" فواصل القرآن الكريم "
لفضيلة الشيخ عبد الفتاح القاضي
من أساليب القرآن الممتعة، وتراكيبه الرصينة المبدعة فواصله (رؤوس آياته) والفواصل: جمع فاصلة، والفاصلة في القرآن: هي آخر كلمة في الآية، وهي بمثابة السجعة في النثر، وبمنزلة القافية في النظم، وسميت فاصلة لأنها فصلت بين الآيتين، والآية التي هي رأسها، والآية التي بعدها، ولعل هذه التسمية أخذت من قوله تبارك وتعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ آية ٢ من سورة هود، وقوله جلّ ذكره ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ آية ٣ من سورة فصلت.
ولمعرفة فواصل القرآن الكريم ورؤوس آية طريقان:
الطريق الأول: توقيفي سماعي ثابت من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وسماع الصحابة لها، كفواصل سورة الفاتحة؛ فقد روى أبو داود وغيره عن أم سلمة زوج النبي ﷺ "أن رسول الله ﷺ كان يقطع قراءته آية آية، يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" ثم يقف ثم يقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، ثم يقف، ثم يقول: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، ثم يقف، ثم يقول: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، ثم يقف، ثم يقول: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، ثم يقف، ثم يقول: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، ثم يقف، ثم يقول: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾"، وإنما وقف ﷺ على هذه الكلمات: الرحيم، العالمين، الرحيم، الدين، نستعين، المستقيم، الضالين؛ ليعلم الصحابة أنّ كل كلمة من هذه الكلمات فاصلة، ورأس آية، يصح الوقوف عليها اختيارا.. وهكذا كل ما ثبت أنه ﷺ كان يقف عليه في قراءته دائما نتحقق أنه فاصلة، ورأس آية، ويصح أن نقف عليه حال الاختيار.


الصفحة التالية
Icon