﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ ؛ اختلفَ المفسِّرون في سبب نُزول هذه السُّورة فروي عن ابنِ عبَّاس :((أنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبيِّ ﷺ : صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي تَدْعُونَا إلَيْهِ)). وعن مقاتلٍ :((أنَّ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيِّ قَالَ لِلنَّبيِّ ﷺ : إنْعَتْ لَنَا رَبَّكَ مِنْ ذهَبٍ هُوَ أمْ مِنْ فِضَّةٍ أمْ مِنْ نُحَاسٍ أمْ مِنْ حَدِيدٍ أمْ مِنْ صُفْرٍ، فَإنَّ آلِهَتَنَا مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ؟! قَالَ : بَيِّنْ لَنَا أيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ؟! وَكَيْفَ هُوَ ؟ فَشُقَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ السُّورَةَ)).
وعن سعيدِ بنْ جُبير :((أنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ : يَا أبَا الْقَاسِمِ إنَّكَ أخْبَرْتَنَا أنَّ اللهَ خَلَقَ السَّمَاءَ مِنْ دُخَانٍ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارجٍ مِنْ نَارٍ وَخَلَقَ آدَمَ مِنْ طِينٍ، فَأَخْبرْنَا عَنْ رَبكَ مِمَّ خَلْقُهُ؟!)). ورُوي أنَّهم قالوا : إنَّ هَذا الْخَلْقَ خَلْقُ اللهِ فَمَنْ خَلَقَهُ ؟ فَغَضِبَ النَّبيُّ ﷺ حَتَّى جَعَلَ لَحْمَهُ يَرْبُو عَلَيْهِ وَحَتَّى هَمَّ أنْ يُبَاسِطَهُمْ، فأَوْحَى إلَيْهِ جِبْرِيلُ : أنِ اسْكُنْ، وَأنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةَ.
وقال ابنُ كَيسَانُ :((قَالَتِ الْيَهُودُ : صِفْ لَنَا رَبَّكَ، فَإنَّهُ قَدْ نَزَلَ نَعْتُهُ فِي التَّوْرَاةِ، فَمَا طُولُهُ وَمَا عَرْضُهُ ؟ فَارْتَعَدَ النَّبيُّ ﷺ وَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَجَعَلَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَمْسَحُ الدُّمُوعَ عَنْ وَجْنَتَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ السُّورَةَ جَوَاباً لَهُمْ تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً)).
والمعنَى : قُل لهم يا مُحَمَّدُ : الذي سأَلتُم عن تَبيين نسَبهِ هو اللهُ، وهذا الاسمُ معروفٌ عند جميعِ أهل الأديانِ والمللِ، كما قال تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾[الزخرف : ٨٧]. والأحَدُ والواحدُ في اللغةِ بمعنى واحد، وقال ثعلبُ :((وَاحِدٌ وَأحَدٌ وَفَرْدٌ سَوَاءٌ)).