عند أحد، فكان زكريا يقول:"يا مريم أنَّى لك هذا"؟
* * *
وأما قوله:"إنّ الله يَرْزُقُ مَن يشاء بغير حساب"، فخبرٌ من الله أنه يسوق إلى من يشاء من خلقه رزقَه، بغير إحصاء ولا عدد يحاسب عليه عبدَه. لأنه جل ثناؤه لا ينقصُ سَوْقُه ذلك إليه كذلك خزائنَه، ولا يزيدُ إعطاؤه إياه، ومحاسَبته عليه في مُلكه، وفيما لديه شيئًا، ولا يعزب عنه علمُ ما يرزقه، وإنما يُحاسب مَنْ يعطي مَا يعطيه، مَنْ يخشى النقصانَ من ملكه، ودخولَ النفاد عليه بخروج ما خرج من عنده بغير حساب معروف، (١) ومن كان جاهلا بما يعطى على غير حساب. (٢)
* * *
(١) في المطبوعة: "من يخشى النقصان من ملكه بخروج ما خرج من عنده..."، وفي المخطوطة: "من يخشى النقصان من ملكه، ودخول بخروج ما خرج من عنده... "، وبين الكلامين بياض، فلما لم يجد الناشر ما يكتبه مكانها، حذف"ودخول" ووصل الكلامين. وزدت أنا"النفاد عليه" مكان البياض استظهارًا من سياق الكلام، ومن تفسير هذه الجملة في مواضع أخرى سأذكرها فيما يلي.
(٢) انظر تفسير: "يرزق من يشاء بغير حساب" فيما سلف ٤: ٢٧٤ / ثم ٦: ٣١١.
(٢) انظر تفسير: "يرزق من يشاء بغير حساب" فيما سلف ٤: ٢٧٤ / ثم ٦: ٣١١.
القول في تأويل قوله: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٨) ﴾
قال أبو جعفر: وأما قوله:"هنالك دعا زكريا ربه"، فمعناها: عند ذلك، أي: عند رؤية زكريا ما رأى عند مريم من رزق الله الذي رَزَقها، وفضله الذي آتاها من غير تسبُّب أحد من الآدميين في ذلك لها = (١) ومعاينته عندَها الثمرة
(١) قوله: "ومعاينته عندها... " معطوف على قوله آنفًا: "عند رؤية زكريا...".