قولبه ١٤٣ - ﴿ مذبذبين بين ذلك ﴾ المذبذب المتردد بين أمرين والذبذبة الاضطراب يقال : ذبذبه فتذبذب ومنه قول النابغة :

( ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب )
قال ابن الجني : المذبذب القلق الذي لا يثبت على حال فهؤلاء المنافقون مترددون بين المؤمنين والمشركين لا مخلصين الإيمان ولا مصرحين بالكفر قال في الكشاف : وحقيقة المذبذب الذي يذب عن كلا الجانبين : أي يذاد ويدفع فلا يقر في جانب واحد كما يقال : فلان يرمي به الرجوان إلا أن الذبذبة فيها تكرير ليس في الذب كأن المعنى : كلما مال إلى جانب ذب عنه انتهى وقرأ الجمهور بضم الميم وفتح الذالين وقرأ ابن عباس بكسر الذال الثانية وفي حرف أبي متذبذبين وقرأ الحسن بفتح الميم والذالين وانتصاب ﴿ مذبذبين ﴾ إما على الحال أو على الذم والإشارة بقوله بين ذلك إلى الإيمان والكفر قوله ﴿ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ﴾ أي : لا منسوبين إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين ومحل الجملة النصب على الحال أو على البدل من مذبذبين أو على التفسير له ﴿ ومن يضلل الله ﴾ أي : يخذله ويسلبه التوفيق ﴿ فلن تجد له سبيلا ﴾ أي : طريقا يوصله إلى الحق
قوله ١٤٤ - ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ﴾ أي : لا تجعلوهم خاصة لكم وبطانة توالونهم من دون إخوانكم من المؤمنين كما فعل المنافقون من موالاتهم للكافرين ﴿ أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ﴾ الاستفهام للتقريع والتوبيخ : أي أتريدون أن تجعلوا الله عليكم حجة بينة يعذبكم بها بسبب ارتكابكم لما نهاكم عنه من موالاة الكافرين
١٤٥ - ﴿ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ﴾ قرأ الكوفيون ﴿ الدرك ﴾ بسكون الراء وقرأ غيرهم بتحريكها قال أبو علي : هما لغتان والجمع أدراك وقيل : جمع المحرك أدراك مثل جمل وأجمال وجمع الساكن أدرك مثل فلس وأفلس قال النحاس : والتحريك أفصح والدرك : الطبقة والنار دركات سبع فالمنافق في الدرك الأسفل منها وهي الهاوية لغلظ كفره وكثرة غوائله وأعلى الدركات جهنم ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية وقد تسمى جميعها باسم الطبقة العليا أعاذنا الله من عذابها ﴿ ولن تجد لهم نصيرا ﴾ يخلصهم من ذلك الدرك والخطاب لكل من يصلح له أو للنبي صلى الله عليه و سلم


الصفحة التالية
Icon