الزكاة
في القرآن الكريم
تعدد ذكر الزكاة في القرآن الكريم في مواطن كثيرة مما يدل على أهميتها والعناية بها. والمتتبع لسور القرآن، المكي منها والمدني، يجد أن الزكاة ذكرت في النوعين، أعني: المكي والمدني، فهي من آكد العبادات بعد الشهادتين والصلاة، وقد قرنت بالصلاة كثيرا، كما سيأتي بيان ذلك.
قال ابن جرير: قال قتادة: وكان يقال: إن الزكاة قنطرة الإِسلام، فمن قطعها نجا، ومن تخلف عنها هلك، وقد كان أهل الردة بعد نبي الله قالوا: أما الصلاة، فنصلي، وأما الزكاة، فوالله لا تغصب أموالنا، قال أبو بكر: والله لا أفرق بين شيء جمع الله بينه، والله لو منعوني عقالا مما فرض الله ورسوله لقاتلناهم عليه ١.
ويقول ابن تيمية: وجعل الإِسلام مبنيا على أركان خمسة، ومن آكدها الصلاة، وهي خمسة فروض، وقرن معها الزكاة، فمن آكد العبادات: الصلاة وتليها الزكاة ففي الصلاة عبادته وفي الزكاة الإحسان إلى خلقه، فكرر فرض الصلاة في القرآن في غير آية، ولم يذكره إلا وقرن معها الزكاة ٢.
وقال تلميذه ابن كثير:
كثيرا ما يقرن الله تعالى بين الصلاة والإِنفاق من الأمواال، فإن الصلاة حق الله وعبادته، وهي مشتملة على توحيده والثناء عليه وتمجيده والابتهال إليه، ودعائه والتوكل عليه، والإِنفاق هو الإحسان إلى المخلوقين بالنفع المتعدي إليهم، وأولى الناس بذلك القرابات الأهلون والمماليك، ثم الأجانب، فكل من النفقات الواجبة والزكاة المفروضة داخل في قوله تعالى: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾، ولهذا ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "بني الإِسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا

١ تفسير ابن جرير (٢٤/٩٣).
٢ الفتاوى (٢٥/٦).


الصفحة التالية
Icon