والقسم الثاني الأخبار المنقولة بنقل الآحاد فهذه لا يجوز بها نسخ القرآن لأنها لاتوجب العلم بل تفيد الظن والقرآن يوجب العلم فلايجوز ترك المقطوع به لأجل مظنون وقد احتج من رأى جواز نسخ التواتر بخبر الواحد بقصة أهل قباء لما استداروا بقول واحد فأجيب بأن قبلة بيت المقدس لم تثبت بالقرآن فجاز أن تنسخ بخبر الواحد

فصل


واتفق العلماء على جواز نسخ نطق الخطاب واختلفوا في نسخ ما ثبت بدليل الخطاب وتنبيهه وفحواه فذهب عامة العلماء إلى جواز ذلك واستدلوا بشيئين
أحدهما أن دليل الخطاب دليل شرعي يجري مجرى النطق في وجوب العمل به فجرى مجراه في النسخ
والثاني أنه قد وجد ذلك فروى جماعة عن النبي أنه قال الماء من الماء وعملوا بدليل خطابه فكانوا لا يغتسلون من التقاء الختانين ثم نسخ ذلك بقوله عليه الصلاة و السلام إذا التقى الختان بالختان وجب الغسل أنزل أو لم ينزل وقد حكى عن جماعة من أهل الظاهر أنه لا يجوز نسخ ما ثبت بدليل الخطاب وفحواه قالوا لأن ذلك معلوم بطريق القياس والقياس لا يكون ناسخا ولا منسوخا وليس الأمر على ما ذكر بل هو مفهوم من معنى النطق وتنبيهه

فصل


واتفق العلماء على أن الحكم المأمور به إذا عمل به ثم نسخ بعد ذلك أن النسخ يقع صحيحا جائزا واختلفوا هل يجوز نسخ الحكم قبل العمل به فظاهر كلام أحمد


الصفحة التالية
Icon