وقد يجوز اذا حسن ان تجري الآخر على الأول ان تجعله مثله نحو قوله ﴿وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ أي: "وَدُّوا لَوْ يُدْهِنُونَ". ونحو قوله ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ﴾ جعل الأول فعلا ولم يَنْوِ به الاسم فعطف الفعل على الفعل وهو التمني كأنه قال "وَدُّوا لو تَغْفَلونَ وَلَوْ يَمِيلُونَ" وقال ﴿لاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ أي "لا يؤذَن لَهُمْ ولا يَعْتَذِرُونَ". وما كان بعد هذا جواب المجازاة بالفاء والواو فان شئت ايضاً نصبته على ضمير "أن" اذا نويت بالأول ان تجعله اسما كما قال ﴿إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ﴾ ﴿أَوْ يُوبِقْهُنَّ [بِمَا كَسَبُوا]* وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ﴾ ﴿وَيَعْلَمَ الَّذِينَ﴾ فنصب، ولو جزمه على العطف كان جائزا، ولو رفعه على الابتداء جاز ايضاً. وقال ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ﴾ فتجزم ﴿فَيَغفِر﴾ اذا أردت [٢٩ء] العطف، وتنصب اذا أضمرت "إنْ" ونويت أن يكون الأول اسما، وترفع على الابتداء وكل ذلك من كلام العرب. وقال ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ ثم قال ﴿وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَآءُ﴾ فرفع ﴿وَيَتُوبُ﴾ لأنَه كلام مستأنف ليس على معنى الأول. ولا يريد "قاتلوهم: "يتبْ الله عليهم" ولو كان هذا لجاز فيه الجزم لما ذكرت. وقال الشاعر [من الوافر وهو الشاهد الخامس والثلاثون]:
فإِنْ يهلِكْ أبو قابوس يهلِكْ * ربيعُ الناسِ والشَهْرُ الحرامُ
ونُمْسِكَ بعدَه بذِنابِ عيشٍ * أجبِّ الظهرِ ليس له سنامُ