وقوله : ٢٥٠ - ﴿ برزوا ﴾ أي صاروا في البراز وهو المتسع من الأرض وجالوت أمير العمالقة قالوا : أي جميع من معه من المؤمنين والإفراغ يفيد معنى الكثرة وقوله :﴿ وثبت أقدامنا ﴾ هذا عبارة عن القوة وعدم الفشل يقال : ثبت قدم فلان على كذا إذا استقر له ولم يزل عنه وثبت قدمه في الحرب إذا كان الغلب له والنصر معه قوله :﴿ وانصرنا على القوم الكافرين ﴾ هم جالوت وجنوده ووضع الظاهر موضع المضمر إظهارا لما هو العلة الموجبة للنصر عليهم وهي كفرهم وذكر النصر بعد سؤال تثبيت الأقدام لكون الثاني هو غاية الأول
قوله : ٢٥١ - ﴿ فهزموهم بإذن الله ﴾ الهزم : بالكسر : ومنه سقاء منهزم : أي انثنى بعضه على بعض مع الجفاف ومنه ما قيل في زمزم إنها هزمة جبريل : أي هزمتها برجله فخرج الماء والهزم : ما يكسر من يابس الحطب وتقدير الكلام فأنزل الله عليهم النصر :﴿ فهزموهم بإذن الله ﴾ أي بأمره وإرادته قوله :﴿ وقتل داود جالوت ﴾ هو داود بن إيشا بكسر الهمزة ثم تحتية ساكنة بعدها معجمة ويقال : داود بن زكريا بن بشوي من سبط يهوذا بن يعقوب جمع الله له بين النبوة والملك بعد أن كان راعيا وكان أصغر إخوته اختاره طالوت لمقاتلة جالوت فقتله والمراد بالحكمة هنا النبوة وقيل : هي تعليمه صنعة الدروع ومنطق الطير وقيل : هي إعطاؤه السلسلة التي كانوا يتحاكمون إليها قوله :﴿ وعلمه مما يشاء ﴾ قيل : إن المضارع هنا موضوع موضع الماضي وفاعل هذا الفعل هو الله تعالى وقيل : داود وظاهر هذا التركيب أن الله سبحانه علمه مما قضت به مشيئته وتعلقت به إرادته وقد قيل إن من ذلك ما قدمنا من تعليمه صنعة الدروع وما بعده قوله :﴿ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ﴾ قرأه الجماعة ﴿ ولولا دفع الله ﴾ وقرأ نافع ﴿ دفع ﴾ وهما مصدران لدفع كذا قال سيبويه وقال أبو حاتم : دافع ودفع واحد مثل : طرقت نعلي وطارقته واختار أبو عبيدة قراءة الجمهور وأنكر قراءة دفاع قال : لأن الله عز و جل لا يغالبه أحد قال مكي : يوهم أبو عبيدة أن هذا من باب المفاعلة وليس به وعلى القراءتين فالمصدر مضاف إلى الفاعل : أي ﴿ ولولا دفع الله الناس ﴾ وبعضهم بدل من الناس وهم الذين يباشرون أسباب الشر والفساد ببعض آخر منهم وهم الذين يكفونهم عن ذلك ويردونهم عنه ﴿ لفسدت الأرض ﴾ لتغلب أهل الفساد عليها وإحداثهم للشرور التي تهلك الحرث والنسل وتنكير فضل للتعظيم


الصفحة التالية
Icon