﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ﴾ ؛ اختلَفُوا في القسَمِ الذي في أوَّلِ هذه السُّورة، وقال بعضُهم - وهو الأظهر - : أنَّ النجمَ اسمُ جنسٍ أُريدَ به النُّجومَ كلَّها إذا هَوَتْ للأُفُولِ.
فائدةُ القسَمِ بها ما فيها من الدلالةِ على وحدانيَّة اللهِ تعالى ؛ لأنه لا يَملِكُ طُلوعَها وغروبَها إلاَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فالقسَمُ قسَمٌ بربَها. وجوابُ القسَمِ :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ يعني النبيَّ ﷺ ؛ أي ما ضلَّ عن طريقِ الْهُدَى وعن الصَّواب فيما يُؤَدِّيهِ عنِ الله تعالى.
وعن مجاهد :(أنَّهُ أرَادَ بالنَّجْمِ الثُّرَيَّا إذا سَقَطَتْ وَغَابَتْ)، والعربُ تُسمِّي الثُّريا نَجماً وإنْ كانت في العددِ نُجوماً، قال أبو بكرٍ الدينوري :(هِيَ سَبْعَةُ أنْجُمٍ، فَسِتَّةٌ ظَاهِرَةٌ، وَوَاحِدٌ مِنْهَا خَفِيٌّ يَمْتَحِنُ النَّاسُ فِيْهِ أبْصَارَهُمْ).
وقال الضحَّاك :(مَعْنَاهُ : وَالْقُرْآنُ إذا نَزَلَ ثَلاَثَ آيَاتٍ أوْ أرْبَعَ آيَاتٍ وَسُورَةً، كَانَ أوَّلُ الْقُرْآنِ وَآخِرَهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرِينَ سَنَةً، أقْسَمَ اللهُ بالْقُرْآنِ إذْ نَزَلَ نُجُوماً مُتَفَرِّقَةً عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم).
وذلك : أنَّ كُفَّارَ مكَّة قالوا : إنَّ مُحَمَّداً يقولُ القرآنَ من تَلقاءِ نفسهِ، فأقسمَ اللهُ بالقرآن ونزولهِ نَجْماً بعد نجمٍ، أنَّ مُحَمَّداً لم ينطِقُ إلاَّ عن وحيٍ يُوحَى، وإنه لم ينطِقْ به من هوَى نفسهِ.


الصفحة التالية
Icon