القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك:"والله سميع" لما يقوله الحالفُ منكم بالله إذا حلف فقال:"والله لا أبر ولا أتقي ولا أصلح بين الناس"، ولغير ذلك من قيلكم وأيمانكم ="عليم" بما تقصدون وتبتغون بحلفكم ذلك، ألخير تريدون أم غيره؟ لأني علام الغيوب وما تضمره الصدور، لا تخفى عليّ خافية، ولا ينكتم عني أمر عَلَن فطهر، أو خَفي فبَطَن.
وهذا من الله تعالى ذكره تهدُّد ووعيدٌ. يقول تعالى ذكره: واتقون أيها الناس أن تظهروا بألسنتكم من القول، أو بأبدانكم من الفعل، ما نهيتكم عنه - أو تضمروا في أنفسكم وتعزموا بقلوبكم من الإرادات والنيات بفعل ما زجرتكم عنه، فتستحقوا بذلك مني العقوبة التي قد عرَّفتكموها، فإنّي مطَّلع على جميع ما تعلنونه أو تُسرُّونه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، وفي معنى"اللغو".
فقال بعضهم في معناه: لا يؤاخذكم الله بما سبقتكم به ألسنتكم من الأيمان على عجلة وسرعة، فيوجب عليكم به كفارة إذا لم تقصدوا الحلف واليمين. وذلك كقول القائل:"فعلت هذا والله، أو: أفعله والله، أو: لا أفعله والله"، على سبوق المتكلم بذلك لسانُه، بما وصل به كلامه من اليمين. (١)

(١) قوله: "سبوق مصدر"سبق" لم يرد في كتب اللغة، ولكن أبا جعفر قد كرر استعماله. وانظر ما سلف في هذا الجزء ٤: ٢٨٧ والتعليق: ٤، وما سيأتي: ٤٥٦، تعليق: ٤


الصفحة التالية
Icon