سورة آل عمران
(الم) تقدم أن قلنا في السورة قبلها إن الرأى الذي عليه المعوّل أن الحروف المقطعة التي وقعت في أوائل السور هى حروف للتنبيه كألا، ويا، مما جاء في أوائل الكلام لتنبيه المخاطب إلى ما يلقى بعدها من حديث يستدعى العناية بفهمه، وتقرأ بأسمائها ساكنة كما تقرأ أسماء العدد فيقال (ألف. لام. ميم) كما يقال (واحد. اثنان.
ثلاثة) وتمد اللام والميم، وإذا وصل به لفظ الجلالة جاز في الميم المد والقصر، وفتحها وطرح الهمزة من (اللّه) للتخفيف والإله : هو المعبود، والحي : ذو الحياة وهى صفة تستتبع الاتصاف بالعلم والإرادة، والقيوم : القائم على كل شىء بكلاءته وحفظه، ونزّل يفيد التدريج والقرآن نزل كذلك في نيف وعشرين سنة بحسب الحوادث كما تقدم، وعبر عن الوحى مرة بالتنزيل، وأخرى بالإنزال للإشارة إلى أن منزلة الموحى أعلى من الموحى إليه، ومعنى كونه بالحق أن كل ما جاء به من العقائد والأحكام والحكم والأخبار فهو حق لا شكّ فيه، ما بين يديه هى الكتب التي أنزلت على الأنبياء السابقين، والتوراة : كلمة عبرية معناها الشريعة، ويريد بها اليهود خمسة أسفار يقولون إن موسى كتبها، وهى : سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر اللاويين، وسفر العدد، وسفر تثنية الاشتراع، ويريد بها النصارى جميع الكتب التي تسمى العهد العتيق، وهى كتب الأنبياء وتاريخ قضاة بنى إسرائيل وملوكهم قبل المسيح، وقد يطلقونه عليها وعلى العهد الجديد معا وهو المعبر عنه بالإنجيل، ويريد بها القرآن ما أنزل على موسى ليبلغه قومه، والإنجيل كلمة يونانية معناها التعليم الجديد أو البشارة، وتطلق عند النصارى على أربعة كتب تسمى بالأناجيل الأربعة وهى كتب مختصرة فى سيرة المسيح عليه السلام وشىء من تاريخه وتعاليمه، وليس لها سند متصل عند أهلها وهم مختلفون في تاريخ كتابتها على أقوال كثيرة، وكتب العهد الجديد تطلق على هذه الكتب الأربعة مع كتاب أعمال الرسل (الحواريين) ورسائل بولس وبطرس
ويوحنا ويعقوب ورؤيا يوحنا، والإنجيل في عرف القرآن هو ما أوحاه اللّه إلى رسوله عيسى عليه السلام ومنه البشارة بالنبي محمد وأنه هو الذي يتمم الشريعة والأحكام، والفرقان هو العقل الذي يفرق بين الحق والباطل، وكل ما كان عن حضرة القدس يسمى إعطاؤه إنزالا ألا ترى إلى قوله تعالى :« وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ » والانتقام من النقمة وهى السطوة والتسلط، يقال : انتقم منه إذا عاقبه بجنايته، والتصوير جعل الشيء على صورة لم يكن عليها، والصورة هيئة يكون عليها الشيء بالتأليف، والأرحام واحدها رحم وهى مستودع الجنين من المرأة، والمحكم من أحكم الشيء بمعنى وثّقه وأتقنه، والأم في اللغة الأصل الذي يتكون منه الشيء، والمتشابه يطلق تارة على ماله أفراد أو أجزاء يشبه بعضها بعضا، وتارة أخرى على ما يشتبه من الأمور ويلتبس، والزيغ الميل عن الاستواء والاستقامة إلى أحد الجانبين والمراد به هنا ميلهم عن الحق إلى الأهواء الباطلة، والتأويل من الأول وهو الرجوع إلى الأصل ومنه الموئل للموضع الذي يرجع إليه، والراسخون في العلم : هم المتفقهون فى الدين، ومن لدنك : أي من عندك، والمراد بالرحمة العناية الإلهية والتوفيق الذي لا يناله العبد بكسبه، وجمع الناس حشرهم للحساب والجزاء، لا ريب فيه : أي إننا موقنون به لا نشك في وقوعه لأنك أخبرت به وقولك الحقّ.


الصفحة التالية
Icon