قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ ؛ قال ابنُ عَبَّاس : في قوله :﴿ المص ﴾ :(مَعْنَاهُ : أنَا اللهُ أعْلَمُ وأَفصِّلُ). وَقِيٍْلَ : اللاَّمُ افتتاح اسْمهِ : لَطِيْفٌ ؛ والميمُ افتتاح اسْمِهِ : مَجِيْدٌ وَمَالِكٌ ؛ والصادُ افتتاح اسْمِه : صَمَدٌ وصَادِقُ الوَعْدِ وصَانِعُ الْمَصْنُوعَاتِ.
وَقِيْلَ : هي حرفُ اسمِ الله الأعظم. وَقِيْلَ : هي حروفٌ تحوي معانٍ كثيرة. وموضعهُ رَفْعٌ بالابتداء، و ﴿ كِتَابٌ ﴾ خبرُه ؛ كأنه قالَ : المص حروفُ كتابٍ أُنزِلَ إلَيْكَ. وَقِيْلَ :﴿ كِتَابٌ ﴾ خبرُ مبتدأ مضمرٍ ؛ أي هَذا كتابٌ. وَقِيْلُ : رُفِعَ على التقديم والتأخير ؛ يعني : أُنزِلَ إلَيْكَ كِتَابٌ ؛ وهو القُرْآنُ.
قَوْلُهُ :﴿ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ ﴾ أي فلا يَقَعْ في نفسِكَ شَكٍّ منه ؛ خاطبَ به النبيَّ ﷺ وعنَى به الْخَلْقَ كلَّهم ؛ أي لا تَرْتَابُوا وتَشُكُّوا. ويقال : الْحَرَجُ : الضِّيقُ ؛ أي لا يَضِيْقُ صدرُكَ من تأديَة ما أُرْسِلْتَ به، ولا تَخَافَنَّ من إبلاغِ الرِّسالة، فإنكَ في أمَانِ اللهِ ؛ واللهُ يعصِمُكَ من الناسِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لِتُنذِرَ ﴾ أي أُنْزِلَ إليكَ لِتُخَوِّفَ ﴿ بِهِ ﴾ بالقُرْآنِ أهلَ مكة. ﴿ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ أي وليكونَ عِظَةَّ لِمن اتَّبَعَكَ.