وقوله : ١٥١ - ﴿ كما أرسلنا ﴾ الكاف في موضع نصب على النعت لمصدر محذوف والمعنى : ولأتم نعمتي عليكم إتماما مثل ما أرسلنا قاله الفراء ورجحه ابن عطية وقيل : الكاف في موضع نصب على الحال والمعنى : ولأتم نعمتي عليكم في هذه الحال والتشبيه واقع على أن النعمة في القبلة كالنعمة في الرسالة وقيل معنى الكلام على التقديم والتأخير : أي فاذكروني كما أرسلنا قاله الزجاج
وقوله : ١٥٢ - ﴿ فاذكروني أذكركم ﴾ أمر وجوابه وفيه معنى المجازاة قال سعيد بن جبير : ومعنى الآية اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة حكاه عنه القرطبي في تفسيره وأخرجه عنه عبد بن حميد وابن جرير وقد روي نحوه مرفوعا كما سيأتي وقوله :﴿ واشكروا لي ﴾ قال الفراء : شكر لك وشكرت لك والشكر : معرفة الإحسان والتحدث به وأصله في اللغة : الطهور وقد تقدم الكلام فيه وقوله :﴿ ولا تكفرون ﴾ نهي ولذلك حذفت نون الجماعة وهذه الموجودة في الفعل هي نون المتكلم وحذفت الياء لانها رأس آية وإثباتها حسن في غير القرآن والكفر هنا : ستر النعمة لا التكذيب وقد تقدم الكلام فيه
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ولكل وجهة هو موليها ﴾ قال : يعني بذلك أهل الأديان يقول : لكل قبلة يرضونها وأخرج ابن أبي حاتم عنه أنه قال في تفسير هذه الآية : صلوا نحو بيت المقدس مرة ونحو الكعبة مرة أخرى وأخرج أبو داود في ناسخه عن قتادة نحوه وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله :﴿ فاستبقوا الخيرات ﴾ يقول : لا تغلبن على قبلتكم وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله :﴿ فاستبقوا الخيرات ﴾ قال : الأعمال الصالحة وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله :﴿ فاستبقوا الخيرات ﴾ يقول : فسارعوا في الخيرات ﴿ أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا ﴾ قال : يوم القيامة وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة قال : لما صرف النبي صلى الله عليه و سلم نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس قال المشركون من أهل مكة : تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه سبيلا ويوشك أن يدخل دينكم فأنزل الله :﴿ لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ﴾ وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله :﴿ لئلا يكون للناس عليكم حجة ﴾ قال : يعني بذلك أهل الكتاب حين صرف نبي الله إلى الكعبة قالوا : اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : حجتهم قولهم قد أحب قبلتنا وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ومجاهد في قوله :﴿ إلا الذين ظلموا منهم ﴾ قال : الذين ظلموا منهم مشركو قريش أنهم سيحتجون بذلك عليكم واحتجوا على نبي الله بانصرافه إلى البيت الحرام وقالوا : سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا فأنزل الله في ذلك كله ﴿ يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ﴾ وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله :﴿ كما أرسلنا فيكم رسولا منكم ﴾ يعني محمدا صلى الله عليه و سلم وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ كما أرسلنا فيكم رسولا منكم ﴾ يقول : كما فعلت فاذكروني وأخرج أبو الشيخ والديلمي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :﴿ فاذكروني أذكركم ﴾ يقول : اذكروني يا معشر العباد بطاعتي أذكركم بمغفرتي وأخرج الديلمي وابن عساكر مثله مرفوعا من حديث أبي هند الداري وزاد : فمن ذكرني وهو مطيع فحق علي أن أذكره بمغفرتي ومن ذكرني وهو لي عاص فحق علي أن أذكره بمقت وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس : يقول الله :[ ذكري لكم خير من ذكركم لي ] وقد ورد في فضل ذكر الله على الإطلاق وفضل الشكر أحاديث كثيرة