قوله : ٨ - ﴿ وإذا حضر القسمة أولو القربى ﴾ المراد بالقرارة هنا غير الوارثين وكذا اليتامى والمساكين شرع الله سبحانه أنهم إذا حضروا قسمة التركة كان لهم منها رزق فيرضخ لهم المتقاسمون شيئا منها وقد ذهب قوم إلى أن الآية محكمة وأن الأمر للندب وذهب آخرون إلى أنها منسوخة بقوله تعالى ﴿ يوصيكم الله في أولادكم ﴾ والأول أرجح لأن المذكور في الآية للقرابة غير الوارثين ليس هو من جملة الميراث حتى يقال : إنها منسوخة بآية المواريث إلا أن تقولوا : إن أولي القربى المذكورين هنا هم الوارثون كان للنسخ وجه وقالت طائفة : إن هذا الرضخ لغير الوارث من القرابة واجب بمقدار ما تطيب به أنفس الورثة وهو معنى الأمر الحقيقي فلا يصار إلى الندب إلا لقرينه والضمير في قوله ﴿ منه ﴾ راجع إلى المقسوم المدلول عليه بالقسمة وقيل : راجع إلى ما ترك والقول المعروف : هو القول الجميل الذي ليس فيه من بما صار إليهم من الرضخ ولا أذى
قوله ٩ - ﴿ وليخش الذين لو تركوا ﴾ هم الأوصياء كما ذهب إليه طائفة من المفسرين وفيه وعظ لهم بأن يفعلوا باليتامى الذي في حجورهم ما يحبون أن يفعل بأولادهم من بعدهم وقالت طائفة : المراد جميع الناس أمروا باتقاء الله في الأيتام وأولاد الناس وإن لم يكونوا في حجورهم وقال آخرون : إن المراد بهم من يحضر الميت عند موته أمروا بتقوى الله وبأن يقولوا للمحتضر قولا سديدا من إرشادهم إلى التخلص عن حقوق الله وحقوق بني آدم وإلى الوصية بالقرب المقربة إلى الله سبحانه وإلى ترك التبذير بماله وإحرام ورثته كما يخشون على ورثتهم من بعدهم لو تركوهم فقراء عالة يتكففون الناس وقال ابن عطية : الناس صنفان يصلح لأحدهما أن يقال له عند موته ما لا يصلح للآخر وذلك أن الرجل إذا ترك ورثته مستقلين بأنفسهم أغنياء حسن أن يندب إلى الوصية ويحمل على أن يقدم لنفسه وإذا ترك ورثة ضعفاء مفلسين حسن أن يندب إلى الترك لهم والاحتياط فإن أجره في قصد ذلك كأجره في المساكين قال القرطبي : وهذا التفصيل صحيح قوله ﴿ لو تركوا ﴾ صلة الموصول والفاء في قوله ﴿ فليتقوا ﴾ لترتيب ما بعدها على ما قبلها والمعنى : وليخش الذين صفتهم وحالهم أنهم لو شارفوا أن يتركوا خلفهم ذرية ضعافا وذلك عند احتضارهم خافوا عليهم الضياع بعدهم لذهاب كافلهم وكاسبهم ثم أمرهم بتقوى الله والقول السديد للمحتضرين أو لأولادهم من بعدهم على ما سبق


الصفحة التالية
Icon