أما قوله ﴿أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السُّفَهَآءُ أَلا إنهَّمْ هُمُ السُّفهآءُ﴾ فقد قرأهما قوم مهموزتين جميعا، وقالوا ﴿سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ﴾ [و] ﴿وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ﴾ وقالوا (أإِذا) ﴿أَإِنّا﴾ كل هذا يهمزون فيه همزتين، وكل هذا ليس من كلام العرب الا شاذا. ولكن اذا اجتمعت همزتان شتى ليس بينهما شيء فان احداهما. تخفف في جميع كلام العرب الا في هذه اللغة الشاذة القليلة وذلك انه اذا اجتمعت همزتان في كلمة واحدة أبدلوا الآخرة منهما أبدا فجعلوها ان كان ما قبلها مفتوحاً الفا ساكنة نحو "آدم" و "آخر" [٢٠ء] و "آمن" وإن كان ما قبلها مضموما جعلت واوا نحو "أُوْزُزْ" اذا أمرته ان يَؤُز وان كان ما قبلها مكسورا جعلت ياء نحو "إِيْتِ" وكذلك إنْ كانت الآخرة متحركة بأي حركة كانت والأُولى مضمومة او مكسورة فالآخرة تتبع الأولى نحو "أن أفعل" من "أَأَب" [ف] تقول "أُووب". ونحو "جاءَ في الرفع والنصب والجر. فاما المفتوحة فلا تتبعها الآخرة اذا كانت متحركة لأنها لو تبعتها جعلت همزة مثلها. ولكن تكون على موضعها، فان كانت مكسورة جعلت ياء، وان كانت مضمومة جعلت واوا، وان كانت مفتوحة جعلت ايضاً واوا لان الفتحة تشبه الالف. وأنت إذا احتجت الى حركتها جعلتها واوا ما لم يكن لها اصل في الياء معروف فهذه الفتحة ليس لها اصل في الياء فجعلت الغالب عليها الواو نحو "آدم" و "أوادم". فلذلك جعلت الهمزتان اذا التقتا وكانتا من كلمتين شتى مخففة احداهما، ولم يبلغ من استثقالهما ان تجعلا مثل المجتمعتين في كلمة واحدة. ولان اللتين في كلمة واحدة لا تفارق احداهما صاحبتها، وهاتان تتغيران عن حالهما وتصير كل واحدة منها على حيالها أثقل منهما في كلمتين [٢٠ب] لأَنَّ ما في الكلمتين كلُّ واحدة على حيالها فتخفيف الآخرة أقيس، كما أبدلوا الآخرة حين اجتمعتا في كلمة واحدة، وقد تخفف الأولى. فمن خفف الآخرة في