قوله : ٢٦٧ - ﴿ من طيبات ما كسبتم ﴾ أي : من جيد ما كسبتم ومختاره كذا قال الجمهور وقال جماعة : إن معنى الطيبات هنا الحلال ولا مانع من اعتبار الأمرين جميعا لأن جيد الكسب ومختاره إنما يطلق على الحلال عند أهل الشرع وإن أطلقه أهل اللغة على ما هو جيد في نفسه حلالا كان أو حراما فالحقيقة الشرعية مقدمة على اللغوية وقوله :﴿ ومما أخرجنا لكم من الأرض ﴾ أي : ومن طيبات ما أخرجنا لكم من الأرض وحذف لدلالة ما قبله عليه وهي النباتات والمعادن والركاز قوله :﴿ ولا تيمموا الخبيث ﴾ أي : لا تقصدوا المال الرديء وقرأه الجمهور بفتح حرف المضارعة وتخفيف الياء وقرأ ابن كثير بتشديدها وقرأ ابن مسعود ولا تأمموا وهي لغة وقرأ أبو مسلم بن خباب بضم الفوقية وكسر الميم وحكى أبو عمرو أن ابن مسعود قرأ تئمموا بهمزة بعد المضمومة وفي الآية الأمر بإنفاق الطيب والنهي عن إنفاق الخبيث وقد ذهب جماعة من السلف إلى أن الآية في الصدقة المفروضة وذهب آخرون إلى أنها تعم صدقة الفرض والتطوع وهو الظاهر وسيأتي من الأدلة ما يؤيد هذا وتقديم الظرف في قوله :﴿ منه تنفقون ﴾ يفيد التخصيص أي لا تخصوا الخبيث بالإنفاق والجملة في محل نصب على الحال : أي لا تقصدوا المال الخبيث مخصصين الإنفاق به قاصرين له عليه قوله :﴿ ولستم بآخذيه ﴾ أي : والحال أنكم لا تأخذونه في معاملاتكم في وقت من الأوقات هكذا بين معناه الجمهور وقيل معناه : ولستم بآخذيه لو وجدتموه في السوق يباع وقوله :﴿ إلا أن تغمضوا فيه ﴾ هو من أغمض الرجل في أمر كذا : إذا تساهل ورضي ببعض حقه وتجاوز وغض بصره عنه ومنه قول الشاعر :
( إلى كم وكم أشياء منك تريبني | أغمض عنها لست عنها بذي عمى ) |