وقوله : ١٤٩ - ﴿ ومن حيث خرجت ﴾ كرر سبحانه هذا لتأكيد الأمر باستقبال الكعبة وللاهتمام به لأن موقع التحويل كان معتنى به في نفوسهم وقيل : وجه التكرير أن النسخ من مظان الفتنة ومواطن الشبهة فإذا سمعوه مرة بعد أخرى ثبتوا واندفع ما يختلج في صدورهم وقيل : إنه كرر هذا الحكم لتعدد علله فإنه سبحانه ذكر للتحويل ثلاث علل : الأولى ابتغاء مرضاته والثانية جري العادة الإلهية أن يولي كل أهل ملة وصاحب دعوة جهة يستقل بها والثالثة دفع حجج المخالفين فقرن بكل علة معلولها وقيل أراد بالأول : ول وجهك شطر الكعبة إذا صليت تلقاءها ثم قال : وحيثما كنتم معاشر المسلمين في سائر المساجد بالمدينة وغيرها فولوا وجوهكم شطره ثم قال :﴿ ومن حيث خرجت ﴾ يعني وجوب الاستقبال في الأسفار فكان هذا أمر بالتوجه إلى الكعبة في جميع المواطن من نواحي الأرض
وقوله : ١٥٠ - ﴿ لئلا يكون للناس عليكم حجة ﴾ قيل معناه : لئلا يكون لليهود عليكم حجة إلا للمعاندين منهم للقائلين : ما ترك قبلتنا إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه فعلى هذا المراد بالذين ظلموا : المعاندون من أهل الكتاب وقيل : هم مشركو العرب وحجتهم قولهم : راجعت قبلتنا وقيل معناه : لئلا يكون للناس عليكم حجة لئلا يقولوا لكم : قد أمرتم باستقبال الكعبة ولستم ترونها وقال أبو عبيدة : إن إلا ها هنا بمعنى الواو : أي والذين ظلموا فهو استثناء بمعنى الواو ومنه قول الشاعر :
( ما بالمدينة دار غير واحدة | دار الخليفة إلا دا مروانا ) |