قوله عزّ وَجَلَّ :﴿ مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـاذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ﴾ ؛ معناهُ : مَثَلُ ما ينفقُ اليهودُ في اليهوديَّة على رؤسائِهم وعلمَائهم، وما ينفقُ أهلُ الأوثانِ على أصنامِهم في تظاهُرهم على النبيِّ ﷺ وإهلاكِهم مالَ أنفسِهم ﴿ كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا ﴾ بَرْدٌ شَدِيْدٌ. ويقال : الصِّرُّ : صَوْتُ لَهَب النَّار الَّتِي تُحْرِقُ الزَّرْعَ، وقيل : الصَّرُّ : ريحٌ فيها صوتٌ ونارٌ.
قوله تعالى :﴿ أصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ﴾ أي زرعَ قومٍ ظَلَمُوا ﴿ أَنْفُسَهُمْ ﴾ بالكفرِ والمعصيةِ. ومنعِ حقِّ اللهِ عليهم ﴿ فَأَهْلَكَتْهُ ﴾ أي أحْرَقَتْهُ الريحُ فلم ينتفعوا منهُ بشيءٍ في الدُّنيا، كذلك مَن ينفقُ في غيرِ طاعَة الله لا ينتفعُ بنفقتهِ في الآخرَة، كما لا ينتفعُ صاحبُ هذا الزَّرعِ مِن زَرْعِهِ في الدُّنيا. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ ﴾ ؛ بإهلاكِ زَرْعِهِمْ ؛ ﴿ وَلَـاكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ ؛ بمَنْعِ حقِّ الله فيه وكفرِهم ومعصيتهم.