القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإن حاجَّك: يا محمد، النفرُ من نصارى أهل نجران في أمر عيسى صلوات الله عليه، فخاصموك فيه بالباطل، (١) فقل: انقدت لله وحده بلساني وقلبي وجميع جوارحي. وإنما خَصّ جل ذكره بأمره بأن يقول:"أسلمت وجهي لله"، لأن الوجه أكرمُ جوارح ابن آدم عليه، وفيه بهاؤه وتعظيمه، فإذا خضع وجهه لشيء، فقد خضع له الذي هو دونه في الكرامة عليه من جوارح بدنه. (٢)
* * *
وأما قوله:"ومن اتبعني"، فإنه يعني: وأسلم من اتبعني أيضًا وجهه لله معي. و"من" معطوف بها على"التاء" في"أسلمت"، كما:-
٦٧٧٣ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"فإن حاجُّوك" أي: بما يأتونك به من الباطل، من قولهم:"خَلقنا، وفعلنا، وجعلنا، وأمرنا"، فإنما هي شبه باطلة قد عرفوا ما فيها من الحق ="فقل أسلمت وَجهي لله ومن اتبعني". (٣)
* * *

(١) انظر تفسير"حاج" فيما سلف ٣: ١٢٠، ٢٠١ / ثم ٥: ٤٢٩، ٤٣٠.
(٢) انظر تفسير"أسلم وجهه" فيما سلف ٢: ٥١٠-٥١٢، وتفسير"الإسلام" في مراجعه التي ذكرتها آنفًا ص: ٢٧٥ تعليق: ١.
(٣) الأثر: ٦٧٧٣ - رواه ابن هشام في سيرته ٢: ٢٢٧، وهو من بقية الآثار التي آخرها رقم: ٦٧٧٠.


الصفحة التالية
Icon