قوله : ٢٦٣ - ﴿ معروف ومغفرة ﴾ قيل الخبر محذوف : أي أولى وأمثل ذكره النحاس قال : ويجوز أن يكون خبرا عن مبتدأ محذوف : أي الذي أمرتم به قول معروف وقوله :﴿ ومغفرة ﴾ مبتدأ أيضا وخبره قوله :﴿ خير من صدقة ﴾ وقيل : إن قوله : خير خبر عن قوله : قول معروف وعن قوله : ومغفرة وجاز الابتداء بالنكرتين لأن الأولى تخصصت بالوصف والثانية بالعطف والمعنى : أن القول المعروف من المسؤول للسائل وهو التأنس والترجية بما عند الله والرد الجميل خير من الصدقة التي يتبعها أذى وقد ثبت في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه و سلم :[ الكلمة الطيبة صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق ] وما أحسن ما قاله ابن دريد :
( لا تدخلنك ضجرة من سائل | فلخير دهرك أن ترى مسؤولا ) |
( لا تجبهن بالرد وجه مؤمل | فبقاء عزك أن ترى مأمولا ) |
قوله : ٢٦٤ - ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ﴾ الإبطال للصدقات : إذهاب أثرها وإفساد منفعتها : أي لا تبطلوها بالمن والأذى أو بأحدهما قوله :﴿ كالذي ﴾ أي إبطالا كإبطال الذي على أنه نعت لمصدر محذوف ويجوز أن يكون حالا : أي لا تبطلوا مشابهين للذي ينفق ماله رئاء الناس وانتصاب رئاء على أنه علة لقوله :﴿ ينفق ﴾ أي لأجل الرياء أو حال أي ينفق مرائيا لا يقصد بذلك وجه الله وثواب الآخرة بل يفعل ذلك رياء للناس استجلابا لثنائهم عليه ومدحهم له قيل : والمراد به المنافق بدليل قوله :﴿ ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ﴾ قوله :﴿ فمثله كمثل صفوان ﴾ الصفوان الحجر الكبير الأملس وقال الأخفش : صفوان جمع صفوانة وقال الكسائي : صفوان واحد وجمعه صفي وأصفى وأنكره المبرد وقال النحاس : يجوز أن يكون جمعا ويجوز أن يكون واحدا وهو أولى لقوله :﴿ عليه تراب فأصابه وابل ﴾ والوابل المطر الشديد مثل الله سبحانه هذا المنفق بصفوان عليه تراب يظنه الظان أرضا منبتة طيبة فإذا أصابه وابل من المطر أذهب عنه التراب وبقي صلدا : أي أجرد نقيا من التراب الذي كان عليه فكذلك هذا المرائي فإن نفقته لا تنفعه كما لا ينفع المطر الواقع على الصفوان الذي عليه تراب قوله :﴿ لا يقدرون على شيء مما كسبوا ﴾ أي : لا ينتفعون بما فعلوه رياء ولا يجدون له ثوابا والجملة مستانفة كأنه قيل : ماذا يكون حالهم حينئذ ؟ فقيل : لا يقدرون إلخ والضميران للموصول : أي كالذي باعتبار المعنى كما في قوله تعالى :﴿ وخضتم كالذي خاضوا ﴾ أي الجنس أو الجمع أو الفريق