قوله ﴿الأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ﴾ فيريد عرض عليهم أصحاب الأسماء ويدلك على ذلك قوله ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هؤلاء﴾ فلم يكن ذلك لان الملائكة ادّعوا شيئا، انما أخبر عن جهلهم بعلم الغيب وعلمه بذلك وفعله فقال ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هؤلاء إِن كُنْتُمْ [٢٧ب] صَادِقِينَ﴾ كما يقول الرجل للرجل: "أَنْبِئْني بهذا إنْ كنتَ تَعْلَم" وهو يعلم انه لا يعلم يريد انه جاهل. فأعظموه عند ذلك فقالوا: ﴿سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ﴾[٣٢] بالغيب على ذلك. ونحن نعلم أنه لا علم لنا بالغيب" إخباراً عن أنفسهم بنحو ما خبر الله عنهم. وقوله ﴿سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ﴾ فنصب "سبحانَكَ" لانه أراد "نسبِّحكَ" جعله بدلا من اللفظ بالفعل كأنه قال: "نُسَبِّحُكَ بسُبْحانِكَ" ولكن "سُبْحان" مصدر لا ينصرفُ. و "سُبْحان" في التفسير: براءة وتنزيه قال الشاعر: [من السريع وهو الشاهد الرابع والثلاثون]:
أقولُ لَمّا جاءني فَخْرُه * سُبحانَ من عَلْقَمةَ الفاخِرِ
يقول: براءة منه.
المعاني الواردة في آيات سورة ( البقرة )
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾
هذا باب الاستثناء
قوله ﴿فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ﴾ فانتصب لانك شغلت الفعل بهم عنه فأخرجته من الفعل من بينهم. كما تقول: "جاءَ القومُ إلاّ زيداً" لأنَّك لما جعلت لهم الفعل وشغلته بهم وجاء بعدهم غيرهم شبهته بالمفعول به بعد الفاعل وقد شغلت به الفعل.
وقوله ﴿أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ﴾ ففتحت ﴿استكبرَ﴾ لأن كل "فَعَلَ" أو "فُعِلَ" فهو يفتح نحو: ﴿قَالَ رَجُلاَنِ﴾ ونحو ﴿الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ ونحو ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ [٢٨ء] ونحو ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ لانّ هذا كله "فَعَلَ" و "فُعِلَ".


الصفحة التالية
Icon