انظر: الأعلام ٣/٥٢].
قال تعالى :﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ بb¨t$ّ!بqّ٩$# وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ $VJٹد=tم ﴾ (١).
٧٣/١٤ قال الشاطبي :" في الكتاب العزيز: ﴿ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ﴾ فسياق الآية يدل على أن المعنى: وترغبون في أن تنكحوهن، ولو لم يكن ثمّ دليل لما جاز(٢)، بل يجب التصريح بالحرف الجار"(٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ﴾ معناه: وترغبون في أن تنكحوهن ؛ كما يدل عليه سياق الآية.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه بعض المفسرين؛ كالفراء(٤)، والبغوي(٥)، وهذا الوجه الأول في معنى الآية.
والوجه الثاني: أن المعنى: وترغبون عن أن تنكحوهن.
وذهب إليه جماعة من المفسرين؛ كابن جرير(٦)، والزجاج(٧)، والثعلبي(٨)، والواحدي(٩)،
والقرطبي(١٠)، وابن كثير(١١)، والشنقيطي(١٢)، وغيرهم(١٣).
(٢) لما جاز؛ أي لما جاز حذف حرف الجر[انظر: المقاصد الشافية ١/١٤٨].
(٣) المقاصد الشافية ١/١٤٨.
(٤) انظر: معاني القرآن ١/٢٠٠.
(٥) انظر: معالم التنْزيل ٢/٢٩٣.
(٦) انظر: جامع البيان ٤/٣٠٢.
(٧) انظر: معاني القرآن ٢/١١٥.
(٨) انظر: الكشف والبيان ٣/٣٩٤.
(٩) انظر: الوسيط ٢/١٢٣.
(١٠) انظر: الجامع لأحكام القرآن ٣/٥/٢٥٨.
(١١) انظر: تفسير القرآن العظيم ١/٥٧٤.
(١٢) انظر: أضواء البيان ١/٤٨٣.
(١٣) انظر: بحر العلوم ١/٣٩٢، تفسير الجلالين ١/٣٩٩.
قال تعالى :﴿ الَّذِينَ tbqفء/uژyItƒ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ (#ûqن٩$s% أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ tûïحچدے"s٣ù=د٩ نَصِيبٌ (#ûqن٩$s% أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ ِNن٣sY÷ t/ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ tûïحچدے"s٣ù=د٩ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ (١).
٧٤/١٥ قال الشاطبي (٢) :" قوله تعالى :﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ tûïحچدے"s٣ù=د٩ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾، إن حُمِل على أنه إخبار لم يستمر مُخْبَرُهُ ؛ لوقوع سبيل الكافر على المؤمن كثيراً بأسره وإذلاله، فلا يمكن أن يكون المعنى إلا على ما يصدقه الواقع ويطرد عليه، وهو تقرير الحكم الشرعي ؛ فيجب أن يُحمل " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ tûïحچدے"s٣ù=د٩ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ إن حُمل على أنه إخبار لم يستمر مخبره، فيجب حمله على تقرير الحكم الشرعي ؛ لأن هذا المعنى هو الذي يصدقه الواقع ويطرد عليه.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه بعض المفسرين ؛ كابن العربي، والصاوي.
(٢) أورد الشاطبي هذا المثال في سياق تقريره بأن كل أصلٍ شرعي تخلف عن جريانه على امتناع التخلف في خبر الله وخبر رسوله - ﷺ -، وامتناع التكليف بما لا يطاق أو بما فيه حرج خارج عن المعتاد ؛ فلم يطرد، ولا استقام بحسبها في العادة ؛ فليس بأصل يعتمد عليه، ولا قاعدة يستند إليها، وأن هذا يقع في فهم الأقوال ومجاري الأساليب والدخول في الأعمال، وهذا المثال في فهم الأقوال.[انظر: الموافقات ١/١٥٥، ١٥٦].
(٣) الموافقات ١/١٥٦.
قال تعالى :﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا (#ûqمB$s% إِلَى دo٤qn=¢ء٩$# قَامُوا كُسَالَى tbrâن!#uچمƒ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا Wxٹد=s% (١٤٢) tûüخ/x‹ِ/x‹-B بَيْنَ y٧د٩¨sŒ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ ب@د=ôزمƒ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴾ (١).
٧٥/١٦ قال الشاطبي (٢) :" وذكر الله المنافقين، وأنهم يخادعون الله والذين آمنوا، وذلك بكونهم يدخلون معهم في أحوال التكاليف على كسل وتقيَّة ؛ أن ذلك يخلِّصهم، أو أنه يغني عنهم شيئاً، وهم في الحقيقة إنما يخادعون أنفسهم، وهذا هو الضلال بعينه ؛ لأنه إذا كان يفعل شيئاً يظن أنه له، فإذا هو عليه ؛ فليس على هدىً من عمله، ولا هو سالك على سبيله.
فلذلك قال تعالى :﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ ِNكgممد‰"yz... ﴾ إلى قوله :﴿ وَمَنْ ب@د=ôزمƒ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴾ " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي بأن خداع المنافقين هو بكونهم يدخلون مع المؤمنين في أحوال التكاليف على كسل وتقيَّة، زاعمين أن ذلك يخلصهم أو يغني عنهم شيئاً.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسرين (٤).
(٢) أورده في سياق حديثه بأن البدع ضلالة، وأن المبتدع ضال ومضل [انظر: الاعتصام ١/٢٣٠-٢٣٧].
(٣) الاعتصام ١/٢٣٧.
(٤) انظر : جامع البيان ٤/٣٣٢، أحكام القرآن للجصاص ٢/٣٦٤، النكت والعيون ١/٥٣٨، الكشاف ١/٣٠٦، زاد المسير ٢/١٤٠، مدارك التنْزيل ١/٢٩١، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/٥٨١، فتح القدير ١/٥٢٩.
سورة المائدة
قال تعالى :﴿ ôMtBحhچمm عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ حچƒح"Yدƒù:$# وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ èptƒدjٹuژyIكJّ٩$#ur وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ÷Lنêّٹھ.sŒ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ِNن٣د٩¨sŒ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ِNن٣sYƒدٹ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ ٥OّO﴾ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (١).
٧٦/١ قال الشاطبي :" ومنهم (٢) من يرى شحم الخنْزير وجلده حلالاً ؛ لأن الله قال :﴿ ôMtBحhچمm عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ حچƒح"Yدƒù:$# ﴾ فلم يحرم شيئاً غير لحمه، ولفظ اللحم يتناول الشحم وغيره، بخلاف العكس " (٣).
وقال - في موضع آخر - :" فالقرآن على اختصاره جامع، ولا يكون جامعاً إلا والمجموع فيه أمور كليات ؛ لأن الشريعة تمت بتمام نزوله لقوله تعالى :﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ِNن٣sYƒدٹ..... الآية ﴾ " (٤).
وقال - في موضع ثالث - (٥): " ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ِNن٣sYƒدٹ ﴾ هو يريد بإنزال
(٢) أي من أرباب الكلام [انظر : الموافقات ٤/٢٢٧، ٢٢٨]، وانظر : ص١٧٩-١٨٢.
(٣) الموافقات ٤/٢٢٨.
(٤) الموافقات ٤/١٨١.
(٥) أورده في سياق بيانه بأن السنة راجعة في معناها إلى الكتاب، فهي تفصيل مجمله، وبيان مشكله، وبسط مختصره. [انظر: الموافقات ٤/٣١٤-٣١٩].
قال تعالى :﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ﴾ (١).
٧٧/٢ قال الشاطبي (٢) :" وعن أبي الدرداء (٣) وعبادة بن الصامت (٤) في قوله تعالى :﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ﴾ أنه ناسخ لقوله :﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ حچx. ُ‹مƒ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ (٥)(٦).
(٢) أورده في سياق حديثه بأن إطلاق السلف للنسخ أعم من إطلاق الأصوليين والمتأخرين، وهذا المثال من الأمثلة التي أوردها في ذلك [ انظر: الموافقات ٣/٣٤٤-٣٥٤].
(٣) أبو الدرداء : هو الصحابي الجليل عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي، مختلف في اسم أبيه، وهو مشهور بكنيته، تأخر إسلامه فلم يشهد بدراً، وشهد أحداً والمشاهد كلها، من أفاضل الصحابة وفقهائهم وحكمائهم، توفي في أواخر خلافة عثمان، وقيل غير ذلك [انظر: أسد الغابة ٤/٣١٨، ٣١٩، الإصابة ٣/٥/٤٦، التقريب ص٤٣٤].
(٤) عبادة بن الصامت : هو الصحابي الجليل عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي، أحد النقباء، شهد بدراً والمشاهد كلها، من قراء الصحابة وفقهائهم وقضاتهم، توفي في الرملة سنة ٣٤هـ، وقيل غير ذلك [انظر: أسد الغابة ٣/١٦٠، ١٦١، التقريب ص٢٩٢].
(٥) سورة الأنعام : ١٢١.
(٦) ذكره عن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت : النحاس في الناسخ والمنسوخ ص١١٣، ومكي في الإيضاح ص٢٦١، وابن الجوزي في ناسخ القرآن ومنسوخه ص٣٦٨.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا ڑْüدB¨qs% لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا ِNà٦¨ZtBحچôftƒ مb$t"sYx© قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ ـ>uچّ%r& لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ (١).
٧٨/٣ قال الشاطبي :" قوله تعالى: ﴿ اعْدِلُوا هُوَ ـ>uچّ%r& لِلتَّقْوَى ﴾ ؛ أي: العدل أقرب"(٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن معنى قوله تعالى: ﴿ اعْدِلُوا هُوَ ـ>uچّ%r& لِلتَّقْوَى ﴾ ؛ أي: العدل أقرب.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذكره أكثر المفسرين(٣).
وهذا ظاهر؛ كما يدل عليه سياق الآية في قوله: ﴿ اعْدِلُوا ﴾.
قال الزمخشري: "قوله: ﴿ هُوَ ـ>uچّ%r& لِلتَّقْوَى ﴾ ؛ أي: العدل أقرب إلى التقوى"(٤).
وقال ابن كثير: "؛ أي: عدلكم أقرب إلى التقوى من تركه، ودل الفعل على المصدر الذي عاد الضمير عليه"(٥).
وقال البيضاوي: " ﴿ اعْدِلُوا هُوَ ـ>uچّ%r& لِلتَّقْوَى ﴾ ؛ أي: العدل أقرب للتقوى"(٦).
وقال الشوكاني: " ﴿ (#qن٩د‰ôم$# uqèd ﴾ ؛ أي: العدل المدلول عليه بقوله: ﴿ (#qن٩د‰ôم$# ﴾ "(٧).
(٢) المقاصد الشافية ١/٢٧٨.
(٣) انظر : جامع البيان ٤/٤٨٣، أحكام القرآن للجصاص ٢/٤٩٧، معالم التنْزيل ٣/٢٧، الكشاف ١/٣٢٧، التفسير الكبير ٦/١١/١٤٣، الجامع لأحكام القرآن ٣/٦/٧٣، مدارك التنْزيل ١/٣١٠، البحر المحيط ٣/٤٥٥، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/٣٢، أنوار التنْزيل ١/٢٥٨، نظم الدرر ٦/٤٢، ٤٣، تفسير الجلالين ١/٤٣٨، حاشية الصاوي ١/٤٣٨، فتح القدير ٢/٢٠، روح المعاني ٣/٢٥٥، محاسن التأويل ٣/٧٣، تفسير القرآن الحكيم ٦/٢٧٤، تيسير الكريم الرحمن ٢/٢٥٩.
(٤) الكشاف ١/٣٢٧.
(٥) تفسير القرآن العظيم ٢/٣٢.
(٦) أنوار التنْزيل ١/٢٥٨.
(٧) فتح القدير ٢/٢٠.
قال تعالى :﴿ !$uZّ٩u"Rr&ur إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ OكgsY÷ t/ بِمَا tAu"Rr& اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ٥e@ن٣د٩ $sYù=yèy_ مِنْكُمْ Zptمِژإ° وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً Zoy‰دn¨ur وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا دN¨uژِچy‚ّ٩$# إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ tbqàےد=tFّƒrB ﴾ (١).
٧٩/٤ قال الشاطبي :" وأما قوله :" لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً، فإنه يصدق على الفروع الجزئية، وبه تجتمع معاني الآيات والأخبار " (٢).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ ٥e@ن٣د٩ $sYù=yèy_ مِنْكُمْ Zptمِژإ° وَمِنْهَاجًا ﴾ يصدق على الفروع.
وما ذهب إليه الشاطبي ذهب إليه عامة المفسرين (٣).
قال السمرقندي :" يقول : جعلنا لكل نبي شريعة، والإيمان واحد، ولم يختلف الرسل في الإيمان، وإنما اختلفوا في الشرائع " (٤).
وقال الرَّازي :" وردت آيات دالة على عدم التباين في طريقة الأنبياء والرسل، وآيات دالة على حصول التباين فيها.
أما النوع الأول : فقوله :﴿ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ (٥)، وقال :﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ (٦).
(٢) الموافقات ٣/٣٦٧.
(٣) انظر : جامع البيان ٤/٦٠٩، ٦١٠، بحر العلوم ١/٤٤١، معالم التنْزيل ٣/٦٦، المحرر الوجيز ٢/٢٠٠، زاد المسير ٢/٢٢٠، التفسير الكبير ٦/١٢/١٢، الجامع لأحكام القرآن ٣/٦/١٣٧، التسهيل ١/٢٣٩، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/٦٩، تيسير الكريم الرحمن ٢/٣٠٠.
(٤) بحر العلوم ١/٤٤١.
(٥) سورة الشورى : ١٣.
(٦) سورة الأنعام : ٩٠.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا tAح"Ré& إِلَيْكَ مِنْ y٧خn/' وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ y٧كJإء÷ètƒ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا "د‰÷ku‰ الْقَوْمَ z`ƒحچدے"s٣ّ٩$# ﴾ (١).
٨٠/٥ قال الشاطبي :" قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا tAح"Ré& إِلَيْكَ مِنْ y٧خn/
' ﴾
، وذلك التبليغ من وجهين :تبليغ الرسالة، وهو الكتاب، وبيان معانيه.
وكذلك فعل - ﷺ - ؛ فأنت إذا تأملت موارد السنة وجدتها بياناً للكتاب، وهذا هو الأمر العام فيها " (٢).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن التبليغ في قوله :﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا tAح"Ré& إِلَيْكَ مِنْ y٧خn/
' ﴾ يشمل تبليغ الرسالة، وهو الكتاب، وبيان معانيه.
وما ذهب إليه الشاطبي نص عليه بعض المفسرين؛ كابن تيمية(٣)، والسعدي(٤)، وغيرهم(٥).
وتدل عليه النصوص الشرعية ؛ كقوله :﴿ وَقُرْآَنًا çm"sYّ%uچsù ¼çnr&uچّ)tGد٩ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ çm"sYّ٩¨"tRur تَنْزِيلًا ﴾ (٦)، وقوله :﴿ !$uZّ٩u"Rr&ur إِلَيْكَ uچٍ٢دe%!$# لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا tAحh"çR ِNخkِژs٩خ) ﴾ (٧)، والتبليغ والبيان لا يتم إلا بهما.
(٢) الموافقات ٣/٢٣٠.
(٣) انظر: مجموع الفتاوى ١٣/٣٣١، ٣٣٢.
(٤) انظر : تيسير الكريم الرحمن ٢/٣٢٠.
(٥) انظر : جامع البيان ٤/٦٤٦، ٦٤٧، النكت والعيون ٢/٥٣، معالم التنْزيل ٣/٧٨، ٧٩، المحرر الوجيز ٢/٢١٧، ٢١٨، زاد المسير ٢/٢٣٦، التفسير الكبير ٦/١٢/٤١، الجامع لأحكام القرآن ٣/٦/١٥٧، البحر المحيط ٣/٥٣٨، ٥٣٩، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/٨٠، فتح القدير ٢/٥٩، ٦٠.
(٦) سورة الإسراء : ١٠٦.
(٧) سورة النحل : ٤٤.
قال تعالى :﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا (#ûqمèخ٦®Ks؟ أَهْوَاءَ ٥Qِqs% قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا #[ژچدVں٢ وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ (١).
٨١/٦ قال الشاطبي :" قال الله - عز وجل - :﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ﴾، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال :" قال لي رسول الله - ﷺ - غداة العقبة : القط لي حصياتٍ من حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: بأمثال هؤلاء، إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم بالغلو في الدين " (٢).
فأشار إلى أن الآية في النهي عن الغلو يشتمل معناها على كل ما هو غلو وإفراط"(٣).
الدراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن النهي عن الغلو في قوله تعالى :﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ﴾ يشتمل على كل ما هو غلو؛ لدلالة الحديث الوارد في النهي عن الغلو في حصى الجمار.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ نص عليه بعض المفسرين ؛ كابن عطية (٤)، وابن تيمية (٥).
وهذا ظاهر في نص الحديث وإطلاق الآية، ولفظ الغلو.
(٢) الحديث : أخرجه النسائي في سننه، في كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى، ص٤٧١، برقم ٣٠٥٧ بنحوه، وابن ماجه في سننه، في كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي، ص٥١٣، برقم ٣٠٢٩، والحاكم في المستدرك في كتاب المناسك ١/٦٣٧، ٦٣٨، برقم ١٧١١، وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) الاعتصام ٢/١٦٣، ١٦٤.
(٤) انظر : المحرر الوجيز ٢/١٣٩.
(٥) انظر : اقتضاء الصراط المستقيم ١/٢٨٧-٢٩٠.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا (#qمBحhچutéB طَيِّبَاتِ مَا ¨@xmr& اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِن اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا مNن٣s%y-u' اللَّهُ Wx"n=xm طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ (١).
٨٢/٧ قال الشاطبي :" قال الله تبارك وتعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا (#qمBحhچutéB طَيِّبَاتِ مَا ¨@xmr& اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِن اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا مNن٣s%y-u' اللَّهُ Wx"n=xm طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾.
روي في سبب نزول هذه الآية أخبار جملتها تدور على معنى واحد، وهو تحريم ما أحل الله من الطيبات ؛ تديناً أو شبه التدين، وأن الله نهى عن ذلك، وجعله اعتداءً، والله لا يحب المعتدين، ثم قرر الإباحة تقريراً زائداً على ما تقرر لقوله :﴿ وَكُلُوا مِمَّا مNن٣s%y-u' اللَّهُ Wx"n=xm طَيِّبًا ﴾، ثم أمرهم بالتقوى، وذلك مشعرٌ بأن تحريم ما أحل الله خارج عن درجة التقوى.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمYtB#uن إِنَّمَا مچôJsƒù:$# مژإ£ّٹyJّ٩$#ur وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ِNن٣¯=yès٩ tbqكsد=ّےè؟ (٩٠) إِنَّمَا ك‰ƒحچمƒ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ nour¨y‰yèّ٩$# وَالْبَغْضَاءَ فِي حچ÷Ksƒù:$# وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ حچّ. دŒ اللَّهِ وَعَنِ دo٤qn=¢ء٩$# فَهَلْ أَنْتُمْ tbqهkyJZ-B ﴾ (١).
٨٣/٨ قال الشاطبي (٢): " وأبطل لهم ما كانوا يعدّونه كَرَماً وأخلاقاً حسنة، وليس كذلك، أو فيه من المفاسد ما يربي على المصالح التي توهموها ؛ كما قال تعالى :﴿ إِنَّمَا مچôJsƒù:$# مژإ£ّٹyJّ٩$#ur وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾.
ثُم بيّن ما فيها من المفاسد خصوصاً في الخمر والميسر ؛ من إيقاع العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذا في الفساد أعظم مما ظنوه فيهما صلاحاً ؛ لأن الخمر كانت عندهم تشجع الجبان، وتبعث البخيل على البذل، وتنشِّط الكسالى، والميسر كذلك كان عندهم محموداً لما كانوا يقصدون به من إطعام الفقراء والمساكين، والعطف على المحتاجين، وقد قال تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ حچôJy‚ّ٩$# وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ ضژچخ٧ں٢ كىدے"sYtBur لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا مژy٩ٍ٢r& مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ (٣) " (٤).
الدِّراسة :
(٢) في بيان أن الله بما شرعه في مجال الأخلاق صحح ما كان حسناً من أخلاق العرب، وأبطل ما كان قبيحاً من أخلاقها. [انظر: الموافقات ٢/١١٣-١٢٣].
(٣) سورة البقرة : ٢١٩.
(٤) الموافقات ٢/١٢٣.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمYtB#uن إِنَّمَا مچôJsƒù:$# مژإ£ّٹyJّ٩$#ur وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ِNن٣¯=yès٩ tbqكsد=ّےè؟ (٩٠) إِنَّمَا ك‰ƒحچمƒ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ nour¨y‰yèّ٩$# وَالْبَغْضَاءَ فِي حچ÷Ksƒù:$# وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ حچّ. دŒ اللَّهِ وَعَنِ دo٤qn=¢ء٩$# فَهَلْ أَنْتُمْ tbqهkyJZ-B (٩١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ (#ûqكJn=÷و$$sù أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٩٢) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا دM"ysد="¢ء٩$# جُنَاحٌ فِيمَا (#ûqكJدèsغ إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا دM"ysد="¢ء٩$# ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣) ﴾ (١).
٨٤/٩ قال الشاطبي :" كالخمر ؛ فإنها كانت معتادة الاستعمال في الجاهلية ؛ ثم جاء الإسلام ؛ فتركت على حالها قبل الهجرة وزماناً بعد ذلك، ولم يتعرض في الشرع للنص على حكمها حتى نزل :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ حچôJy‚ّ٩$# وَالْمَيْسِرِ ﴾ (٢)، فبين ما فيها من المنافع والمضار، وأن الأضرار فيها أكبر من المنافع، وترك الحكم الذي اقتضته المصلحة وهو التحريم ؛ لأن القاعدة الشرعية أن المفسدة إذا أرْبَتْ على المصلحة فالحكم للمفسدة، والمفاسد ممنوعة ؛ فبان وجه المنع فيهما، غير أنه لما لم ينص على المنع -وإن ظهر وجهه- تمسكوا بالبقاء مع الأصل الثابت لهم بمجاري العادات، ودخل لهم تحت العفو، إلى أن نزل ما في سورة المائدة من قوله تعالى: ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾
(٢) سورة البقرة : ٢١٩.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ زOٹد=xm ﴾ (١).
٨٥/١٠ قال الشاطبي :" وقال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾.
نزلت في رجل(٢) سأل : مَن أبي ؟
(٢) الرجل : هو الصحابي عبد الله بن حذافة السهمي القرشي، أسلم قديماً، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وصحب رسول الله - ﷺ -، وهو صاحب رسالته إلى كسرى ملك الفرس، توفي في خلافة عثمان [انظر: أسد الغابة ٣/٢١١-٢١٣، الإصابة ٢/٤/٥٥، ٥٦].
قال تعالى :﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا ٧pt٦ح !$y™ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا tbrمژyIّےtƒ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ِNèdمژnYّ.r&ur لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا tAu"Rr& اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا $uZç٦َ،xm مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا tbqكJn=÷ètƒ $Z"ّ‹x© وَلَا tbrك‰tG÷ku‰ (١٠٤) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) ﴾ (١).
٨٦/١١ قال الشاطبي :" وقال :﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا ٧pt٦ح !$y™ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا tbrمژyIّےtƒ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ﴾ ؛ وهو اتباع الهوى في التشريع، إذ حقيقته افتراء على الله " (٢).
وقال - في موضع آخر - :" وقال سبحانه :﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا ٧pt٦ح !$y™ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ﴾.
فهم شرعوا شرعة، وابتدعوا في ملة إبراهيم - عليه السلام - هذه البدعة، توهماً أن ذلك يقربهم من الله كما يقرب من الله ما جاء به إبراهيم - عليه السلام - من الحق، فزلوا، وافتروا على الله الكذب ؛ إذ زعموا أن هذا من ذلك، وتاهوا في المشروع، فلذلك قال الله تعالى على إثر الآية :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ " (٣).
(٢) الاعتصام ١/٦٧.
(٣) الاعتصام ١/٢٣٥.
سورة الأنعام
نزول سورة الأنعام ومقاصدها
٨٧/١ قال الشاطبي :" سورة الأنعام ؛ فإنها نزلت مبينة لقواعد العقائد وأصول الدين " (١).
وقال - في موضع آخر - (٢): " وقال تعالى في سورة الأنعام - وهي في المكيات نظير سورة البقرة في المدنيات - :﴿ ك‰ôJutù:$# لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضَ ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ِNخkحh٥uچخ/ يَعْدِلُونَ ﴾ (٣).
وذكر البراهين التامة، ثم أعقبها بكفرهم وتخويفهم بسببه، إلى أن قال :﴿ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ (٤).
فأقسم بكتب الرحمة على إنفاذ الوعيد على من خالف، وذلك يعطي التخويف تصريحاً، والترجية ضمناً.
ثم قال :﴿ 'دoTخ) أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ 'دn١u' عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ (٥) ؛ فهذا تخويف.
وقال :﴿ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ﴾ (٦) الآية، وهذا ترجية.
وكذا قوله :﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ... ﴾ الآية (٧).
ثم مضى في ذكر التخويف، حتى قال :﴿ وَلَلدَّارُ نouچ½zFy$# ضژِچyz لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ (٨).
ثم قال :﴿ إِنَّمَا ـ=‹إftGَ،o" الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ﴾ (٩).
(٢) ذكر هذا في سياق حديثه بأنه إذا ورد في القرآن الترغيب قارنه الترهيب في لواحقه أو سوابقه أو قرائنه وبالعكس، وكذلك الترجية مع التخويف، وما يرجع إلى هذا المعنى، ثم مثل بهذا بسورة الفاتحة والبقرة والأنعام. [انظر : الموافقات ٤/١٦٧-١٦٩].
(٣) سورة الأنعام : ١.
(٤) سورة الأنعام : ١٢.
(٥) سورة الأنعام : ١٥.
(٦) سورة الأنعام : ١٦.
(٧) سورة الأنعام : ١٧.
(٨) سورة الأنعام : ٣٢.
(٩) سورة الأنعام : ٣٦.
قال تعالى :﴿ ك‰ôJutù:$# لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ِNخkحh٥uچخ/ يَعْدِلُونَ ﴾ (١).
٨٨/٢ قال الشاطبي :" ﴿ ك‰ôJutù:$# لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ِNخkحh٥uچخ/ يَعْدِلُونَ ﴾ ؛ أي : يسوون به غيره في العبادة ؛ فذمهم على ذلك " (٢).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن معنى قوله :﴿ يَعْدِلُونَ ﴾ ؛ أي : يسوون به غيره في العبادة.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه أكثر المفسرين (٣).
ويدل عليه القرآن ؛ كقوله تعالى :﴿ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ٥@"n=|ت ﷺûüخ٧-B (٩٧) إِذْ Nن٣ƒبcq|،èS ةb>uچخ/ الْعَالَمِينَ ﴾ (٤).
وقوله :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ (٥).
(٢) الموافقات ١/٧٤.
(٣) نسبه ابن جرير إلى أهل التأويل [ انظر : جامع البيان ٥/١٤٤، ١٤٥ ].
وانظر : بحر العلوم ١/٤٧٣، النكت والعيون ٢/٩٣، معالم التنْزيل ٣/١٢٦، الكشاف ٢/٢/٣، المحرر الوجيز ٢/٢٦٦، زاد المسير ٣/٤، التفسير الكبير ٦/١٢/١٢٦، الجامع لأحكام القرآن ٣/٦/٢٤٩، مدارك التنْزيل ١/٣٥٣، مجموع الفتاوى ١٧/١٣٧، ٢٠/٨٢، التسهيل ١/٢٦١، البحر المحيط ٤/٧٤، بدائع التفسير ٢/١٣٩، ١٤٠، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/١٢٧، فتح القدير ١/٩٨، أضواء البيان ٢/١٨٠، ١٨١.
(٤) سورة الشعراء : ٩٧، ٩٨.
(٥) سورة البقرة : ١٦٥.
قال تعالى :﴿ الَّذِينَ قOكg"sY÷ s؟#uن الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا ڑcqèùحچ÷ètƒ مNèduن!$sYِ/r& الَّذِينَ (#ےrمژإ£yz أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ (١).
٨٩/٣ قال الشاطبي :" وقال تعالى :﴿ الَّذِينَ قOكg"sY÷ s؟#uن الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا ڑcqèùحچ÷ètƒ مNèduن!$sYِ/r& الَّذِينَ (#ےrمژإ£yz أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.
فأثبت لهم المعرفة بالنبي - ﷺ -، ثم بيّن أنهم لا يؤمنون، وذلك مما يوضح أن الإيمان غير العلم ؛ كما أن الجهل مُغاير للكفر " (٢).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن المراد بقوله :﴿ يَعْرِفُونَهُ ﴾ : هو النبي محمد - ﷺ -.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه جمهور المفسرين (٣).
ومما يدل على هذا ؛ تشبيه معرفتهم به بمعرفتهم لأبنائهم، كما أن النِّزاع مع المشركين وأهل الكتاب إنما هو في صحة نبوة محمد - ﷺ -، وغيرها تابع لها.
(٢) الموافقات ١/٨٤.
(٣) نسبه للجمهور : أبو حيان [ انظر : البحر المحيط ٤/٩٦، ٩٧ ].
وانظر : جامع البيان ٥/٦٣، ٦٤، بحر العلوم ١/٤٧٨، معالم التنْزيل ٣/١٣٤، الكشاف ٢/٧، المحرر الوجيز ٢/٢٧٦، ٢٧٧، الجامع لأحكام القرآن ٣/٦/٢٥٨، مدارك التنْزيل ١/٣٥٨، مجموع الفتاوى ١٤/١٩٢-١٩٥، أنوار التنْزيل ١/٢٩٦، حاشية الصاوي ٢/١٥، فتح القدير ٢/١٠٥، روح المعاني ٤/١١٣، ١١٤، محاسن التأويل ٣/٣٩٠.
قال تعالى :﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ دo٤ry‰tَّ٩$$خ/ وَالْعَشِيِّ tbrك‰ƒحچمƒ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ڑْüدJد="©à٩$# ﴾ (١).
٩٠/٤ قال الشاطبي :" ثم إن كثيراً ممن تكلم على هذه المسألة (٢) من المصنِّفين في التصوف تعلَّقوا بالصُّفَّة التي كانت في مسجد رسول الله - ﷺ - يجتمع فيها فقراء المهاجرين، وهم الذين نزل فيهم :﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ دo٤ry‰tَّ٩$$خ/ وَالْعَشِيِّ tbrك‰ƒحچمƒ وَجْهَهُ.... ﴾ الآية " (٣).
وهم الذين وصفهم الله تعالى في القرآن بقوله :﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ Oكg/u'.... ﴾ الآية، وقوله :﴿ ِژة٩ô¹$#ur نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ دo٤ry‰tَّ٩$$خ/ ؤcسإ´yèّ٩$#ur... ﴾ الآية (٤) " (٥).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ دo٤ry‰tَّ٩$$خ/ ؤcسإ´yèّ٩$#ur.... ﴾ نزل في فقراء المهاجرين أهل الصُّفَّة.
(٢) مسألة إحداث الرُّبط والمدارس التي من شأنها أن تبنى تديّناً للمنقطعين للعبادة.
[ انظر : الاعتصام ١/٣٣٦، ٣٣٧].
(٣) الاعتصام ١/٣٣٧.
(٤) سورة الكهف : ٢٨.
(٥) الاعتصام ١/٣٤٥.
قال تعالى :﴿ قُلْ 'دoTخ) عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ 'دn١' وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ مژِچyz tû، ح#إء"xےّ٩$# ﴾ (١).
٩١/٥ قال الشاطبي :(٢) " ويمكن أن يكون من خفي هذا الباب مذهب الخوارج في زعمهم أنه لا تحكيم للرجال ؛ استدلالاً بقوله تعالى :﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ (٣) ؛ فإنه مبني على أن اللفظ ورد بصيغة العموم، فلا يلحقه تخصيص، فلذلك أعرضوا عن قول الله تعالى :﴿ فَابْعَثُوا $VJs٣xm مِنْ ¾د&ح#÷dr& $VJs٣xmur مِنْ !$ygد=÷dr& ﴾ (٤)، وقوله :﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ (٥).
وإلا فلو علموا تحقيقاً قاعدة العرب في أن العموم يُراد به الخصوص ؛ لم يسرعوا إلى الإنكار، و لقالوا في أنفسهم : لعل هذا العامّ مخصوص، فيتأولون.
وفي الموضع وجه آخر مذكور في موضع غير هذا (٦).
وكثيراً ما يوقع الجهل بكلام العرب في مخازٍ لا يرضى بِها عاقل - أعاذنا الله من الجهل والعمل به بفضله - " (٧).
وقال -في موضع آخر-: "واتَّبع الخوارج نحو قوله تعالى :﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ وتركوا مبينة ؛ وهو قوله :﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا ﴾ (٨).
(٢) أورده الشاطبي في سياق بيانه أن من أسباب ضلال أهل البدع : تخرصهم على الكلام في القرآن والسنة العربيين مع العزوف عن علم العربية الذي يفهم عن الله ورسوله، وذكر أمثلة على ذلك، ومنها : هذا المثال: [ انظر : الاعتصام ٢/٣٧-٤٠ ].
(٣) سورة الأنعام : ٥٧، سورة يوسف : ٤٠، ٦٧.
(٤) سورة النساء : ٣٥.
(٥) سورة المائدة : ٩٥.
(٦) انظر : الموافقات ٣/٣١٣، ٤/٢٢٣، وهما المذكوران بعد هذا الموضع.
(٧) الاعتصام ٢/٤٠.
(٨) سورة المائدة : ٩٥.
قال تعالى :﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ حچَst٧ّ٩$#ur وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا ٧p٦xm فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ &ûüخ٧-B ﴾ (١).
٩٢/٦ قال الشاطبي :" فالآيات والأحاديث تدل على أن الغيب لا يعلمه إلا الله، كما في الحديث من قوله عليه السلام :" في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ﴾ (٢) إلى آخر السورة " (٣).
وقال في الآية الأخرى :﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾، واستثنى المرسلين في الآية الأخرى بقوله :﴿ مNد="tم الْغَيْبِ فَلَا مچخgّàمƒ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ﴾ (٤) الآية.
فبقي من عداهم على الحكم الأول ؛ وهو امتناع علمه.
وقال تعالى :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ ِNن٣yèد=ôـمٹد٩ عَلَى الْغَيْبِ ﴾ (٥) الآية.
وقال :﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ (٦) " (٧).
الدِّراسة :
(٢) سورة لقمان : ٣٤.
(٣) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي - ﷺ - عن الإيمان والإسلام والإحسان، وعلم الساعة، ص١٢، برقم ٥٠.
ومسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، ١/٣٩، برقم ٩ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في ضمن حديث طويل.
(٤) سورة الجن : ٢٦، ٢٧.
(٥) سورة آل عمران : ١٧٩.
(٦) سورة النمل : ٦٥.
(٧) الموافقات ٤/٤٧١.
قال تعالى :﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ ِNن٣د=م_ِ'r& أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾ (١).
٩٣/٧ قال الشاطبي :" ومنها (٢) : قوله تعالى :﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ ِNن٣د=م_ِ'r& أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾.
فعن ابن عباس : أن لبسهم شيعاً هو الأهواء المختلفة (٣).
ويكون على هذا قوله :﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾ : تكفير البعض للبعض حتى يتقاتلوا (٤) ؛ كما جرى للخوارج حين خرجوا عن أهل السنة والجماعة.
وقيل : معنى :﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ ﴾ ما فيه إلباس من الاختلاف (٥).
(٢) أي من الأدلة الواردة في القرآن في ذم البدع [ انظر : الاعتصام ١/٧٦-٨٦ ].
(٣) الأثر : أخرجه عن ابن عباس : ابن جرير في تفسيره (٥/٢١٩)، وحسن إسناده : حكمت بشير ياسين [انظر: التفسير الصحيح ٢/٢٤٧].
(٤) جاء نحو هذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : قال :" يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب " أخرجه ابن جرير في تفسيره (٥/٢١٩)، وحسن إسناده : حكمت بشير ياسين [انظر: التفسير الصحيح ٢/٢٤٧].
(٥) وهذا - فيما يظهر - على قراءة ضم الياء ﴿ يُلْبِسَكُمْ ﴾ وليست من القراءات العشر.
قال ابن عطية في تفسيره (٢/٣٠٣) :" وقرأ أبو عبد الله المدني ﴿ يُلْبِسَكُمْ ﴾ بضم الياء، من ألبس ؛ فهو على هذا استعارة من اللباس، فالمعنى " أو يلبسكم الفتنة شيعاً ".
وقال أبو حيان في تفسيره (٤/١٥٥) :" وقرأ أبو عبد الله المدني ﴿ يُلْبِسَكُمْ ﴾ بضم الياء، من اللبس، استعارة من اللباس ".
قال تعالى :﴿ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ٣"uچٍ٢دŒ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ (١).
٩٤/٨ قال الشاطبي (٢) :" وقال (٣) : في قوله :﴿ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ إنه منسوخ بقوله :﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا ﴾ (٤) الآية (٥).
وآية الأنعام خبر من الأخبار، والأخبار تَنسخ ولا تُنسخ " (٦).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قول ابن عباس في قوله :﴿ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ إنه منسوخ بقوله :﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا ﴾ (٧) أنه لم يُرد النسخ بمعناه الخاص عند الأصوليين والمتأخرين (٨) ؛ لأن آية الأنعام خبر، والأخبار لا تُنسخ.
(٢) أورد هذا المثال في سياق بيانه أن النسخ عند المتقدمين أعم منه عند الأصوليين والمتأخرين [ انظر: الموافقات ٣/٣٤٤-٣٤٨].
(٣) أي : ابن عباس [ انظر : الموافقات ٣/٣٤٥-٣٤٨ ].
(٤) سورة النساء : ١٤٠.
(٥) الأثر : أخرجه عن ابن عباس : النحاس في الناسخ والمنسوخ ص١٣١، ١٣٢، وذكره مكي في الإيضاح ص٢٨٢.
وإسناده ضعيف؛ لأن فيه جويبر بن سعيد الأزدي، قال عنه ابن حجر في التقريب ص١٤٣ :"ضعيف جداً".
(٦) الموافقات ٣/٣٤٨، ٣٤٩.
(٧) سورة النساء : ١٤٠.
(٨) انظر الموافقات ٣/٣٤٤-٣٤٨.
قال تعالى :﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ (#ûqف، خ٦ù=tƒ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ tbrك‰tGôg-B ﴾ (١).
٩٥/٩ قال الشاطبي :" قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ (#ûqف، خ٦ù=tƒ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ الآية : فإنها لما نزلت قال الصحابة : وأينا لم يظلم ؟ فنَزلت :﴿ إِن x٨ِژإe³٩$# لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ (٢) " (٣).
وفي رواية :" لما نزلت هذه الآية ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ (#ûqف، خ٦ù=tƒ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ شق ذلك على أصحاب رسول الله - ﷺ -، وقالوا : أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ فقال رسول الله - ﷺ - : ليس بذلك، ألا تسمع إلى قول لقمان: ﴿ إِن x٨ِژإe³٩$# لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ (٤)"(٥)"(٦).
وقال - في موضع آخر - :" فأما قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ (#ûqف، خ٦ù=tƒ إِيمَانَهُمْ ﷺOù=فàخ/....... ﴾ الآية ؛ فإن سياق الكلام يدل على أن المراد بالظلم أنواع الشرك
(٢) سورة لقمان : ١٣.
(٣) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الإيمان، باب ظلم دون ظلم، ص٩، برقم ٣٢، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(٤) سورة لقمان : ١٣.
(٥) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب التفسير، باب :" لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم" ص٨٣٩، برقم ٤٧٧٦، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - بلفظ مقارب.
ومسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، باب صدق الإيمان وإخلاصه، ١/١١٤، برقم ١٢٤، من حديث ابن مسعود بنحوه.
(٦) الموافقات ٣/٤٠١، ٤٠٢.
قال تعالى :﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ٣"uچّ. دŒ لِلْعَالَمِينَ ﴾ (١).
٩٦/١٠ قال الشاطبي :" وقوله :﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ يقتضي بظاهره دخول محاسن العادات ؛ من الصبر على الأذى، والدفع بالتي هي أحسن وغير ذلك"(٢).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ يقتضي بظاهرة دخول محاسن العادات.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه جماعة من المفسرين ؛ كابن جرير (٣)، والجصاص(٤)، والهراسي (٥)، والبغوي (٦)، والرازي (٧)، والألوسي (٨)، والقاسمي (٩).
وتدل عليه النصوص الشرعية، ؛ كقوله تعالى :﴿ ِژة٩ô¹$$sù كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ (١٠).
قال القاسمي :" ﴿ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ ؛ أي : بطريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده، والأخلاق الحميدة، والأفعال المرضية، والصفات الرفيعة، اعمل " (١١).
(٢) الموافقات ٣/٣٦٦.
(٣) انظر : جامع البيان ٥/٢٦١.
(٤) انظر : أحكام القرآن ٣/٥، ٦.
(٥) انظر : أحكام القرآن ٢/١٢٤.
(٦) انظر : معالم التنْزيل ٣/١٦٦.
(٧) انظر : التفسير الكبير ٧/١٣/٥٧، ٥٨.
(٨) انظر : روح المعاني ٤/٢٠٥، ٢٠٦.
(٩) انظر : محاسن التأويل ٣/٣٦٧، وانظر : حاشية الصاوي ٢/٥٠.
(١٠) سورة الأحقاف : ٣٥.
(١١) محاسن التأويل ٣/٣٦٧.
قال تعالى :﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ ¨،xm ے¾دnح'ô‰s% إِذْ قَالُوا مَا tAu"Rr& اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ tAu"Rr& الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ ﴾ٹدغ#uچs% تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ #[ژچدWx. وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ (#ûqçHs>÷ès؟ أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي ِNخkإخِqyz يَلْعَبُونَ } (١).
٩٧/١١ قال الشاطبي :" وعلى هذا النحو تجد احتجاجات القرآن ؛ فلا يؤتى فيه إلا بدليل يقر الخصم بصحته شاء أم أبَى.
وعلى هذا النحو جاء الرد على من قال :﴿ مَا tAu"Rr& اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ﴾، قال تعالى :﴿ قُلْ مَنْ tAu"Rr& الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى ﴾ الآية ؛ فحصل إفحامه بما هو عالم به " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ قُلْ مَنْ tAu"Rr& الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى ﴾ جاء رداً على من قال :﴿ مَا tAu"Rr& اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ﴾ ؛ فحصل به إفحام الخصم بما هو عالم به.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسرين (٣) ؛ وهو ظاهر الآية.
(٢) الموافقات ٥/٤١٦.
(٣) انظر : جامع البيان ٥/٢٦٢-٢٦٥، النكت والعيون ٢/١٤١، الكشاف ٢/٢٦، ٢٧، التفسير الكبير ٧/١٣/٥٩-٦٣، الجامع لأحكام القرآن ٤/٧/٢٦، ٢٧، التسهيل ١/٢٧٨، بدائع التفسير ٢/١٦٢-١٦٤، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/١٦١، ١٦٢، أنوار التنْزيل ١/٣١١، حاشية الصاوي ٢/٥١، فتح القدير ٢/١٣٨، ١٣٩، محاسن التأويل ٣/٣٧٠، تيسير الكريم الرحمن ٢/٤٣٢.
قال تعالى :﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ y٧د٩¨x‹x. $¨Yƒy- لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى Nخkحh٥u' مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (١).
٩٨/١٢ قال الشاطبي (٢): " كقوله تعالى :﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ فإنهم قالوا : لتكُفَّنّ عن سب آلهتنا، أو لنسُبن إلهك ؛ فنَزلت (٣) " (٤).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ نزل لما قالوا : لتكفن عن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك.
(٢) أورد الشاطبي هذا المثال من باب سد الذرائع. [انظر: الموافقات ٣/٧٥].
(٣) الأثر : أخرجه ابن جرير في تفسيره ٥/٣٠٤ عن ابن عباس بلفظ :" قالوا : يا محمد، لتنتهين عن سب آلهتنا، أو لنهجون ربك، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم، فيسبوا الله عدواً بغير علم " وحسن إسناده : حكمت بشير ياسين في التفسير الصحيح (٢/٢٦٤).
وأخرجه عن قتادة (٥/٣٠٥) بلفظ :" كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فيسب الكفار الله عدواً بغير علم ؛ فأنزل الله :﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾.
وأخرجه عن السدي (٥/٣٠٤، ٣٠٥) من غير تصريح بسبب النّزول.
وأخرجه عن السدي : الواحدي في أسباب النّزول - تحقيق الحميدان - ( ص٢٢٢) مصرحاً بسبب النّزول، ولكنه ضعيف ؛ لأنه مرسل [انظر: أسباب النّزول - تحقيق زغلول - ص٢٢٥].
(٤) الموافقات ٣/٧٥.
قال تعالى :﴿ وَلَوْ $sY¯Rr& نَزَّلْنَا مNخkِژs٩خ) الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٤'sAِqpRùQ$# $tRِژ|³xmur ِNخkِژn=tم كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا (#ûqمZدB÷sم‹د٩ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ ِNèduژnYٍ٢r& يَجْهَلُونَ ﴾ (١).
٩٩/١٣ قال الشاطبي :" وقال: ﴿ $tRِژ|³xmur ِNخkِژn=tم كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ﴾ على قراءة غير نافع(٢)، وابن عامر(٣) (٤)، وهو جمع قبيل، أي: قبيلاً قبيلاً، وصنفاً صنفاً"(٥).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ $tRِژ|³xmur ِNخkِژn=tم كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ﴾ على قراءة ضم القاف والباء في ﴿ قُبُلًا ﴾ ؛ بأنه جمع قبيل ؛ أي: قبيلاً قبيلاً، وصنفاً صنفاً.
(٢) نافع: هو أبو رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي مولاهم، أصله من أصفهان، أحد القراء السبعة، وإمام من أئمة القراء في عصره، توفي بالمدينة سنة ١٦٩هـ [انظر: التيسير ص١٧، معرفة القراء الكبار ١/١٠٧-١١١].
(٣) ابن عامر: هو أبو عمران عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي، أحد القراء السبعة، كان إمام أهل الشام في القراءة، وعالماً من علماء المسلمين، توفي بدمشق سنة ١١٨هـ[انظر: التيسير ص١٨، معرفة القراء الكبار ١/٨٢-٨٦].
(٤) قوله تعالى: ﴿ $tRِژ|³xmur ِNخkِژn=tم كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ﴾ فيه قراءتان سبعيتان:
الأولى: بضم القاف والباء في ﴿ قُبُلًا ﴾ وقرأ بها: ابن كثير، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو عمرو.
الثانية: بكسر القاف وفتح الباء في (قِبَلا)، وقرأ بها: نافع وابن عامر.
[انظر: التذكرة في القراءات ص٢٦١، الكشف عن وجوه القراءات السبع ١/٤٤٦، التبصرة في القراءات السبع ص٢٠٧، التيسير ص٨٧، النشر في القراءات العشر ٢/١٩٦، ١٩٧، إتحاف فضلاء البشر ٢/٢٧].
(٥) المقاصد الشافية ٢/٣٥.
قال تعالى :﴿ y٧د٩¨x‹ں٢ur زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ ِNèdنt!$ں٢uچن© ِNèdrكٹِژمچد٩ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا ڑcrمژyIّےtƒ ﴾ (١).
١٠٠/١٤ قال الشاطبي :" وقد وقع القتل في العرب الجاهلية، ولكن على غير هذه الجهة (٢) ؛ وهو قتل الأولاد لسببين :
أحدهما : خوف الإملاق.
والآخر : دفع العار الذي كان لاحقاً لهم بولادة الإناث.
حتى أنزل الله في ذلك قوله تعالى :﴿ وَلَا (#ûqè=çGّ)s؟ أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ ِ/ن.$ƒخ)ur ﴾ (٣)، وقوله تعالى :﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ (٤)، وقوله :﴿ وَإِذَا uچدe±ç٠ Nèdك‰xmr& بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) ٣"u'¨uqtGtƒ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ دنûqك™ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ (٥).
وهذا القتل محتمل أن يكون ديناً وشرعة ابتدعوها، ويحتمل أن يكون عادة تعوّدوها، بحيث لم يتخذوها شرعة، إلا أن الله تعالى ذمّهم عليها، فلا يحكم عليها
(٢) يعني طريقة الهند في قتلهم لأنفسهم وتعذيبهم لأنفسهم بأنواع العذاب الشنيع على وجه استعجال الموت لنيل الدرجات العلى - في زعمهم - [انظر : الاعتصام ٢/٣٤٥، ٣٤٦].
(٣) سورة الإسراء : ٣١.
(٤) سورة التكوير : ٨، ٩.
(٥) سورة النحل : ٥٨، ٥٩.
قال تعالى: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ (#ûqè=tGs% أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ (#qمB
چxmur مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾
(١).
١٠١/١٥ قال الشاطبي :" وقال :﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ (#ûqè=tGs% أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ (#qمBچxmur مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾، وهذا كله لاتباع أهوائهم في التشريع بغير هدىً من الله " (٢).
وقال - في موضع آخر - :" وقال سبحانه :﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ (#ûqè=tGs% أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ (#qمB
چxmur مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ﴾.
فهذه فذلكة (٣) مجملة بعد تفصيل تقدم ؛ وهو قوله تعالى :﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا ﴾ (٤) الآية ؛ فهذا تشريع كالمذكور قبل هذا.
ثم قال :﴿ y٧د٩¨x‹ں٢ur زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ ِNèdنt!$ں٢uچن© ِNèdrكٹِژمچد٩ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ﴾ الآية (٥)؛ وهو تشريع أيضاً بالرأي مثل الأول.
ثم قال :﴿ وَقَالُوا ے¾دnة‹"yd أَنْعَامٌ î^ِچxmur حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ âن!$t±°S ِNخgدJôمu"خ/ ﴾ (٦) إلى آخرها.
فحاصل الأمر أنهم قتلوا أولادهم بغير علم، وحرّموا ما أعطاهم الله من الرزق بالرأي على جهة التشريع ؛ فلذلك قال تعالى :﴿ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ (٧).
(٢) الاعتصام ١/٦٧.
(٣) الفَذْلَكَة : مجمل ما فصل وخلاصته [انظر: القاموس المحيط ص١٢٢٧، المعجم الوسيط ٢/٦٧٨ ].
(٤) سورة الأنعام : ١٣٦.
(٥) سورة الأنعام : ١٣٧.
(٦) سورة الأنعام : ١٣٨.
(٧) سورة الأنعام : ١٤٠.
قال تعالى :﴿ ثَمَانِيَةَ ٨l¨urّ-r& مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ ح"÷èyJّ٩$# اثْنَيْنِ قُلْ بûّïuچں٢©%!!#uن tPچxm أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ 'دTqن"خm٧tR بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ حچs)t٧ّ٩$# اثْنَيْنِ قُلْ بûّïuچں٢©%!!#uن tPچxm أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٣"uژyIّù$# عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا "د‰÷ku‰ الْقَوْمَ ڑْüدJد="©à٩$# ﴾ (١).
١٠٢/١٦ قال الشاطبي :" وقد ثبت - أيضاً - للكفار بدع فرعية، ولكنها في الضروريات وما دار بِها ؛ كجعلهم لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً ولشركائهم نصيباً، ثم فرّعوا عليه أن ما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله، وما كان لله وصل إلى شركائهم، وتحريمهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي، وقتلهم أولادهم سفهاً بغير علم، وترك العدل في القصاص والميراث، والحيف في النكاح والطلاق، وأكل مال اليتيم على نوعٍ من الحيل... إلى ما أشبه ذلك مما نبّه عليه الشرع، وذكره العلماء حتى صار التشريع ديناً لهم، وتغيير ملة إبراهيم - عليه السلام - سهلاً عليهم، فأنشأ ذلك أصلاً مضافاً إليهم، وقاعدة رضوا بِها، وهي التشريع المطلق بالهوى.
ولذلك لما نبههم الله تعالى على قيام الحُجّة عليهم بقوله تعالى :﴿ قُلْ بûّïuچں٢©%!!#uن tPچxm أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ قال فيها :﴿ 'دTqن"خm٧tR بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾، فطالبهم بالعلم
قال تعالى :﴿ وَأَنَّ هَذَا 'دغ¨uژإہ مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ ¾د&ح#‹خ٧y™ ِNن٣د٩¨sŒ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ (١).
١٠٣/١٧ قال الشاطبي :"ومن الآيات (٢) : قوله تعالى :﴿ وَأَنَّ هَذَا 'دغ¨uژإہ مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ ¾د&ح#‹خ٧y™ ِNن٣د٩¨sŒ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.
فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه، وهو السنة، والسبل هي سبل أهل الاختلاف الحائدين عن الصراط المستقيم، وهم أهل البدع، ليس المراد سبل المعاصي ؛ لأن المعاصي من حيث هي معاصٍ لم يضعها أحد طريقاً تسلك دائماً على مضاهاة التشريع، وإنما هذا الوصف خاص بالبدع المحدثات.
(٢) أي من الآيات الدالة على ذم البدع [ انظر : الاعتصام ١/٦٨-٧٦ ].
قال تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ (١).
١٠٤/١٨ قال الشاطبي :" ومنها (٢) : قوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾.
هذه الآية قد جاء تفسيرها في بعض الأحاديث من طريق عائشة -رَضِيَ الله عَنْهَا- قالت : قال رسول الله - ﷺ - :" يا عائشة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ﴾ من هم ؟ قلت : الله ورسوله أعلم. قال : هم أصحاب الأهواء، وأصحاب البدع، وأصحاب الضلالة من هذه الأمة.
يا عائشة : إن لكل ذنب توبة، ما خلا أصحاب الأهواء والبدع، ليس لهم توبة، وأنا بريء منهم، وهم مني براء " (٣) " (٤).
(٢) ومنها : أي ومن الآيات الدالة على ذم البدع وأهلها. [انظر : الاعتصام ١/٦٨-٨٢].
(٣) الحديث : أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (١/٢٠٣) بنحوه. وابن أبي حاتم في تفسيره ٥/١٤٣٠، ولكن من حديث عمر بن الخطاب أن رسول الله - ﷺ - قال لعائشة.
وانظر : الدر المنثور (٣/١١٧، ١١٨).
قال عنه ابن كثير في تفسيره (٢/٢٠٤) :" وهو غريب - أيضاً -، ولا يصح رفعه ".
وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد (١/١٨٨) :" رواه الطبراني في الصغير، وفيه بقيَّة ومجالد بن سعيد، وكلاهما ضعيف ".
(٤) الاعتصام ١/٨١، ٨٢، وانظر الموافقات ٥/١٥٤.
سورة الأعراف
قال تعالى :﴿ قُلْ مَنْ tPچxm spsYƒخ- اللَّهِ الَّتِي yluچ÷zr& ¾دnدٹ$t٧دèد٩ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ ة-ّ-حhچ٩$# قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي دo٤quٹysّ٩$# الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ y٧د٩¨x‹x. نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ tbqçHs>÷ètƒ ﴾ (١).
١٠٥/١ قال الشاطبي :" تناول المباح لا يصح أن يكون صاحبه محاسباً عليه بإطلاق، وإنما يحاسب على التقصير في الشكر عليه ؛ إما من جهة تناوله واكتسابه، وإما من جهة الاستعانة به على التكليفات، فمن حاسب نفسه في ذلك وعمل على ما أمر به ؛ فقد شكر نعم الله، وفي ذلك قال تعالى :﴿ قُلْ مَنْ tPچxm spsYƒخ- اللَّهِ... ﴾ إلى قوله :﴿ خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ أي : لا تَبِعَةَ فيها " (٢).
وقال - في موضع آخر - :" أنه تعالى أنكر على من حرّم شيئاً مما بث في الأرض من الطيبات، وجعل ذلك من أنواع ضلالهم، فقال تعالى :﴿ قُلْ مَنْ tPچxm spsYƒخ- اللَّهِ الَّتِي yluچ÷zr& ¾دnدٹ$t٧دèد٩ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ ة-ّ-حhچ٩$# قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي دo٤quٹysّ٩$# الدُّنْيَا ﴾ أي : خلقت لأجلهم، ﴿ خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ لا تِبَاعَةَ فيها ولا إثم"(٣).
وقال - في موضع ثالث - :" فقد يتوهّم فيما هو مباح شرعاً أن فيه إثماً ؛ بناء على استقرار عادة تقدمت، أو رأيٍ عرض، كما توهم بعضهم الإثم في الطواف
بالبيت بالثياب، وفي بعض المأكولات ؛ حتى نزل :﴿ قُلْ مَنْ tP
چxm spsYƒخ- اللَّهِ الَّتِي yluچ÷zr& ¾دnدٹ$t٧دèد٩ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ ة-ّ-حhچ٩$# ﴾
" (٤).
الدِّراسة :
تحدَّث الشاطبي في هذا الموضع عن ثلاث مسائل :
(٢) الموافقات ١/١٨٣.
(٣) الموافقات ١/١٩٨.
(٤) الموافقات ١/٤٨٠.
قال تعالى :﴿ (#qممôٹ$# رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ (١).
١٠٦/٢ قال الشاطبي :" قال تعالى :﴿ (#qممôٹ$# رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ ڑ ْïد‰tF÷èكJّ٩$# ﴾ والمعتدون - في التفسير - هم الرافعون أصواتهم بالدعاء.
وعن أبي موسى (٢) ؛ قال :" كنا مع النبي - ﷺ - في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال النبي - ﷺ - : أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، إنكم ليس تدعون أصمَّ ولا غائباً ؛ إنكم تدعون سميعاً قريباً، وهو معكم " (٣).
وهذا الحديث من تمام تفسير الآية، ولم يكونوا - رضي الله عنهم - يكبِّرون على صوت واحد، ولكنه نهاهم عن رفع الصوت ؛ ليكونوا ممتثلين للآية " (٤).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن المعتدين في قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ هم الرافعون أصواتهم بالدعاء.
(٢) أبو موسى : هو الصحابي الجليل أبو موسى عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري، أسلم بمكة، وقدم المدينة بعد فتح خيبر، كان من كبار فقهاء الصحابة وعلمائهم وقضاتهم وقرائهم، استعمله النبي - ﷺ - على اليمن، واستعمله عمر على البصرة، وافتتح الأهواز وأصبهان، واستعمله عثمان على الكوفة، توفي سنة ٥٠هـ، وقيل غير ذلك [ انظر: أسد الغابة ٣/٣٦٧-٣٦٩، الإصابة ٢/٤/١١٩، ١٢٠، التقريب ص٣١٨ ].
(٣) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير، ص٤٩٤، برقم ٢٩٩٢، ومسلم في صحيحه، في كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب خفض الصوت بالذكر ٤/٢٠٧٦، برقم ٢٧٠٤، من حديث أبي موسى الأشعري، واللفظ لمسلم.
(٤) الاعتصام ٢/٩٣.
قال تعالى :﴿ أَفَأَمِنُوا uچٍ٦tB اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ uچٍ٦tB اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ tbrمژإ£"y‚ّ٩$# ﴾ (١).
١٠٧/٣ قال الشاطبي :" وقد قال تعالى - في جملة ممن ذم :﴿ أَفَأَمِنُوا uچٍ٦tB اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ uچٍ٦tB اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ tbrمژإ£"y‚ّ٩$# ﴾.
والمكر : جلب السُّوء من حيث لا يُفطن له، وسوء الخاتمة من مكر الله ؛ إذ يأتي الإنسان من حيث لا يشعر، اللهم إنا نسألك العفو والعافية " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن المكر في قوله تعالى :
| ﴿ أَفَأَمِنُوا uچٍ٦tB اللَّهِ | ﴾ هو جلب السوء من حيث لا يُفطن له. |
قال ابن كثير :" ﴿ أَفَأَمِنُوا uچٍ٦tB اللَّهِ... ﴾ ؛ أي : بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم " (٤).
وقال القاسمي :
| " ﴿ أَفَأَمِنُوا uچٍ٦tB اللَّهِ | ﴾ ؛ وهو أخذه العبد من حيث لا يحتسب"(٥). |
| " ﴿ أَفَأَمِنُوا uچٍ٦tB اللَّهِ | ﴾ ؛ حيث يستدرجهم من حيث لا يعلمون، ويملي لهم " (٦). |
(٢) الاعتصام ١/٢٢٣.
(٣) انظر : جامع البيان ٦/١١، معالم التنْزيل ٣/٢٦٠، الكشاف ٢/٧٨، التفسير الكبير ٧/١٤/١٥١، الجامع لأحكام القرآن ٤/٧/١٦٢، مدارك التنْزيل ١/٤٢٨، التسهيل ١/٣١٠، البحر المحيط ٤/٣٥١، بدائع التفسير ٢/٢٦١، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/٢٤٤، أنوار التنْزيل ١/٣٥١، تفسير الجلالين وحاشية الصاوي ٢/١٤٤، فتح القدير ٢/٢٢٨، روح المعاني ٥/١٣، محاسن التأويل ٣/٦١٩، تيسير الكريم الرحمن ٣/٦٨.
(٤) تفسير القرآن العظيم ٢/٢٤٤.
(٥) محاسن التأويل ٣/٦١٩.
(٦) تيسير الكريم الرحمن ٣/٦٨.
قال تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ ط'©!دŒur فِي دo٤quٹysّ٩$# الدُّنْيَا y٧د٩¨x‹x.ur "ح"ّgwU tûïخژyIّےكJّ٩$# ﴾ (١).
١٠٨/٤ قال الشاطبي :" وأما أن المبتدع يُلقى عليه الذل في الدنيا والغضب من الله تعالى ؛ فلقوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ ط'©!دŒur فِي دo٤quٹysّ٩$# الدُّنْيَا y٧د٩¨x‹x.ur "ح"ّgwU tûïخژyIّےكJّ٩$# ﴾ ؛ حسبما جاء في تفسير الآية عن بعض السلف، وقد تقدم (٢)، ووجهه ظاهر ؛ لأن المتخذين للعجل إنما ضلوا به حتى عبدوه ؛ لما سمعوا من خواره، ولما ألقى إليهم السامري فيه، فكان في حقهم شبهة خرجوا بِها عن الحق الذي كان في أيديهم.
قال الله تعالى :﴿ y٧د٩¨x‹x.ur "ح"ّgwU tûïخژyIّےكJّ٩$# ﴾ ؛ فهو عموم فيهم وفيمن أشبههم؛ من حيث كانت البدع كلها افتراءً على الله ؛ حسبما أخبر في كتابه في قوله تعالى :﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ (#ûqè=tGs% أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ (#qمB
چxmur مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ﴾
الآية (٣).فإذن ؛ كل من ابتدع في دين الله ؛ فهو ذليل حقير بسبب بدعته، وإن ظهر لبادي الرأي عِزُّه وجبريَّتهُ ؛ فهم في أنفسهم أذلاّء.
(٢) قال الشاطبي - في الاعتصام ١/٩٧ - :" وجاء عن سفيان بن عيينة وأبي قلابة وغيرهما أنهم قالوا : كل صاحب بدعة أو فرية ذليل، واستدلوا بقول الله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ ط'©!دŒur فِي دo٤quٹysّ٩$# الدُّنْيَا y٧د٩¨x‹x.ur "ح"ّgwU tûïخژyIّےكJّ٩$# ﴾ " وانظر : جامع البيان ٦/٧١، ٧٢.
(٣) سورة الأنعام : ١٤٠.
قال تعالى :﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ 'دoTخ) رَسُولُ اللَّهِ ِNà٦ّ‹s٩خ) جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ دN¨uq"yJ، ،٩$# وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ د&د!qك™u'ur النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ¾دmدG"yJد=ں٢ur وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ (١).
١٠٩/٥ قال الشاطبي :" هذه الشريعة المباركة أمية (٢) ؛ لأن أهلها كذلك، فهو أحرى على اعتبار المصالح، ويدل على ذلك أمور :
أحدها : النصوص المتواترة اللفظ والمعنى ؛ كقوله تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾ (٣).
وقوله :﴿ #qمYدB$t"sù بِاللَّهِ د&د!qك™u'ur النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ¾دmدG"yJد=ں٢ur ﴾ (٤).
وفي الحديث :" بعثت إلى أمة أمية " (٥)؛ لأنهم لم يكن لهم علم بعلوم الأقدمين.
والأمي منسوب إلى الأم ؛ وهو الباقي على أصل ولادة الأم لم يتعلم كتاباً ولا غيره، فهو على أصل خلقته التي ولد عليها.
وفي الحديث :" نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا " (٦).
(٢) أي : أنها ميسرة لعامة الناس.
(٣) سورة الجمعة : ٢.
(٤) سورة الأعراف : ١٥٨.
(٥) الحديث : أخرجه الترمذي في جامعه، في كتاب القراءات عن رسول الله - ﷺ -، باب ما جاء أن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ص٦٥٨، برقم ٢٩٤٤، من حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - بلفظ :" إني بعثت إلى أمة أميين" وقال عنه الترمذي :" هذا حديث حسن صحيح ".
(٦) الحديث : أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الصوم، باب قول النبي - ﷺ - :" لا نكتب ولا نحسب "، ص٣٠٧، برقم ١٩١٣.
ومسلم في صحيحه، في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، ٢/٧٦١، برقم ١٠٨٠، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - بلفظ :" إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب... " الحديث.
قال تعالى :﴿ وَإِذْ أَخَذَ y٧ڑ/u' مِنْ ûسة_t/ آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ِNهkyJƒحh'èŒ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى ِNخkإ¦àےRr& أَلَسْتُ ِNن٣خn/uچخ/ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا tû، ح#دے"xî ﴾ (١).
١١٠/٦ قال الشاطبي :" والرابع (٢) : قول من قال (٣) : إن قول النبي - ﷺ - :" إن الله لما خلق آدم مسح ظهره بيمينه، فأخرج منه ذريته إلى يوم القيامة، وأشهدهم على أنفسهم :﴿ أَلَسْتُ ِNن٣خn/uچخ/ قَالُوا بَلَى ﴾ " (٤)
(٢) أي : الرابع من الأمثلة التي أوردها مُبيناً أن من غفل عن اعتقاد أن القرآن لا اختلاف فيه، ولم يمعن النظر فيه؛ وقع في الإشكال والاختلاف. [ انظر : الاعتصام ٣/٣٨٢-٣٩٠ ].
(٣) ذكر الرازي في تفسيره (٨/١٥/٣٩) ؛ بأن المعتزلة أطبقوا على أنه لا يجوز تفسير هذه الآية بما جاء في الحديث، وذكر حججهم.
(٤) الحديث : أخرجه الإمام أحمد في المسند (٣/١١٨) برقم (٢٤٥٥)، والنسائي في تفسيره (١/٥٠٦)، والحاكم في المستدرك في كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، ذكر آدم - عليه السلام - (٢/٥٩٣)، برقم (٤٠٠٠)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، بنحوه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/٧/٢٥، ١٨٨، ١٨٩) " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح " وقال عنه أحمد شاكر :" إسناده حسن " [ المسند ٣/١١٨ ] وصححه الألباني [ انظر : سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤/١٥٨-١٦٣ ] كما أخرج الحديث أبو داود في سننه، في كتاب السنة، باب في القدر، ص ٧٠٦، برقم (٤٧٠٣، ٤٧٠٤)، والترمذي في جامعه، في كتاب التفسير، باب ومن سورة الأعراف، ص٦٨٨، ٦٨٩، برقم (٣٠٧٥)، والنسائي في تفسيره (١/٥٠٤، ٥٠٥)، والحاكم في المستدرك، في كتاب التفسير، باب تفسير سورة الأعراف، ٢/٣٥٥، برقم (٣٢٥٦) من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بنحوه، وأخرجه الترمذي في جامعه، في كتاب التفسير، باب ومن سورة الأعراف، ص٦٨٩، برقم (٣٠٧٦) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بنحوه.
قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ #[ژچدWx. مِنَ اd`إgù:$# وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا tbrمژإاِ٧مƒ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ (١).
١١١/٧ قال الشاطبي :" ومنهم (٢) من قال في قوله :﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ ﴾ ؛ أي : ألقينا فيها ؛ كأنه عندهم من قول الناس : ذَرَتْهُ الريح، وذرأ مهموز، وذرا غير مهموز " (٣).
وقال - في موضع آخر - :" وفي قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ ﴾ ؛ أي: ألقينا فيها (٤)؛ كأنه عندهم من قول العرب : ذَرَتْهُ الرِّيحُ، وذلك لا يجوز ؛ لأن ذرأنا مهموز، و ذَرَتْهُ غير مهموز، وكذلك لا يكون من : أذرته الدابة عن ظهرها ؛ لعدم الهمز، ولكنه رباعي، وذرأنا ثلاثي " (٥).
الدِّراسة :
(٢) أي : من أرباب الكلام. [ انظر : الموافقات ٤/٢٢٧-٢٣٠ ] ونسبه ابن قتيبة إلى الجهمية. [انظر : الاختلاف في اللفظ ص١، ٣-١٧] وأورد الشاطبي هذا المثال لبيان أن كل معنى مستنبط من القرآن غير جار على اللسان العربي ؛ فليس من علوم القرآن في شيء، لا مما يستفاد منه، ولا مما يستفاد به، ومن ادعى ذلك ؛ فهو في دعواه مبطل. [ انظر : الموافقات ٤/٢٢٤-٢٣٠ ].
(٣) الموافقات ٤/٢٣٠.
(٤) أي : قالوا في قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ ﴾ أي : ألقينا فيها، وأورد الشاطبي هذا المثال لبيان أن من أسباب ضلال أهل البدع والضلال : هو تخرصهم على الكلام في القرآن والسنة العربيين مع العرو عن علم العربية الذي يفهم عن الله ورسوله. [ انظر : الاعتصام ٢/٣٧، ٣٨ ].
(٥) الاعتصام ٢/٣٨.
سورة الأنفال
قال تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ (#qكsد=ô¹r&ur ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ tûüدZدB÷s-B ﴾ (١).
١١٢/١ قال الشاطبي :" وقال (٢) في قوله تعالى :﴿ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ : منسوخ بقوله :﴿ (#ûqكJn=÷و$#ur أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ ¼çm|،çHè~....... ﴾ الآية(٣) (٤) ؛ وإنما ذلك بيان لمبهم في قوله :﴿ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ " (٥).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن مراد ابن عباس بالنسخ في قوله تعالى :﴿ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ : منسوخ بقوله :﴿ (#ûqكJn=÷و$#ur أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ (٦) ؛ إنما ذلك بيان لمبهم في قوله :﴿ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾.
وما ذهب إليه الشاطبي - في أن مراد ابن عباس بالنسخ في هذا الموضع بيان المبهم - ؛ لم أجد أحداً من المفسرين وجه قول ابن عباس هنا إلى ما وجهه إليه الشاطبي على وجه الخصوص(٧).
وأما على وجه العموم ؛ فقد سبق بيان ذلك : بأن السابقين يطلقون النسخ على ما هو أعم مما عند الأصوليين والمتأخرين (٨).
(٢) أي ابن عباس. [انظر: الموافقات ٣/٣٤٥-٣٤٨].
(٣) سورة الأنفال : ٤١.
(٤) الأثر : أخرجه عن ابن عباس : أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ (ص٢١٧، ٢١٨)، برقم (٤٠٠)، وابن جرير في تفسيره (٦/١٧٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٦/٤٧٩، ٤٨٠) برقم (١٢٧١٨)، وذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ (ص١٤٣)، ومكي في الإيضاح (ص٢٩٥)، وابن العربي في الناسخ والمنسوخ ص١٧٨.
(٥) الموافقات ٣/٣٤٨.
(٦) سورة الأنفال : ٤١.
(٧) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس- تحقيق اللاحم- ٢/٣٧١، ٣٧٢.
(٨) انظر : ص٢١١، ٢١٢.
قال تعالى :﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا uچد.èŒ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا ôMu‹د=è؟ ِNخkِژn=tم آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ tbqè=ھ.uqtGtƒ ﴾ (١).
١١٣/٢ قال الشاطبي :" قال سبحانه :﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا uچد.èŒ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ ؛ فإن الوجل تأثر ولين يحصل في القلب بسبب الموعظة، فترى الجلد من أجل ذلك يقشعر، والعين تدمع، واللين إذا حل بالقلب - وهو باطن الإنسان -، وحلّ بالجلد بشهادة الله - وهو ظاهر الإنسان - ؛ فقد حلّ الانفعال بمجموع الإنسان، وذلك يقتضي السكون لا الحركة والانزعاج، والسكوت لا الصياح، وهي حالة السلف الأولين " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن الوجل تأثر ولين يحصل في القلب بسبب الموعظة، وذلك يقتضي السكون لا الحركة والانزعاج، والسكوت لا الصياح، وهي حالة السلف.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ نص عليه القرطبي (٣)، وابن تيمية (٤).
وهذا ظاهر كما فصّله الشاطبي في الاعتصام (٥).
(٢) الاعتصام ٢/١١٦.
(٣) انظر : الجامع لأحكام القرآن ٤/٧/٢٣٢، ٢٣٣.
(٤) مجموع الفتاوى ٧/١١٩-١٢١، ١١/٥٩٠، ٥٩١.
(٥) انظر : الاعتصام ٢/٨٩-١٢٤.
قال تعالى :﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ ے¼çnuچç/كٹ إِلَّا $]ùحhچystGمB لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ﴾
ّ¤خ/ur مژچإءpRùQ$# } (١).
١١٤/٣ قال الشاطبي :" وقال عطاء (٢) في قوله تعالى :﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ ے¼çnuچç/كٹ ﴾ : إنه منسوخ بقوله :﴿ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ tbrمژô³دم tbrمژة٩"|¹ (#qç٧د=َّtƒ مِائَتَيْنِ ﴾ (٣) إلى آخر الآيتين(٤)، وإنما هو تخصيص وبيان لقوله: ﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ ﴾ ؛ فكأنه على معنى : ومن يولهم وكانوا مثلي عدد المؤمنين ؛ فلا تعارض ولا نسخ بالإطلاق الأخير " (٥).
الدِّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن مراد عطاء بقوله : إن قوله تعالى :﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ ے¼çnuچç/كٹ ﴾ منسوخ بقوله :﴿ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ tbrمژô³دم tbrمژة٩"|¹ (#qç٧د=َّtƒ مِائَتَيْنِ ﴾ (٦) إنما هو تخصيص وبيان لقوله: ﴿ وَمَنْ ِNخgدj٩uqمƒ... ﴾ فكأنه على معنى : ومن يولهم وكانوا مِثْلَي عدد المؤمنين ؛ فلا تعارض، ولا نسخ بالإطلاق الأخير.
(٢) عطاء : هو الإمام مفتي الحرم أبو محمد عطاء بن أبي رَباح، واسم أبيه أسلم، القرشي مولاهم، المكي، سيد التابعين علماً وعملاً وإتقاناً في زمانه بمكة، توفي سنة ١١٤هـ على المشهور. [انظر: سير أعلام النبلاء ٥/٧٨-٨٨، التقريب ص٣٩١ ].
(٣) سورة الأنفال : ٦٥، ٦٦.
(٤) الأثر : أخرجه عن عطاء : ابن جرير في تفسيره (٦/٢٠١)، وذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ ص١٤٦، وابن العربي في الناسخ والمنسوخ ص١٨١، وانظر : الدر المنثور ٣/٣١٥.
(٥) الموافقات ٣/٣٥٥.
(٦) سورة الأنفال : ٦٥، ٦٦.
سورة التوبة
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمZtB#uن إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا (#qç/uچّ)tƒ y‰إfَ،yJّ٩$# tP#uچysّ٩$# بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ َOçFّے½z Z's#ّٹtم فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ ے¾د&ح#ôزsù إِنْ شَاءَ إِن اللَّهَ يOٹد=tو زOٹإ٦xm ﴾ (١).
١١٥/١ قال الشاطبي (٢) :" أن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يلتفت إلى ما يلقى هو والمسلمون في طريق ما طلب (٣) ؛ إذ لما امتنعوا صار مظنة للقتال، وهلاك من شاء الله من الفريقين، ودخول المشقة على المسلمين في الأنفس والأموال والأولاد، ولكنه - رضي الله عنه - لم يعتبر إلا إقامة الملَّة على حسب ما كانت قبل ؛ فكان ذلك أصلاً في أنه لا تعتبر العوارض الطارئة في إقامة الدين وشعائر الإسلام، نظير ما قال الله تعالى:
| ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا (#qç/uچّ)tƒ y‰إfَ،yJّ٩$# tP#uچysّ٩$# بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ َOçFّے½z Z's#ّٹtم فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ ے¾د&ح#ôزsù إِنْ شَاءَ | ﴾ الآية، فإن الله لم يعذرهم في ترك منع المشركين خوف العيلة ؛ فكذلك لم يَعُدَّ أبو بكر ما يلقى المسلمون من المشقة عُذراً يترك به المطالبة بإقامة شعائر الدِّين، حسبما كانت في زمان النبي - ﷺ - " (٤). |
(٢) أورده الشاطبي في سياق تقريره في بيان قتال أبي بكر - رضي الله عنه - لمانعي الزكاة. [انظر : الاعتصام ٣/٤٦١، ٤٦٢].
(٣) أي : في طريق طلب الزكاة من مانعيها، مع وجود المشقة.
(٤) الاعتصام ٣/٤٦٢، ٤٦٣.
قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#ûqمZtB#uن إِنَّ #[ژچدWں٢ مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ tA¨uqّBr& النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ Nèdِژإe³t٧sù بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ (١).
قال تعالى :﴿ انْفِرُوا $]ù$xے½z وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا ِNà٦د٩¨uqّBr'خ/ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ِNن٣د٩¨sŒ ضژِچyz لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (١).
١١٧/٣ قال الشاطبي (٢) :" فحيث قال الله تعالى :﴿ انْفِرُوا $]ù$xے½z وَثِقَالًا ﴾ ثم قال :﴿ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ (٣) ؛ كان هذا موضع شِدَّة؛ لأنه يقتضي أن لا رخصة أصلاً في التخلف، إلا أنه بمقتضى الأدلة على رفع الحرج محمول على أقصى الثقل في الأعمال المعتادة، بحيث يتأتى النَّفير ويمكن الخروج، وقد كان اجتمع في غزوة تبوك أمران : شِدَّة الحر، وبُعد الشُّقة، زائداً على مفارقة الظلال، واستدرار الفواكه والخيرات، وذلك كله زائد في مشقة الغزو زيادة ظاهرة، ولكنه غير مخرج لها عن المعتاد ؛ فلذلك لم يقع في ذلك رخصة ؛ فكذلك أشباهها، وقد قال تعالى :﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ٤س®Lxm نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ (٤) " (٥).
وقال - في موضع آخر - :" وقال (٦) في قوله :﴿ انْفِرُوا $]ù$xے½z وَثِقَالًا ﴾ : إنَّه
منسوخ بقوله :﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ﴾ (٧) (٨)،
(٢) أورده في سياق حديثه عن المشقة، وأنّ منها ما هو داخل في المعتاد، وإن ظُنَّ أنَّها خارجة عن المعتاد. [انظر: الموافقات ٢/٢٦٨-٢٧٢].
(٣) سورة التوبة : ٣٩.
(٤) سورة محمد : ٣١.
(٥) الموافقات ٢/٢٧٢.
(٦) أي : ابن عباس - رضي الله عنهما -. [انظر : الموافقات ٢/٣٤٥-٣٤٧].
(٧) سورة التوبة : ١٢٢.
(٨) الأثر : أخرجه ابن الجوزي في ناسخ القرآن ومنسوخه ص ٤٣٣.
وحكاه عنه : مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص ٣١٥، وابن العربي في النَّاسخ والمنسوخ ص ١٩٤.
والأثر ضعيف ؛ لأنه من طريق عطاء الخرساني عن ابن عباس، وعطاء لم يسمع من ابن عباس. [انظر : تهذيب التهذيب ٧/١٩٠-١٩٢] وقال عنه الداراني في تحقيقه لناسخ القرآن ومنسوخه لابن الجوزي ص٤٣٣ :" إسناده ضعيف جداً ".
قال تعالى :﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا ûسةi_دGّےs؟ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِن جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾ (١).
١١٨/٤ قال الشاطبي :" قد تقرَّر أن قصد الشارع من وضع الشرائع إخراج النفوس عن أهوائها وعوائدها، فلا تعتبر في شرعية الرخصة بالنسبة إلى كل من هَوِيَت نفسه أمراً، ألا ترى كيف ذمَّ الله تعالى من اعتذر بما يتعلق بأهواء النفوس ليترخص ؟ كقوله تعالى :﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا ûسةi_دGّےs؟ ﴾ الآية؛ لأن الجَدَّ بن قيس(٢) قال :" ائذن لي في التخلف عن الغزو ولا تَفْتِنِّي ببنات الأصفر؛ فإني لا أقدر على الصبر عنهنَّ " (٣)، وقوله :﴿ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي حhچutù:$# قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ #vچxm ﴾ (٤) الآية، ثم بيَّن العذر الصحيح في قوله تعالى :{ لَيْسَ عَلَى
(٢) الجَدّ بن قيس : هو أبو عبد الله الجَدّ بن قيس بن صخر الأنصاري السلمي، ابن عم البراء بن معرور، كان ممن يظن فيه النِّفاق، ساد في الجاهلية جميع بني سلمة، فانْتزع رسول الله - ﷺ - سؤدده، وهو ممن حضر الحديبية فلم يبايع، قيل : إنه تاب وحسنت توبته، وتوفي في خلافة عثمان. [انظر : أسد الغابة ١/٣٢٧، الإصابة ١/١/٢٣٨، ٢٣٩].
(٣) الأثر : أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٢/٢٧٥ برقم ٢١٥٤، و١٢/٩٥ برقم ١٢٦٥٤ من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/٣٠ :" رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه يحيى الحمّاني، وهو ضعيف ".
وانظر : جامع البيان ٦/٣٨٦، ٣٨٧، أسباب النّزول، تحقيق الحميدان ص ٢٤٧، ٢٤٨، أسباب النّزول، تحقيق زغلول ص ٢٥٢، الإصابة ١/١/٢٣٩، الدر المنثور ٣/٤٤٣-٤٤٥.
(٤) سورة التوبة : ٨١.
قال تعالى :﴿ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ (١).
١١٩/٥ قال الشاطبي :" وقال تعالى :﴿ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ﴾ ؛ أي : يسمع الحق والباطل، فردَّ الله عليهم فيما هو باطل، وأحق الحق؛ فقال: ﴿ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ ﴾ ﴿ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ ﴾ الآية.
ولما قصدوا الإذاية بذلك الكلام ؛ قال تعالى :﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن معنى قوله تعالى ﴿ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ﴾ ؛ أي : يسمع الحق والباطل.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسرين (٣).
قال ابن جرير - في الآية - :" يقول تعالى ذكره : ومن هؤلاء المنافقين جماعة يؤذون رسول الله - ﷺ - ويعيبونه، ويقولون : هو أذن سامعة، يسمع من كل أحد ما يقول؛ فيقبله ويصدقه"(٤).
وقال النسفي :" الأذن : الرجل الذي يصدق كل ما يسمع، ويقبل قول كل أحد"(٥).
(٢) الموافقات ٤/١٦٤، ١٦٥.
(٣) انظر : جامع البيان ٦/٤٠٥، بحر العلوم ٢/٥٨، النكت والعيون ٢/٣٧٧، معالم التنْزيل ٤/٦٧، الكشاف ٢/١٥٩، زاد المسير ٣/٣٤٧، الجامع لأحكام القرآن ٤/٨/١٢٢، مدارك التنْزيل ١/٥٠٤، التسهيل ١/٣٦٢، البحر المحيط ٥/٦٤، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/٣٨٠، أنوار التنْزيل ١/٤١٠، فتح القدير ٢/٣٧٥، محاسن التأويل ٤/١٥٧.
(٤) جامع البيان ٦/٤٠٥.
(٥) مدارك التنْزيل ١/٥٠٤.
قال تعالى :﴿ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ #Xچّےà٢ وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا tAu"Rr& اللَّهُ عَلَى ¾د&د!qك™u' وَاللَّهُ يOٹد=tو ×Lىإ٣xm (٩٧) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ $YBuچَّtB كب/uژyItƒur بِكُمُ uچح !#ur¤$!$# عَلَيْهِمْ نouچح !#yٹ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ زOٹد=tو ﴾ (١).
١٢٠/٦ قال الشاطبي :" وقال (٢) في قوله :﴿ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ #Xچّےà٢ وَنِفَاقًا ﴾ وقوله :﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ $YBuچَّtB ﴾ : إنه منسوخ بقوله :﴿ وَمِنَ ة>#uچôمF{$# مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ حچ½zFy$#... ﴾ (٣) الآية (٤)، وهذا من الأخبار التي لا يصح نسخها، والمقصود أن عموم الأعراب مخصوص فيمن كفر دون من آمن " (٥).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قول عبد الملك بن حبيب : إن قوله تعالى :﴿ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ #Xچّےà٢ وَنِفَاقًا ﴾ وقوله :﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ $YBuچَّtB ﴾ منسوخ بقوله :﴿ وَمِنَ ة>#uچôمF{$# مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ حچ½zFy$#... ﴾ (٦) الآية ؛ بأن مراده بالنسخ ليس هو النسخ باصطلاح الأصوليين والمتأخرين (٧) ؛ لأن الآيتين من الأخبار التي لا تنسخ، وإنما المقصود أن عموم الأعراب مخصوص فيمن كفر دون من آمن.
(٢) أي : عبد الملك بن حبيب.
(٣) سورة التوبة : ٩٩.
(٤) حكاه عن عبد الملك بن حبيب : مكي في الإيضاح ص ٣١٨، وابن العربي في الناسخ والمنسوخ ص ٢٠٢.
(٥) الموافقات ٣/٣٥٩، ٣٦٠.
(٦) سورة التوبة : ٩٩.
(٧) انظر : ص٢١١، ٢١٢.
قال تعالى :﴿ وَإِذَا مَا ôMs٩ح"Ré& سُورَةٌ uچsà¯R بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ Nà٦١uچtƒ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ (#qèùuچ|ءR$# t$uژ|ہ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ِNهk®Xr'خ/ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ (١).
١٢١/٧ قال الشاطبي :" وقال تعالى - في المنافقين - :﴿ َOçFR{ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ﴾ (٢) وهذا عدم فقه منهم ؛ لأن من علم أن الله هو الذي بيده ملكوت كل شيء، وأنه هو مصرف الأمور ؛ فهو الفقيه، ولذلك قال تعالى :﴿ y٧د٩¨sŒ ِNهk®Xr'خ/ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ (٣).
وكذلك قوله تعالى :﴿ t$uژ|ہ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ِNهk®Xr'خ/ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ ؛ لأنهم نظر بعضهم إلى بعض : هل يراكم من أحد ؟ ثم انصرفوا.
فاعلم أن الله تعالى إذا نفى الفقه أو العلم عن قوم ؛ فذلك لوقوفهم مع ظاهر الأمر، وعدم اعتبارهم للمراد منه، وإذا أثبت ذلك؛ فهو لفهمهم مراد الله من خطابه"(٤).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن الله نفى الفقه والعلم عن هؤلاء المنافقين في قوله تعالى :﴿ t$uژ|ہ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ِNهk®Xr'خ/ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ وغيرها من الآيات ؛ لكونهم نظروا إلى ظاهر الأمر، ولم يتدبروا المراد منه.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه كثير من المفسرين (٥).
(٢) سورة الحشر : ١٣.
(٣) سورة الحشر : ١٣.
(٤) الموافقات ٤/٢١٣، ٢١٤.
(٥) انظر : جامع البيان ٦/٥٢١، بحر العلوم ٢/٨٥، الكشاف ٢/١٧٩، المحرر الوجيز ٣/١٠٠، مدارك التنْزيل ١/٥٢٦، البحر المحيط ٥/١٢٠، بدائع التفسير ٢/٣٨٨-٣٩٠، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/٤١٨، أنوار التنْزيل ١/٤٢٦، فتح القدير ٢/٤١٨، محاسن التأويل ٤/٢٢٩، تيسير الكريم الرحمن ٣/٣١٨.
سورة يونس
قال تعالى :﴿ (((( ((( ((((((((((( ((((( ((((((((((( (((((((((( ((((( (((((((( ((((((((( ((((((((((((( ((((( (((((((( (((((((( (((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((( ((((((((( ((((( ((((((((( (((((((( (((((((((((((( (((( (((((( (((((( ((((((((( ﴾ (١).
١٢٢/١ قال الشاطبي :" والثامن (٢) : أن يقع الخلاف في تنْزيل المعنى الواحد ؛ فيحمله قوم على المجاز - مثلاً - وقوم على الحقيقة، والمطلوب أمر واحد؛ كما يقع لأرباب التفسير كثيراً في نحو قوله :﴿ (((((((( (((((((( (((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((( ((((((((( ﴾ ؛ فمنهم من يحمل الحياة والموت على حقائقهما(٣)، ومنهم مَن يحملهما على المجاز (٤)، ولا فرق في تحصيل المعنى بينهما " (٥).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ (((((((( (((((((( (((( ((((((((((( (((((((((( ((((((((((( (((( ((((((((( ﴾،
من العلماء مَن يحمل الحياة والموت على حقائقهما، ومنهم من يحملهما على المجاز، وأنه لا فرق في تحصيل المعنى بينهما.
(٢) أي : الثامن : من أسباب نقل الخلاف فيما كان ظاهره الخلاف وليس في الحقيقة كذلك. [انظر : الموافقات ٥/٢١٠-٢١٥].
(٣) قال مجاهد - في الآية - :" الناس الأحياء من النُّطَف، والنُّطَف ميتة، ويخرجها من الناس الأحياء والأنعام ". [جامع البيان ٣/٢٢٣].
وصحح إسناده حكمت بشير ياسين في التفسير الصحيح ١/٤٠٨.
(٤) قال الحسن - في الآية - :" يعني المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، والمؤمن عبد حي الفؤاد، والكافر عبد ميت الفؤاد ". [جامع البيان ٣/٢٢٥].
وصحح إسناده حكمت بشير ياسين في التفسير الصحيح ١/٤٠٨.
(٥) الموافقات ٥/٢١٥.
سورة هود
قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ 'دoTخ) لَكُمْ نَذِيرٌ êْüخ٧-B ﴾ (١).
١٢٣/١ قال الشاطبي :" وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ 'دoTخ) لَكُمْ نَذِيرٌ êْüخ٧-B ﴾ على قراءة الفتح(٢)؛ أي: بأني لكم نذير مبين"(٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ 'دoTخ) لَكُمْ نَذِيرٌ êْüخ٧-B ﴾ على قراءة فتح همزة أني ؛ معناه: بأني لكم نذير مبين.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه عامة المفسرين(٤).
(٢) قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ 'دoTخ) لَكُمْ نَذِيرٌ êْüخ٧-B ﴾ فيه قراءتان سبعيتان:
الأولى: بفتح همزة (أني) وقرأ بها ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي، وهي التي ذكرها الشاطبي.
الثانية: بكسرة همزة "إني" وقرأ بها نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة. [انظر: التذكرة في القراءات ص٣٠٠، الكشف عن وجوه القراءات السبع ١/٥٢٥، التيسير ص١٠١، النشر في القراءات العشر ٢/٢١٦، إتحاف فضلاء البشر ٢/١٢٣، ١٢٤].
(٣) المقاصد الشافية ١/١٤٧.
(٤) انظر : جامع البيان ٧/٢٧، إعراب القرآن ٢/٢٧٨، ٢٧٩، التذكرة في القرآن ص٣٠٠، الكشف والبيان ٥/١٦٥، الكشف عن وجوه القراءات ١/٥٢٥، الوسيط ٢/٥٧٠، معالم التنْزيل ٤/١٧٠، الكشاف ٢/٢١٢، المحرر الوجيز ٣/١٦٢، الموضِّح في وجوه القراءات ٢/٦٤٢، زاد المسير ٤/٧٣، التفسير الكبير ٩/١٧/١٦٨، إملاء ما مَن الرحمن ص٢٩١، مدارك التنْزيل ١/٥٦٤، البحر المحيط ٥/٢١٤، أنوار التنْزيل ١/٤٥٤، تفسير الجلالين ٢/٣٤٠، إتحاف فضلاء البشر ٢/١٢٣، ١٢٤، فتح القدير ٢/٤٩٣، روح المعاني ٦/٢٣٦، محاسن التأويل ٤/٢٩٨.
قال تعالى :﴿ قَالَ دQِqs)"tƒ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى ٧psYةi t/ مِنْ 'دn١' سة_s%y-u'ur مِنْهُ رِزْقًا $YZ|،xm وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ àMù=ھ.uqs؟ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ (١).
١٢٤/٢ قال الشاطبي :" وقوله :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ ؛ فبيَّنت الآية أن مخالفة القول الفعل تقتضي كذب القول " (٢).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن قوله تعالى :﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ بيَّن أن مخالفة القول الفعل تقتضي كذب القول.
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ظاهر، إذ الفعل دليل على صدق القول.
ويدل عليه قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ $¹Fّ)tB عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ (٣).
قال رشيد رضا :" ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ ؛ أي : وإنني على بينتي ونعمتي ما أريد أن أخالفكم في ذلك مائلاً عنه، مؤثراً لنفسي عليكم، بل أنا مستمسك به قبلكم، وأصل المخالفة ؛ أن يأخذ كل واحد طريقاً غير طريق الآخر في قوله أو فعله أو حاله " (٤).
وقال الشنقيطي :" ويُفهم من هذه الآية الكريمة : أن الإنسان يجب عليه أن يكون منتهياً عمّا ينهى عنه غيره، مؤتمراً بما يأمر به غيره " (٥).
(٢) الموافقات ٥/٢٦٩، ٢٧٠.
(٣) سورة الصف : ٢، ٣.
(٤) تفسير القرآن الحكيم ١٢/١٤٤.
(٥) أضواء البيان ٣/٤٦.
قال تعالى :﴿ وَلَوْ شَاءَ y٧ڑ/u' لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً Zoy‰دn¨ur وَلَا tbqن٩#u"tƒ ڑْüدےد=tGّƒèرحمه الله (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ y٧ڑ/u' y٧د٩¨s%د!ur خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ èpyJد=x. رَبِّكَ ¨bV|ّB{ جَهَنَّمَ مِنَ دp¨Yإfّ٩$# وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ (١).
١٢٥/٣ قال الشاطبي :" قال الله تعالى :﴿ وَلَوْ شَاءَ y٧ڑ/u' لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً Zoy‰دn¨ur وَلَا tbqن٩#u"tƒ ڑْüدےد=tGّƒèرحمه الله (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ y٧ڑ/u' y٧د٩¨s%د!ur خَلَقَهُمْ ﴾ ؛ فأخبر سبحانه أنهم لا يزالون مختلفين أبداً، مع أنه لو أراد أن يجعلهم متَّفقين ؛ لكان قادراً على ذلك، لكن سبق العلم القديم أنه إنما خلقهم للاختلاف، وهو قول جماعة من المفسرين في الآية.
وأن قوله :﴿ y٧د٩¨s%د!ur خَلَقَهُمْ ﴾ ؛ معناه : وللاختلاف خلقهم، وهو مروي عن مالك بن أنس، قال :" خلقهم ليكونوا فريقاً في الجنة وفريقاً في السعير " (٢)، ونحوه عن الحسن (٣).
والضَّمير في ﴿ خَلَقَهُمْ ﴾ عائد على الناس، فلا يمكن أن يقع منهم إلا ما سبق به العلم.
وليس المراد ههنا الاختلاف في الصور ؛ كالحسن والقبيح، والطويل والقصير، ولا في الألوان ؛ كالأحمر والأسود، ولا في أصل الخِلقَة ؛ كالتَّام الخَلْق، والنَّاقص
الخَلْق، والأعمى والبصير، والأصم والسميع، ولا في الخُلُق ؛ كالشجاع والجبان، والجواد والبخيل، ولا فيما أشبه ذلك من الأوصاف التي هم مختلفون فيها.
(٢) الأثر : أخرجه عن مالك بن أنس : ابن جرير في تفسيره ٧/١٤٠.
(٣) الأثر : أخرجه عن الحسن : ابن جرير في تفسيره ٧/١٤٠.
سورة يوسف
نزول سورة يوسف
١٢٦/١ قال الشاطبي :" وروي أن أصحاب النبي - ﷺ - ملُّوا مَلَّة، فقالوا: يا رسول الله، حدثنا، فأنزل الله تعالى :﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ د]ƒد‰utù:$# كِتَابًا $Ygخ٦"t±tF-B... ﴾ (١) الآية.
وهو كالنَّص في الرَّد عليهم فيما سألوا، وأنه لا ينبغي السؤال إلا فيما يفيد في التعبد لله، ثم ملُّوا مَلَّة، فقالوا : حدثنا حديثاً فوق الحديث ودون القرآن ؛ فنَزلت سورة يوسف (٢) " (٣).
(٢) الحديث : أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن، ص ٢٢، برقم ١٣، وابن جرير في تفسيره ٧/١٤٧، عن عون بن عبد الله بنحوه، وذكره الواحدي في أسباب النّزول، ص ٢٧٠ عن عون بن عبد الله بلا إسناد، قال عنه الحميدان في تحقيقه لأسباب النّزول ص ٢٧٠ :" أخرجه ابن جرير عنه بإسناد ضعيف ".
وأخرجه ابن جرير في تفسيره ٧/١٤٨، والواحدي في أسباب النّزول ص ٢٦٩، والحاكم في المستدرك ٢/٢٧٦، برقم ٣٣١٩، عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - بلفظ :" أنزل على النبي - ﷺ - القرآن، قال : فتلاه عليهم زماناً، فقالوا : يا رسول الله، لو قصصت علينا فنَزلت :﴿ الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا çm"sYّ٩u"Rr& $¸R¨uنِچè% $wٹخ/uچtم لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾، قال : ثم تلاه عليهم زماناً، فقالوا : يا رسول الله، لو حدثتنا، فأنزل الله :﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ د]ƒد‰utù:$# ﴾ ".
والحديث : صححه الحاكم، ووافقه الذهبي. [انظر : المستدرك ٢/٣٧٦]، وحسنه ابن تيمية في مجموع الفتاوى ١٧/٤٠، وابن حجر في المطالب العالية ١٤/٧٣٩، وصححه الوادعي في الصحيح المسند، ص١٣٦.
(٣) الموافقات ١/٥٠.
قال تعالى :﴿ فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ ِNèdمژچخ٧ں٢ أَلَمْ (#ûqكJn=÷ès؟ أَن أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ yyuچِ/r& الْأَرْضَ ٤س®Lxm يَأْذَنَ لِي 'د١r& أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ مژِچyz tûüدJإ٣"utù:$# ﴾ (١).
قال تعالى :﴿ وَمَا مژnYٍ٢r& النَّاسِ وَلَوْ |Mô¹uچxm بِمُؤْمِنِينَ ﴾ (١).
١٢٨/٣ قال الشاطبي :" سُنَّة الله في الخلق ؛ أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل ؛ لقوله تعالى :﴿ وَمَا مژnYٍ٢r& النَّاسِ وَلَوْ |Mô¹uچxm بِمُؤْمِنِينَ ﴾، وقوله تعالى :﴿ ×@‹د=s%ur مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ (٢) " (٣).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن سُنَّة الله في الخلق : أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل ؛ لقوله تعالى :﴿ وَمَا مژnYٍ٢r& النَّاسِ وَلَوْ |Mô¹uچxm بِمُؤْمِنِينَ ﴾، وقوله تعالى :﴿ ×@‹د=s%ur مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ (٤).
وما ذهب إليه الشاطبي ؛ ذهب إليه كثير من المفسرين (٥)، ولم أجد مخالفاً.
وهو ما تدل عليه النصوص الشرعية، كما ذكرها الشاطبي، ومنها - أيضاً - :
قوله تعالى :﴿ وَلَكِنَّ uژnYٍ٢r& النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ (٦).
وقوله تعالى :﴿ وَإِنْ تُطِعْ uژnYٍ٢r& مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ (٧).
قال ابن جزي :" ﴿ وَمَا مژnYٍ٢r& النَّاسِ ﴾ عموم ؛ لأن الكفار أكثر من المؤمنين " (٨).
وقال أبو بكر الجزائري - في فوائد الآية - :" بيان حكم الله في الناس وهو أن أكثرهم لا يؤمنون، فلا يحزن الداعي ولا يكرب " (٩).
(٢) سورة سبأ : ١٣.
(٣) الاعتصام ١/١٢.
(٤) سورة سبأ : ١٣.
(٥) انظر : جامع البيان ٧/٣١١، بحر العلوم ٢/١٧٨، ١٧٩، معالم التنْزيل ٤/٢٨٢، الكشاف ٢/٢٧٧، المحرر الوجيز ٣/٢٨٤، زاد المسير ٤/٢٢٦، مدارك التنْزيل ١/٦٢٦، التسهيل ١/٤٢٧، البحر المحيط ٥/٣٤٤، تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/٥١١، فتح القدير ٣/٥٨، محاسن التأويل ٤/٤٠٢، أيسر التفاسير ٢/٦٥١.
(٦) سورة هود : ١٧.
(٧) سورة الأنعام : ١١٦.
(٨) التسهيل ١/٤٢٧.
(٩) أيسر التفاسير ٢/٦٥١.
سورة الرَّعد
قال تعالى :﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ مA$t٦إfّ٩$# أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٤'sAِqyJّ٩$# بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ (#ûqمZtB#uن أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا مA#u"tƒ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا (#qمèsY|¹ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ $Y٧ƒحچs% مِنْ دَارِهِمْ ٤س®Lxm z'دAù'tƒ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا ك#د=ّƒن† الْمِيعَادَ ﴾ (١).
١٢٩/١ قال الشاطبي :" والثالث (٢) : أن يذكر أحد الأقوال على تفسير اللغة، ويذكر الآخر على التفسير المعنوي، وفرق بين تقرير الإعراب وتفسير المعنى، وهما معاً يرجعان إلى حكم واحد ؛ لأن النظر اللغوي راجع إلى تقرير أصل الوضع، والآخر راجع إلى تقرير المعنى في الاستعمال، كما قالوا في قوله تعالى :﴿ وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ﴾ (٣) ؛ أي : المسافرين، وقيل : النازلين بالأرض القواء وهي القفر، وكذلك قوله :﴿ تُصِيبُهُمْ بِمَا (#qمèsY|¹ قَارِعَةٌ ﴾ ؛ أي : داهية تفجؤهم، وقيل : سَرِيَّة من سرايا رسول الله - ﷺ -، وأشباه ذلك " (٤).
الدّراسة :
ذهب الشاطبي إلى أن تفسير قوله تعالى :﴿ تُصِيبُهُمْ بِمَا (#qمèsY|¹ قَارِعَةٌ ﴾ بمعنى داهية تفجؤهم،
وقيل: سَرِيَّة من سرايا رسول الله - ﷺ - ؛ بأن هذين التفسيرين يرجعان إلى حكم واحد، فلا خلاف بينهما ؛ لأن الأول من باب التفسير اللغوي، والثاني من باب التفسير المعنوي أو الاستعمالي.
(٢) الثالث : أي : الثالث من أسباب نقل الخلاف في التفسير - فيما ظاهره الخلاف، وليس في الحقيقة كذلك - [انظر : الموافقات ٥/٢١٠-٢١٢].
(٣) سورة الواقعة : ٧٣.
(٤) الموافقات ٥/٢١٢.
سورة إبراهيم
قال تعالى :﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ ِNن٣¯Ry‰ƒخ-{ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ 'د١#x‹tم لَشَدِيدٌ ﴾ (١).
١٣٠/١ قال الشاطبي :" وقال :﴿ لَئِنْ