يصف ذئبا وغرابا تبعاه لينالا من طعامه وزاده:
إذ إذا حضراني قلت: لو تعلمانه!!... ألم تعلما أني من الزاد مرمل (١)
فأخبر أنه قال لهما:"لو تعلمانه"، فنفى عنهما العلم، ثم استخبرهما فقال: ألم تعلما؟ قالوا: فكذلك قوله: (ولقد علموا لمن اشتراه) و (لو كانوا يعلمون)
* * *
وهذا تأويل وإن كان له مخرج ووَجْه فإنه خلاف الظاهر المفهوم بنفس الخطاب، أعني بقوله: (ولقد علموا) وقوله: (لو كانوا يعلمون)، وإنما هو استخراج. وتأويل القرآن على المفهوم الظاهر الخطاب = دون الخفي الباطن منه، حتى تأتي دلالة - من الوجه الذي يجب التسليم له - بمعنىً خلافَ دليله الظاهر المتعارف في أهل اللسان الذين بلسانهم نزل القرآن = أولى. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (ولو أنهم آمنوا واتقوا)، لو أن الذين يتعلمون من الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه،"آمنوا" فصدقوا الله ورسوله وما جاءهم به من عند ربهم، و"اتقوا" ربهم فخافوه فخافوا عقابه، فأطاعوه بأداء فرائضه وتجنبوا معاصيه - لكان جزاء الله إياهم، وثوابه لهم على إيمانهم به وتقواهم إياه، خيرا لهم من السحر وما اكتسبوا به،"لو كانوا يعلمون" أن ثواب الله إياهم على ذلك

(١) ديوانه: ٥١، وأمالي الشريف المرتضى ١: ٤٢٤، وكأنه كان ينقل كلام الطبري في تفسير هذه الآية، مع التصرف. والمرمل: الذي نفد زاده. أرمل الرجل فهو مرمل، كأنه لصق بالرمل لما أنفض.
(٢) يقول: "وتأويل القرآن على المفهوم الظاهر من الخطاب.. أولى" وفصل فأطال.


الصفحة التالية
Icon