قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ ﴾ عطفٌ على (غُرُوراً) ؛ أي يُوحِي بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقُوْلِ الغُرُور، وَلِتَمِيْلَ إليه أفئدةُ الذين لا يُقِرُّونَ بالبعثِ، ولكن يَرْضُوا القولَ الزخرف ويَكْتَسِبُونَ من الإثْمِ ؛ وهو ما قُضِيَ عليهم في اللَّوحِ الْمَحْفُوظِ، يقالُ : اقْتَرَفَ فُلاَنٌ ذنْباً ؛ إذا عَمِلَهُ. وَقِيْلَ : معنى (لِيَقْتَرِفُوا) أي لِيَخْتَلِقُوا وَيَكْذِبُوا. وقرأ النخعيُّ :(وَلِتُصْغِيَ) بضمِّ التاءِ وكسرِ الغين ؛ أي تَمِيْلُ، الإصْغَاءُ : الإمَالَةُ ؛ ومنهُ الحديث :" إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يُصْغِي الإِنَاءَ لِِلْهِرَّةِ ".
والأفْئِدَةُ : جمعُ فُؤَادٍ ؛ مثلُ أغْرِبَةٍ وَغُرَابٍ. ﴿ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ﴾ أي فَلْيَكْتَسِبُوا ما هم مُكْتَسِبُونَ. وقال ابنُ زيدٍ :(وَلِيَعْمَلُوا مَا هُمْ عَامِلُونَ). يقال : اقْتَرَفَ فُلاَنٌ مَالاً ؛ أي اكْتَسَبَهُ، وقَارَفْتُ الأمْرَ : أي وَاقَعْتُهُ ؛ قالَ الله تعالى :﴿ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً ﴾[الشورى : ٢٣]. ومَن قرأ :(وَلْيَرْضَوْهُ وَلْيَقْتَرِفُوا) بجزمِ اللام على لفظِ الأمرِ، فمعناهُ : التهديدُ ؛ أي اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ.


الصفحة التالية
Icon