﴿ولقد كرَّمنا﴾ فضَّلنا ﴿بني آدم﴾ بالعقل والنُّطق والتَّمييز ﴿وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ﴾ على الإِبل والخيل والبغال والحمير ﴿و﴾ في ﴿البحر﴾ على السُّفن ﴿ورزقناهم من الطيبات﴾ الثِّمار والحبوب والمواشي والسَّمن والزُّبد والحلاوى ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ على كثير ممن خلقنا﴾ يعني: البهائم والدَّوابَّ والوحوش
﴿يوم ندعو﴾ يعني: يوم القيامة ﴿كلَّ أناسٍ بأمامهم﴾ بنبيِّهم وهو أن يقال: هاتوا مُتَّبعي إبراهيم عليه السَّلام هاتوا مُتبَّعي موسى عليه السلام هاتوا متبعي محمد عليه السلام فيقول أهل الحقِّ فيأخذون كتبهم بأيمانهم ثمَّ يقال: هاتوا مُتَّبِعي الشَّيطان هاتوا مُتَّبعي رؤساء الضَّلالة وهذا معنى قول ابن عباس: إمام هدى وإمام ضلالة ﴿ولا يظلمون﴾ ولا ينقصون ﴿فتيلاً﴾ من الثَّواب وهي القشرة التي في شقِّ النَّواة
﴿من كان في هذه أعمى﴾ في الدُّنيا أعمى القلب عمَّا يرى من قدرتي في خلق السَّماء والأرض والشَّمس والقمر وغيرهما ﴿فهو في الآخرة﴾ في أمر الآخرة ممَّا يغيب عنه ﴿أعمى﴾ أشدُّ عمىً ﴿وأضلُّ سبيلاً﴾ وأبعد حجَّةً
﴿وإن كادوا﴾ الآية نزلت فِي وفد ثقيف أتوا رسول الله صلى الله عليه وقالوا: متِّعنا باللاَّت سنةً وحرِّمْ وادينا كما حرَّمت مكَّة فإنَّا نحبُّ أن تعرف العربُ فضلنا عليهم فإنْ خشيت أن تقول العرب: أعطيتهم ما لم تعطنا فقل: الله أمرني بذلك وأقبلوا يلحُّون على النبي ﷺ فأمسك رسول الله ﷺ عنهم وقد همَّ أنْ يعطيهم ذلك فأنزل الله: ﴿وإن كادوا﴾ همُّوا وقاربوا ﴿ليفتنونك﴾ ليستزلُّونك ﴿عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ يعني: القرآن والمعنى: عن حكمه وذلك أنَّ فِي إعطائهم ما سألوا مخالفةً لحكم القرآن ﴿لتفتري علينا غيره﴾ أَيْ: لتختلق علينا أشياء غير ما أوحينا إليك وهو قولهم: قل الله أمرني بذلك ﴿وإذاً﴾ لو فعلت ما أرادوا ﴿لاتخذوك خليلاً﴾