المقدمة
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان.
والصلاة والسلام على الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أما بعد
فقد تكفل الله بتفسيرالقرآن ولم يدع ذلك لإنسان إلامن كان مرسلا وبوحي الله مفسرا. قَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: ١٩]
و قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٠٥]
و قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٤٤]
و قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل: ٦٤]
وقد بلغ النبي ﷺ تفسير القرآن ولم يدع ذلك لإنسان.
عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسولُ ﷺ (قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ) رواه أحمد (١) حديث صحيح لذاته.
فإن اتبع الإنسان الوحي في تفسير القرآن فلن يضل أبداً. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ [سورة طه: ١٢٣]
وعن جابر رضي الله عنه قال سمعت: رسول الله ﷺ يقول (وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ) رواه مسلم (٢)
وَعَنْ أَبِي هريرةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ) أخرجه مالك (٣) مرسلا والحاكم مسندا وصححه.
وإن اتبع الشيطان ضل. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ {٣﴾ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج: ٣ – ٤]
وإن اتبع العقل ضل. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ {٨﴾ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: ٨ – ٩]
و قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ [ص: ٢٦]
وإن اتبع الرأي ضل. قَالَ تَعَالَى: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ
(٢) - صحيح مسلم رقم ٢١٣٧ (ج ٦ / ص ٢٤٥) باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم
(٣) -موطأ مالك رقم ١٣٩٥ (ج ٥ / ص ٣٧١)