﴿ وَقُلْنَا يَآءَادَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَاذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ ﴾

باب الدعاء


قوله ﴿يَا آدَمُ اسْكُنْ﴾ و﴿يَآءَادَمُ أَنبِئْهُمْ﴾ [٣٣] و ﴿يافِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ﴾ فكل هذا انما ارتفع لانه اسم مفرد، والاسم المفرد مضموم في الدعاء وهو في موضع نصب، ولكنه جعل كالأسماء التي ليست بمتمكنة. فاذا كان مضافا انتصب لانه الاصل. وانما يريد "أعني فلانا" و "أدعو" وذلك مثل قوله ﴿يَاأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا﴾ و ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا﴾ انما يريد: "يا ربِّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا" وقوله "رَبَّنا تَقبِّلْ مِنّا".
هذا باب الفاء
قوله ﴿وَلاَ تَقْرَبَا هَاذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ﴾ فهذا الذي يسميه النحويون "جواب الفاء". وهو ما كان جوابا للامر والنهي والاستفهام والتمني والنفي والجحود. ونصب ذلك كله على ضمير "أنْ"، وكذلك الواو. وان لم يكن معناها مثل معنى الفاء. وانما نصب هذا لان الفاء والواو من حروف العطف فنوى المتكلم ان يكون ما مضى من كلامه اسما حتى كأنه قال "لا يكُنْ منكما قربُ الشجرة" ثم أراد أن يعطف الفعل على الاسم [٢٨ب] فأضمر مع الفعل "أَنْ" لأنَّ "أَنْ" مع الفعل تكون اسما فيعطف اسما على اسم. وهذا تفسير جميع ما انتصب من الواو والفاء. ومثل ذلك قوله ﴿لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ﴾ هذا جواب النهي و ﴿لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ﴾ جواب النفي. والتفسير ما ذكرت لك.


الصفحة التالية
Icon